الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاتفاق الأمني... ماذا بعد؟

13 مارس 2013 23:08
عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا في أديس أبابا وقع وفدان من حكومة السودان وحكومة الجنوب، اتفاقاً أمنياً لم تعرف تفاصيله بعد، لكن أهم ما سرب منه وأصبح معلوماً أن الاتفاق يقضي بالتوافق على منطقة منزوعة السلاح في حدود البلدين وتشكيل لجنة مشتركة بين الحكومتين لمراقبة تنفيذ اتفاق المنطقة المنزوعة السلاح، مما اعتبره بعض المراقبين والمعلقين «خطوة حسنة» ربما ستقود إلى خطوة أكثر تقدماً، لحل القضايا العالقة بين الخرطوم وجوبا. ووفقاً لمصادر قريبة من مفاوضات أديس أبابا، فإن جدول أعمال الاجتماع لم يكن قاصراً على مشكلة المنطقة المنزوعة السلاح والمراقبة دولياً، وذلك حسب موقف حكومة الجنوب وطلبها في مرحلة سابقة من مجلس الأمن ضمن شكواها للمجلس على ما زعمت أنه حرب غير معلنة من حكومة السودان، واختراقات متكررة على أراضيها. هذا الأمر أنكرته الخرطوم رسمياً ووصفت القتال الذي كان دائراً في مديرية الوحدة (المجاورة لحدود السودان)، نتيجة صراعات واختلافات قبلية بين مسلحين معارضين لحكومة «الجنوب» وقواتها المسلحة في المنطقة محل القتال. وكانت الخرطوم ترفض أن يبعث مجلس الأمن بقوات دولية (لحراسة) الحدود بين البلدين. وقد تنازلت حكومة «الجنوب» عن طلبها الوارد ذكره وتوافقت مع وفد الخرطوم وتوصلت إلى الاتفاق الأمني، الذي يقضي بتشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراقبة تنفيذ الاتفاق الأمني الذي وقع قبل أيام. الاتفاق الأمني الذي وصُف بأنه (خطوة حسنة) من محاسنه، أنه سيوقف المناوشات العسكرية الفعلية التي شهدتها المنطقة وسيوقف المناوشات الكلامية المتبادلـة مؤخـراً بين القيـادة السودانيـة والقيـادة الجنوبيـة.. (هذا إذا صدقـت نوايـا الطرفين وملكا الإرادة والشجاعـة لتنفيذ الاتفـاق على أرض الواقع). في الأسابيع الماضية ارتفعت حدة التوتر بين الحكومتين لدرجة أن «سلفاكير» قد أعلن أنه أصدر أوامره لجيشه بالاحتشاد على الحدود مع السودان وصحبها بحديث سياسي صريح أعلن فيه أنه فقد الثقة والأمل في التوصل إلى اتفاق يحقق السلام بين البلدين وأنه ليس مستعداً للتفاوض إلى ما لا نهاية. وما أن أعلن عن اتفاق الطرفين في أديـس أبابـا انبرى -كالعادة- المحللـون السياسيـون والمعلقـون (سودانيون وعرب وأجانب)، بالحديث عن الضغوط الأميركية والأوروبية التي تعرضت لها الحكومتان (السودانية - والجنوبية)، وحتى الضغوط الأممية ممثلة بالأمين العام للأمم المتحدة، الذي أشاد بالاتفاق الأمني وأعلن استعداد الأمم المتحدة لمساعدة الطرفين إذا رغبا في ذلك. الحديث عن الضغوط الأميركية ليس فيه سر، فكل من يطالع الصحف أو يشاهد التلفزيون يعلم أن هيلاري قد تحدثت في آخر مؤتمر صحفي لها قبل مغادرة مبنى الخارجية الأميركية عن رغبة الإدارة الأميركية، ونصحت طرفي النزاع السوداني بضرورة الاتفاق والحفاظ على السلام الهش وتحقيق الاستقرار لبلديهما وشعبيهما، ولم يختلف موقف «كيري» عن موقف هيلاري، فتلك سياسة أميركية لا تتغير بتغير الوزراء. في رأيي أن «الضغوط الأشد وطأة» من الضغوط الأجنبية الذي يواجه نظامي الخرطوم وجوبا هو الضغط الداخلي الناتج عن الواقع المتردي اقتصادياً وسياسياً الذي فرض -وسيفرض- على البشير و«كير»، ذلك الضغط الذي وصل درجة الغليان ليس فقط من المعارضة الشعبية، لكن حتى من داخل حزبيهما. وصحيح أن خطوة الاتفاق على المنطقة المنزوعة السلاح (خطوة حسنة)، لكن الأصح أن القضايا العالقة بين جوبا والخرطوم كثيرة، وأخطر من منطقة منزوعة السلاح. لقد انفصل الجنوب عن السودان، لكن واقع الحياة والعيش المشترك لعصور بين الشمال والجنوب سيفرض عليهما أن يعيشا كجارين متوافقين على ما يحقق مصالح شعبيهما وهي كثيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©