الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكونغو.. زوجات الخنادق!

13 مارس 2015 22:17
توقعت «ألفونسين بيبيندو» أن تحيا حياة صعبة باعتبارها زوجة لجندي كونغولي. ولكنها عندما اقترنت بزوجها في سن الـ16 لم تتوقع مطلقاً أن تجد نفسها في الخنادق معه في إحدى المعارك. و«عندما يحدث هذا، فإنك لا تفكر في أي شيء آخر، حتى أطفالك»، هكذا تحدثت عن المواجهات العابرة التي تحدث ضد المقاتلين المتمردين. وهي كثيراً ما تزور زوجها في المواقع، حيث تنتشر وحدة القوات الخاصة التي يعمل ضمنها، لجلب الطعام له أو للحصول على راتبه. وعندما يندلع القتال، تجلس القرفصاء خلفه لتختبئ، وتقوم بملء بندقيته بالرصاص، وهو عمل تجيده وقد اعتادت عليه. وعن ذلك تقول: «إنك تبدأ في الشعور بالخوف، وإن كان اليوم يومك ستموت، وإن لم يكن ستظل على قيد الحياة». وعلى رغم ذلك، فإن «بيبيندو»، 24 عاماً، تقضي معظم الأيام في محيط أكثر هدوءاً، في معسكر «كاتيندو» بموقع هذه الثكنة العسكرية في شرق الكونغو. وتستطيع التعرف على مكان الموقع من العلامة المرسومة يدوياً على مكاتب القيادة وتحمل عبارة «القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية»، وإلا فلن تتخيل أن «كاتيندو» يضم جنوداً وأفراد أسرهم. فالموقع أشبه بمخيم للنازحين، ومعظم العائلات تعيش تحت هياكل مؤقتة مصنوعة من القماش المشمع والحديد المموج. وتعيش «بيبيندو» وزوجها في «كاتيندو» منذ ما يقرب من ثماني سنوات. وفي يوم الأحد من كل أسبوع يقضي الزوجان وأطفالهما الثلاثة الساعات الأولى من الصباح هنا. وتأخذ الزوجة استراحة من العمل في السوق حيث تقضي نهاية الأسبوع في بيع السمك والطماطم لزيادة دخل زوجها الذي يبلغ 85 دولاراً شهرياً. وهناك بعض العلامات التي تدل على حياة الجيش، حيث يجول الرجال مرتدين سراويل التمويه الخاصة بهم، بينما تسند بنادق الكلاشينكوف على الجدران. بيد أن معظم مظاهر الحياة في «كاتيندو» تبدو كالحياة اليومية في مدينة «جوما». ونادراً ما تتطرق الصحافة لهذا الجانب من الحرب التي تدور في شرق الكونغو، حيث يحظر على الصحفيين التقاط الصور أو إجراء مقابلات مع الجنود. ويخوض جنود القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية وعائلاتهم في شرق البلاد، وهي المنطقة التي تشهد أكثر النزاعات دموية منذ الحرب العالمية الثانية، صراعاً يومياً من أجل البقاء. وحتى في فترات الهدوء النسبي التي يشهدها شرق البلاد منذ نوفمبر 2013، عندما هزم الجيش حركة «إم 23» المتمردة التي سيطرت على «جوما»، فإن القتال لا يزال مستمراً، ما قد يضعف من معنويات الجنود. وغالباً ما تكون الثقة في ساحة القتال، وهي ربما العنصر الأكثر أهمية للبقاء على قيد الحياة، هشة. وقد بدأ العديد من الجنود تدريبهم مع القوات البلجيكية وهم في سن الـ16، وكانوا يعتقدون أن الحكومة ستعتني بهم بشكل كافٍ، لكن الأمر تحول الآن إلى ما يشبه عقداً -يستمر حتى سن الـ60- بالسجن مدى الحياة. أما الزوجات فهن من السكان المعرضين للخطر، ويتلقين مساعدات ضئيلة من الحكومة أو المنظمات غير الحكومية في «جوما». والعديد منهن يكافحن بمفردهن شهوراً عندما يتم نشر أزواجهن، ويتعين عليهن القيام برحلات محفوفة بالمخاطر من أجل الحصول على رواتب أزواجهن التي نادراً ما تصل في الموعد. إنها ليست بالحياة السهلة، ولكن بالنسبة لهذين الزوجين، فقد تغلبت علاقتهما على الصعاب التي كانا يتوقعانها منذ البداية. وفي الثكنات، تتقاسم «بيبيندو» وزوجها «ماندال» بيتاً صغيراً مع عائلتين أخريين، حيث يقسمون المساحة بملايات معلقة على أعمدة خشبية. وتسافر «بيبيندو» لرؤية زوجها عبر شاحنات للبضائع أو سيراً على الأقدام. وأثناء استيلاء جماعة «إم 23» على المنطقة، كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر على وجه الخصوص، حيث كان المتمردون أحياناً ما يستهدفون زوجات الجنود ويأخذوهن أسرى أو يغتصبونهن. بيد أنه كان يتعين على «بيبيندو» القيام بهذه الرحلات من أجل الحصول على راتب زوجها الذي تحتاج إليه الأسرة، وكذلك من أجل جلب الطعام الطازج لزوجها. ويدفع بأفراد وحدات القوات الخاصة في الكونغو للقتال والتدخل الاحتياطي، ولذا فإن فترات انتشارهم تكون وجيزة ولا تتعدى بضعة أيام أو أسابيع أو أشهر. أما القوات الأخرى، فيتم إرسالها إلى مواقع الدفاع الريفية لسنوات، بينما تظل الزوجات في منازلهن. وفي هذه الحالات، من الشائع أن تسافر الزوجات إلى قرية قريبة من موقع الدفاع الذي يعمل به الأزواج ويقمن مخيماً دائماً هناك. وفي بعض الحالات تقيم الزوجة وأطفالها مع زوجها في موقعه في خيمة تتسع لشخص واحد. سيمون جيروندو - شرق الكونغو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©