الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم محمد: خرجتُ من المسجد بعد الصلاة فلم أجد المتدربة ولا السيارة!

أم محمد: خرجتُ من المسجد بعد الصلاة فلم أجد المتدربة ولا السيارة!
8 أغسطس 2009 00:16
أم عصامية تحدت الظروف والعقبات والأمواج الكاسرة من أجل أن توفر عيشة كريمة لأبنائها الثلاثة بعد أن توفي والدهم بمرض عضال، فما كان منها إلا أن أحاطت فلذات أكبادها بحبها وحنانها ورعايتها، فأخذت تكافح وتكد وتكدح بصبر وعزيمة لتؤدي في النهاية رسالتها بأن تكون أما بمعنى الكلمة. «الاتحاد» التقت السورية أم محمد «سمر محمد سعيد»، لتلقي الضوء على جانب آخر من حياتها ألا وهو عملها كمدربة سواقة للنساء في مدينة العين . بداية المشوار تتحدث أم محمد عن سبب دخولها لهذا الميدان وتقول :» جئت إلى الإمارات منذ أن كان عمري 16 سنة فدربني زوجي على قيادة السيارة، لكونه كان مدربا آنذاك وحصلت على الرخصة وبالممارسة اليومية صرت أتقن فن القيادة فتقدمت لإحدى مدارس تعليم السواقة لأكون إحدى مدرباتها. وبعد أن اجتزت جملة من الاختبارات بدأت أزاول هذه المهنة منذ 15 سنة». جوانب مضيئة وقاتمة ولأن لكل مهنة إيجابياتها وسلبياتها تشرح أم محمد قائلة :» لا شك في أنني اكتسبت من خلال عملي خبرات ومهارات وعلاقات تستهلك السنين الطوال لاكتسابها. فقد درّبت آلاف النساء من مختلف الأعمار والجنسيات والثقافات والمستويات الاجتماعية، فاطلعت على أنماط تفكيرهن وأسلوب تعاملهن فقويت شخصيتي وزادت ثقتي بنفسي وكونت صداقات كثيرة حققت لي اندماجا أكبر مع هذا المجتمع الجديد بالنسبة لي. كما أنني أعيش فرحة كبيرة عندما أدرب إحدى النساء وتجتاز امتحانها بنجاح حيث بدأت معها من الصفر واكتسبت مني مهارات القيادة التي لا شك ستحدث تغيرا في حياتها». وتضيف :» أما الجوانب السلبية في عملي فتكمن في عدم وجود مظلات في أماكن التدريب تقي المدرب والمتدرب من أشعة الشمس الساطعة، بالإضافة إلى حالة الذعر والخوف والتوتر التي تلازمنا كمدربات طوال فترات التدريب، وذلك لكوننا ندرب من الصفر ونخشى أن يتسبب المتدرب في حوادث واصطدامات أثناء تدربه على القيادة في الشارع، وأعظم من ذلك كله أننا حين نتعرض لحوادث سير لسنا المتسببات به بل نحن المتضررات، لأننا نضطر لإصلاح السيارة مما يعني توقفنا عن العمل لأيام، ونتحمل وحدنا الضرر أوتوقف مردودها دون أن تشاركنا المدارس ذلك. أضف إلى ذلك أننا لا نملك حقا في الإجازات المرضية وغيرها، كما أننا نعاني من استهزاءات ومضايقات السائقين لنا على الرغم أنه من المفترض بهم أن يراعوا أن هذه السيارة لتعليم السواقة وأن المتدربة ما تزال تحبو في البدايات إلا أنهم يضايقونا بزواميرهم ونظراتهم وإشاراتهم وغيرها» . نظرة المجتمع تفيد أم محمد بأن نظرة المجتمع العربي لتعلم المرأة على قيادة السيارة قد تغيرت، فبعد حرمانها من ذلك واعتبار تعلمه عيبا في حقها، جرى الأمر على تشجيع كثير من الرجال لزوجاتهن أو المرأة بوجه عام على تعلم قيادة السيارة واقتناء سيارة أيضا تماشيا مع الظروف التي اختلفت عن ذي قبل، حيث صار الرجل يجد في تعلم زوجته لقيادة السيارة تخفيفا له من أعباء كثيرة لا يمكنه أداؤها لانشغاله بعمله كشراء حاجيات المنزل وإيصال زوجته إلى عملها وأبنائه إلى مدارسهم وإحضارهم منها. الطبيب والمريض وتشير: أشعر بأن العلاقة بيني وبين المتدربة كعلاقة الطبيب بالمريض وذلك لأن المتدربة تشعر بالرهبة والخوف عند تعلمها قيادة السيارة مما يتطلب مني أن أهدئ من روعها بل وأحاورها وأمازحها لترتاح من الداخل وتخفف من حالة التشنج التي تنتابها وكثيرا ما تتسبب لي هذه المعاملة بعلاقات ود وحب وصداقة بيني وبين المتدربة حتى تكاد تفضفض وتفشي بأسرارها لي بل وتطلب نصيحتي في كثير من الأحيان . حكايات لا تنسى تعرضت لمواقف وحكايات أثناء عملي يصعب علي نسيانها منها أنه طلبت مني إحدى المتدربات أن أقوم بتدريبها وكانت تشكو من خوف شديد مبالغ فيه، وكأنها حالة نفسية تنتابها عندما تجلس خلف المقود، وكنت أسمع زفير أنفاسها وضربات قلبها المتسارعة وبالذات عندما نقترب من الدوار ونريد تجاوزه كانت تبكي وتصرخ مذعورة فخفت عليها وقررت أن أساعدها على تجاوز مشكلتها فاقتربت منها وصادقتها وصرت أمازحها وأقول لها إننا سنذهب اليوم في مشوار للسوق أو التنزه وليس للتدريب، من أجل أن تهدأ وتسكن نفسها شيئا فشيئا، وبعد محاولات مريرة تغلبنا سويا على المشكلة وحصلت على الرخصة بجدارة. أذكر كذلك أنني استأذنت المتدربة بالوقوف لأنزل إلى المسجد دقائق معدودة لأصلي العصر، وبعد أن خرجت من المسجد بحثت عن السيارة والمتدربة فلم أجدها ولا السيارة فأصبت بالذعر الشديد ولم أعرف ماذا افعل، كما أني نسيت هاتفي المحمول وحقيبتي داخل السيارة وبعد 20 دقيقة كدت أفقد خلالها الوعي عادت السيارة والمتدربة، واكتشفت حينها أن المتدربة أحبت أن تستغل الوقت وتتمرن على الرجوع للخلف فوجدت نفسها خارج الطريق الذي كانت فيه فبدأت تبحث عن مسرب آخر يوصلها إلى حيث كانت!! أمتلك موهبة الرسم وتضيف: عندما أنتظر إحدى المتدربات وتتأخر علي استغل الوقت في الرسم فأنا أمتلك موهبة الرسم بالرصاص، كما أتقن الطبخ وعمل المجسمات والمناظر والخياطة وعمل الإكسسوارات وغيرها. صفات مدربة السواقة تقول أم محمد: يجب على مدربة السواقة أن تتحلى بالصبر والثقة بالنفس وقوة الشخصية فالمتدربة تكتسب ذلك منها وأن يكون لديها تركيز عال وسرعة في التصرف ودقة في المواعيد ولطف وبشاشة ولين تزيح بها الخوف عن قلب المتدربة . ولا يمكننا أن نعمم ونقول إن المدرب أفضل من المدربة أو العكس فهناك الجيد والسيئ من الجنسين وفي النهاية لكل أسلوبه في التدريب. وتلفت أم محمد النظر إلى أنها تعتبر هذه المهنة من وجهة نظرها لا تناسب المرأة لأنها تعتبر مجهدة وشاقة جدا وتسبب آلاما شديدة في الظهر وتلفا في الأعصاب وتستنزف وقت المرأة التي تبحث عن فتات الوقت لتمنحه لأبنائها. كما وتؤكد أم محمد على أن تعلم قيادة السيارة ليس له علاقة بمستوى المتدرب الأكاديمي أو الاجتماعي فلا يمكننا أن نقول إن الطبيب يتعلم قبل العامل أو العكس لأن الأمر في حقيقته يتعلق بمهارات المتدرب الحركية المتفاوتة بين متدرب وآخر.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©