السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النساء يتمسكن بحياكة «السدو» للمتعة وتوفير الرزق

النساء يتمسكن بحياكة «السدو» للمتعة وتوفير الرزق
8 أغسطس 2009 00:19
تعتبر «حياكة الصوف» أحد أقدم الحرف التقليدية في شبه الجزيرة العربية وفي قطر خصيصا ، حيث إن المواطن القطري عرف هذه الحرفة منذ قديم الزمن ولا يزال ممارسا لها ، وتدعم الدولة والمراكز التراثية هذا التوجه ، بحيث تبقى حياكة « السدو» موجودة ولو أن العصر قد تطور ولم يعد الإنسان بحاجة للمنسوجات في ظل توافرها بكثرة وتصنيعها واستيرادها من الخارج ، بنوعيات فاخرة وجيدة ومتنوعة وبأفضل الأقمشة على حسب الطلب ، ولكن البقاء على حرفة صناعة السدو ما هو إلا محافظة على التراث وهي الاستراتيجية التي تعمل بها دولة قطر ، حفاظا على الهوية العربية الأصيلة والطابع الخليجي في صلب المجتمع وعدم السماح لانصهاره مع موجة التغريب وتأثيرات العولمة ، منعا لضياع الأصالة والموروث الشعبي . وفي حقيقة الأمر إن هذه الحرفة تعطي انعكاسا عن شظف العيش الذي كان يعانيه المواطن الخليجي والبدوي الذي يعيش في صحراء جرداء بشبه الجزيرة العربية، لذا استغل كل الموارد الطبيعية المتاحة أمامه ، ولم يترك منها شيئا، وتكيف مع المعطيات التي حوله وطوعها لصالحه . حرفة قديمة تتميز البداوة بعادات وتقاليد أملتها طبيعة بيئتهم «الصحراء»، وهي نمط معيشي يعكس كفاح الإنسان للتأقلم مع البيئة القاسية والانتفاع بما تجود به ، وهذا لا يعني أن الكفاح هو بصناعة يدوية للمنسوجات بقدر ما هو القدرة على استخراج أشياء صالحة للاستخدام من العدم ، ولعل طريقة صنع السدو ، والنسج فيه ، ما هي إلا طريقة إبداعية متناهية ، لا يمكن للمرأة في العصر الحالي صناعتها أو التعامل مع جهاز السدو اليدوي إلا بتعليم مستمر ، وأخذ دورات قد تستمر شهورا طوالا دون أن تستفيد شيئا ، إلا بالتجريب العملي ، وتتوارث النسوة القطريات هذا الفن من أمهاتهن وجداتهن ، ولا يزلن يحافظن عليه دون سواهن من نساء دول الخليج التي تنتشر بينهن هذه الحرفة القديمة التي لم يعد لها وجود إلا فيما ندر ، وهذا هو الشيء الذي يجعل صناعة السدو غريبة ، لأن لا حاجة لها الآن ، ولكن توارثها ، والعمل فيها ما هو إلا تأصيل للموروث الشعبي والاجتماعي القديم وتجديده ، وفق إطار الزمن الحديث . حس فني وكرد فعل على صرامة البيئة الصحراوية، تستعمل المرأة البدوية الألوان الصارخة كالأحمر والبرتقالي في منسوجاتها، وهي بذلك تعكس حساً فنياً وذوقاً جمالياً فطرياً• وقبل شيوع الأصباغ الكيماوية، كانت نساء البادية تستعين ببعض النباتات الصحراوية في تلوين الأصواف مثل العرجون، وهو نبات بري حولي يعطي لونا برتقالياً مائلاً إلى الأصفر ، وترتكز أهم النقوش المستعملة على أشكال هندسية، تعتمد على مبدأ التناسب والانتظام، تأثراً بالتناسق العام للجسد الإنساني، وبالتكرار المنتظم في الطبيعة مثل تعاقب الليل والنهار وتوالي الفصول، وفي امتداد أفق السهول والرمال• ويتجلى ذلك في الحياكة اليدوية في الخطوط الأفقية المتوازية المميزة لنقوش السدو، الحاوية لأشكال هندسية مبسطة، تظهر -غالباً- في صورة مثلثات أو نقاط أو هرميات صغيرة متكررة . مصدر رزق وتضيف المرأة في البادية الكثير من اللمسات الجمالية إلى منسوجاتها، مثل المزاود والخروج والقواطع، وتزينها بالدرز والكراكيش والجدائل الملونة أو بالودع والجلود، ولم تدخل الصناعة الحديثة إلى حرفة السدو لغاية اليوم ، بل إن طريقة النسج والصباغة لا تزال هي نفسها في قطر ، حيث تشرع النساجة إلى صنع كل شيء يدويا ، وتركيب الأصباغ لتغيير الألوان حسب ما تريد أو حسب ما تخترع من أشكال ، ولو أن صناعة « بيت الشعر « لم تعد موجودة ويكتفين بصناعة المنسوجات والمفارش والوسائد ، والسجاد الطويل اليدوي وعليه طلب كبير ، وتدر هذه المهنة والصنعة الكثير من المال على صاحبتها ، وعلى التجار الذين يعملون بها ، حيث إن الأسواق مليئة بالمصنوعات الشعبية ، كما أن النساء العاملات في هذا المجال يتقاضين رواتب جيدة نظير التعب والمشقة التي يتكبدنها في صنع كل سجادة أومفرش . ولا تفكر النساء في ترك هذه المهنة لأنها مصدر رزقهن ، ويستمتعن بها ، وتدعمهن الدولة في هذا التوجه . وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصناعة متميزة في الدوحة ، ويوجد عليها إقبال كبير ، ولا يمكن أن تندثر في ظل جهود الجهات الرسمية والمختصة على الترويج لها وتذليل الصعاب أمام اللواتي يعملن بها ، بحيث توفر لهن المقار الخاصة ، والأدوات وتصرف لهن الرواتب ، وتباع منسوجاتهم ، وتشترى منهن كدعم مادي ومعنوي لهن ، لذلك ازداد الإقبال على هذه الحرفة التقليدية.
المصدر: الدوحة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©