الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احترام النظام والقانون ينمي الحس الوطني لدى الأبناء

احترام النظام والقانون ينمي الحس الوطني لدى الأبناء
14 مارس 2012
ما من شك في أن الطفل يحتاج إلى التوجيه والتصحيح، عندما يخرج عن الإطار المألوف للسلوك أو النظام العام، فالأمر يتوقف على قدرتنا نحن الكبار على أن نجعله لا يخجل من نفسه، وكيف نزرع الثقة في ذاته، وأن نجعل من سلوكنا نحن نموذجاً يحتذي به الأبناء، ولا سيما في طرق وأساليب تعاملنا مع النظام العام، والقوانين السائدة التي تنظم وتضبط إيقاع المجتمع، وتنظم مظاهر حياته العامة، ومنها قواعد السير، وآداب المرور، والإحساس بالشأن العام والمصلحة العامة للمجتمع، وعلينا أن ندرك أن تنمية أي مشاعر أو اتجاهات إيجابية، وتنمية الحس الوطني لدى الصغار، يبدأ من كيفية إكسابهم قيمة احترام القانون والنظام. خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ هناك فئة عريضة من الآباء يتنصلون من مسؤوليتهم التربوية في رعاية ومتابعة أبنائهم، وتنشئتهم الاجتماعية السليمة، خلف أسباب وحجج وتبريرات عديدة. فالتنشئة الاجتماعية حسب مفهومها الاجتماعي ما هي إلا تدريب الأفراد على أدوارهم المستقبلية، ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، وتلقينهم القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد والعرف السائد والنظام في المجتمع لتحقيق التوافق بين الأفراد والمعايير والقوانين الاجتماعية، مما يؤدي إلى خلق نوع من التضامن والتماسك في المجتمع، وهذا يتم من خلال عملية اكتساب الأطفال الأحكام الخلقية، والانضباط الذاتي حتى يصبحوا أعضاء راشدين في المجتمع. أي أنها عملية تعلم وتعليم وتربية، تقوم على التفاعل الاجتماعي، وتهدف إلى إكساب الطفل سلوكاً ومعايير واتجاهات تيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية. وهذه التنشئة تساهم فيها أطراف عديدة، في مقدمتها الأسرة. ومن المؤكد أن الأبناء لن يكتسبوا هذه القيم بمعزل عن الكبار والآباء أو أن نتوقع منهم سلوكاً نموذجياً من دون أن يكتسبوه مباشرة من الآباء. ولعل سلوكيات الكبار فيما يخص الوعي المروري، والثقافة المرورية، والالتزام بقواعد السير، وآداب المرور، إنما هي “ثقافة مجتمعية”، على الآباء غرسها في نفوس الصغار منذ وقت مبكر، وهذا لن يتأتى إلا بأن يكونوا هم أنفسهم نماذج إيجابية، ومثلاً عليا أمامهم. مسؤولية زهرة سعد الله، أم “موظفة”، ترى أن مسؤولية الأب والأم والأسرة لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي وتوفير الحاجات الحياتية للأبناء فحسب، بل إن التربية مسؤولية شاملة، أهمها تعليم وإكساب الأبناء الأخلاق، وتوجيههم نحو السلوكيات الصحيحة والإيجابية، والعادات والصفات الحسنة، ونظام المجتمع وتقاليده، ولكي تتكلل الجهود بالنجاح لا بد من تعاون الأب والأم، والتفكير معاً، وبذل جهدهما لإنجاح العملية التربوية، وأظن أن إكساب الطفل قواعد وآداب السير أمر مهم، لأنها مسألة ترتبط بعلاقة الابن بالناس والشارع والمجتمع الذي يعيش فيه، ولا يمكن أن يتعلم الجوانب الإيجابية الصحيحة إلا إذا كان الكبار له قدوة يحتذي بهم”. كذلك يقول هاشم النعيمي صاحب “أعمال خاصة”:” أسبوع المرور مناسبة جيدة يمكن من خلالها أن نعلم ونكسب الأبناء خبرات وسلوكيات إيجابية عديدة، ولا يمنع من أن يكون هناك نقاش أو حوار أسري واضح، يشمل جميع الأبعاد الحياتية المختلفة، من حين لآخر، وأن يتحدث الوالدان في مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومواضيع الشأن العام كاحترام قواعد وآداب المرور، وينبغي أن نعلم الطفل أموراً يستفيد منها في المستقبل. كما نتحدث إليه في الجوانب الدينية والأخلاقية والآداب والتقاليد الجيدة والطرق الصحيحة للحصول على منفعة معينة، فطريقة التنقل والتعامل مع القوانين والأنظمة لا تقل أهمية عن الجوانب التي ذكرتها، ولابد أن نهتم بتنمية طاقات الطفل واستعداداته حتى يتمكن من السير في طريق تكامله، فتعليمه النظام أمر يتفق ومسؤولية تنمية الفطرة والأخلاق والسلوك الإيجابي لديه، ويجب على الأب أن ينمي الأخلاق الحسنة بإكسابه قيمة الامتثال للنظام السائد”. كما تقول فاطمة محمد “موظفة”: “على كل أب ألا يكتفي بتوفير لقمة العيش والملبس والمسكن، فتعليم الأبناء يشمل كل مناحي الحياة، وخبراتها، فالرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “لجلوس أحدكم مع عياله ساعة أحب وأفضل من عبادة في مسجدي هذا”، ولا يمكن للصغار أن يتعلموا آداب التعامل أو الامتثال للنظام والقوانين العامة وهم يرون آباءهم يفعلون عكس ما يقولون، فلا يطلب من الشاب أو المراهق أن يمتثل لضوابط السرعة أو عدم رمي المخلفات من السيارة أو يتحدث في المحمول أثناء القيادة، ثم يطلب من ابنه أن يفعل ذلك، لابد أن يكون هناك منطق، والمنطق يقول يجب على الأب أن يكون قدوة يحتذي به الطفل”. عفرة رشيد “ربة منزل” تؤكد أهمية فاعلية دور الأب وفهمه لمسؤولياته وحدودها، وتقول:” المشكلة في الاعتقاد الخاطئ الذي وضعه الأب لنفسه من حيث تمضية أكبر وقت مع أفراد أسرته ومتابعة احتياجاتهم وشؤونهم المختلفة، ومتابعة سلوكيات أبنائه، وأهمية أن يكن قدوة لهم، فتربية الأبناء من جميع الجوانب ليس بالأمر السهل بل هي مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأسرة. إن تعليم النظام واحترام القوانين جزء لا يتجزأ من تعليم وغرس حب الوطن في نفوس الصغار، فكما يتعلمون النشيد الوطني، وتاريخ الإمارات، علينا أن نعلمهم كيف يمتثلون للقوانين المعمول بها، والتي تنظم حياتنا بشكل عام”. مبادئ تربوية يشير فيصل الخليفة “موظف” إلى أهمية استثمار التوعية المرورية في إكساب الأطفال القيم الإيجابية في المجتمع، كاحترام ذوي الاحتياجات الخاصة، فإذا قرأ الأب للطفل مثلاً العبارة التي نشاهدها في بعض المواقف، وتقول:” إذا أردت أن تأخذ مكاني فخذ إعاقتي”، فعلى الأب أن يوضح للصغير معنى العبارة، ولماذا يحترم خصوصياتهم، ولماذا يكفلهم المجتمع بنظامه وقوانينه. فاحترام النظام والقوانين أساس لتكوين الإحساس بالانتماء، والوطنية، وحب الوطن، وعلى الآباء والمجتمع بأسره السعي نحو تكريس هذه الثقافة لدى الأبناء. يضيف عبد الرحمن أحمد الهرمودي، مساعد مدير مدرسة المستقبل في أبوظبي، “مما لا شك فيه أن تعليم الصغار أهمية الالتزام والانضباط واحترام القوانين العامة، ومنها قانون السير والمرور، يمثل أهمية خاصة في تكوين مشاعر الانتماء والولاء للوطن، وتنمية الحس الوطني لديهم منذ وقت مبكر، فعن طريق ذلك يكتسب الطفل قيم النظام والانضباط، وحب المجتمع، والحفاظ على صورته وكيانه. ومن المؤكد أن سلوكيات الكبار تمثل نموذجاً لهؤلاء الصغار، وعلينا أن نحرص أن نكون لهم قدوة، وليس العكس، ونشجعهم على كل السلوكيات الإيجابية ونثيبهم عليها، ونوضح لهم لماذا نتمسك بها على أنها قيم عليا تعلي من شأن وطننا، فضلاً عن أهمية دور المناهج المدرسية والأنشطة الطلابية اللاصفية في التوعية ونشر الثقافة المرورية”. أهمية غرس ثقافة الانضباط يؤكد الخبير النفسي واستشاري العلاقات الإنسانية الدكتور فؤاد أسعد، أهمية غرس القيم الإيجابية في نفوس الصغار من خلال إكسابهم مهارة الامتثال للقوانين والتقاليد، وذلك من خلال الاحتكاك اليومي المباشر، وتكوين نماذج القدوة الحسنة والمثل الأعلى والمحاكاة والتقليد، فالطفل يتوحد ويندمج ويقلد ويتعلم من أسرته ومحيطه المجتمعي بشكل مباشر، ولا شك في أن سلوكيات الكبار ودرجة انضباطهم والتزامهم كافة المعايير والقوانين والأنظمة ستكون المعيار الأهم الذي يستند إليه الأطفال، ويكتسبون من خلاله مهاراتهم وخبراتهم اليومية، من دون أن يفوتنا أن تنمية الحس الوطني ومشاعر الانتماء والولاء للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد تبدأ وتتأسس من خلال امتثاله وانصياعه عن قناعة ورضا للقوانين والأنظمة المعمول بهاكافة، ومنها قانون آداب المرور وقواعد السير، فكما يكتسب الطفل آداب المائدة وآداب الحوار وآداب الاتصال مع الآخرين، يكتسب أيضاً آداب السير واحترام قوانينه من المجتمع الذي يعيش فيه، ففاقد الشيء لا يعطيه، فالوالد يجب أن يطلب من الطفل أن يعبر الشارع من المكان المخصص لذلك، وأن يكون هو الطفل قدوة في ذلك، وألا يرتكب هذه المخالفة. فاحترام القانون والنظام قيمة عليا مكتسبة، ومن ثم على الأسرة والمدرسة والمجتمع أن تعمل على إعلاء هذه القيمة، فالانضباط يكسب الفرد الإحساس بالرضا، وأهمية الاندماج والتعايش مع الآخرين، حتى يدرك أنه جزء لا يتجزأ من قيم ونظام وكيان المجتمع بأسره، ومن ثم تنمو لديه جميع المشاعر الوجدانية التي ترتبط بحب النظام، والعمل، وحب الوطن، وبالتالي سيصبح مدافعاً قوياً عن تلك القيم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©