الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجابري...فقيد الفكر العربي

الجابري...فقيد الفكر العربي
4 مايو 2010 01:07
يوم أمس الاثنين انتقل إلى رحمة الله المفكر العربي الكبير د. محمدعابد الجابري. أحد أبرز الرموز المشعة على الساحة الفكرية العربية، الذي وافته المنية بمنزله في مدينة الدار البيضاء عن عمر يناهز 75 عاماً. وُلد الجابري عام 1935 بمنطقة فجيج قرب مدينة وجدة الحدودية (مع الجزائر). ودرس تعليمه الابتدائي والثانوي بطريقة حرة في مدارس الحركة الوطنية، قبل أن يعمل بالتدريس في المراحل الأساسية من التعليم. التحق بحزب "الاستقلال المغربي" مبكراً، وانضم إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي تفرع منه، وكان عضواً مؤسساً في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لدى تأسيسه في مطلع الستينييات. عمل محرراً في صحيفتي "العلم" و"المحرر"، وفيهما بدأت شهرته المحلية كاتباً جميل الأسلوب، رشيق العبارة. بعد نيله للثانوية العامة (الباكولوريا) العلمية، انتقل إلى سوريا للدراسة، لكنه عاد بعد عام واحد للمغرب، والتحق بقسم الفلسفة الذي تخرج منه بشهادة الدكتوراه عام 1970 بأطروحته حول "العصبية والدولة لدى ابن خلدون". قام الجابري بالتدريس في جامعة محمد الخامس بالرباط دون انقطاع من سنة 1967 إلى سنة 2002 ، فخرج أجيالاً متتالية من كبار أساتذة الفلسفة ومن ابرز المفكرين العرب. وترك الفقيد تراثاً فكرياً ضخماً يصل إلى 32 كتاباً، تتوزع ما بين الكتابات الفلسفية المتخصصة والدراسات الفكرية حول التراث العربي الإسلامي والدراسات الاجتماعية والسياسية والتربوية. من أبرز كتبه : "العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي"، "مدخل إلى فلسفة العلوم" ، و"الخطاب العربي المعاصر"، و"نحن والتراث"، و"تكوين العقل العربي"، و"بنية العقل العربي"، "والعقل السياسي العربي"، و"العقل الأخلاقي العربي"، و"التراث والحداثة"، و"المشروع النهضوي العربي" ، و"ابن رشد: سيرة وفكر"، و"الدين والدولة وتطبيق الشريعة"، و"مدخل إلى القرآن". وقد ترجمت بعض هذه الأعمال إلى اللغات العالمية الرئيسية، كما حصلت على العديد من الجوائز العربية والدولية، وكتبت حولها الكثير من الرسائل الأكاديمية والدراسات الفكرية. وانضم الجابري إلى أسرة صفحة "وجهات نظر" منذ عام 2002،و قد دأب على كتابة مقاله الأسبوعي بانتظام يوم الثلاثاء من كل أسبوع، مقدماً عصارة فكره النير إلى القارئ العربي عبر هذه الإطلالة التي قدمت إضافة نوعية إلى منبر الرأي في صحيفتنا. وقد تناول الجابري في مقالاته أهم القضايا التي تهم المثقف العربي،كما قدم فيها رؤيته لموضوعات الساحة ومستجدات الوضع على الساحة العربية. "الاتحاد" تنشر المقال الأخير للفقيد الكبير بعد يوم واحد من رحيله، وكان قد أرسله للنشر قبيل وفاته بوقت قصير. وإلى جانب هذا المقال تنشر مقالين تأبينيين بقلمي كاتبين عربيين عرفاه عن قرب، ينتميان لجيلين مختلفين، هما: المفكر المصري الكبير د.حسن حنفي، والكاتب الموريتاني د. السيد ولد أباه. وكان د. حسن حنفي قد اشترك في حوار ممتع وثري مع الجابري في نهاية الثمانينيات حول موضوعات شتى، ونشر باسم "حوار المشرق والمغرب"، ونال صدى واسعاً. وعلى الرغم من اختلاف المفكرين من حيث الرؤية والمنهج، إلا أنهما كانا صديقين حميمين يتبادلان الاحترام والإعجاب، ويوحد بينهما هم الفكر ووحدة الاختصاص. أما ولد أباه فقد تتلمذ على يد الجابري، وكتب عنه عدة دراسات منشورة. "الاتحاد" تنعي أسرة الفقيد العزيز والشعب المغربي بكامله، والوسط الثقافي العربي بمختلف مكوناته، داعية للراحل بالرحمة ولذويه الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©