الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أنغام من الشرق» أصالة الإبداع على مسارح أبوظبي

«أنغام من الشرق» أصالة الإبداع على مسارح أبوظبي
4 مايو 2010 21:12
يقول الفيلسوف الألماني نيتشه: “الموسيقى كـ(فن) بين الفنون تمثل كل الفن، وهي الفن المزدهر خارج الزمن تبقى هي المنقذ”. ويقول بيتهوفن: الموسيقى هي الحلقة التي تربط الروح بالحس. وقال جوته: “كل الفنون تسعى لكي تكون موسيقى”. ويقول شكسبير في الموسيقي: إذا خلت نفس إنسان من الموسيقى وانعدم تأثره باتحاد الأصوات الرخيمة كتب عليه: لا يصلح إلا للمخادعة ونصب الحبائل للناس والإضرار بهم، فتخور عزيمته وتموت مشاعره وتظلم عواطفه كالليل الدامس ويكون فاقداً للأهلية لأن يوثق به. من هذا المنطلق، آمنت أبوظبي بالموسيقى، فاتخذت الألحان شعاراً لها، تطلقها كلما رغبت بحراك ثقافي يغير وجه المدينة ويفرح ساكنيها وزوارها. غذاء الروح “أبوظبي تغني”.. هكذا قال أحد الزوار في وصفه لهذه المدينة الساحلية التي أصبحت منبر الفن والموسيقى والثقافة في العالم، وقبلة الباحثين عن غذاء الروح. هذه المدينة تستضيف خلال السنة، عشرات الفعاليات الموسيقية والفنية والطربية، فما إن تنتهي فعالية حتى تبدأ أخرى، لتغزل سلسلة من الإبداع المتواصل، وتمسك بخيوطها هيئة أبوظبي للثقافة والفنون، والتي أخذت على عاتقها أن تكون مركز الموسيقى والألحان على مستوى البسيطة، لتكون مسرحاً للعالم. فقبل أيام قليلة، انتهى المهرجان العالمي “ووماد”، والذي استضافته أبوظبي لمدة ثلاثة أيام، لتستقبل غداً فعاليات مهرجان “أنغام من الشرق”، الذي يبلغ عقده الثالث هذه السنة وقد اكتسب المهرجان على مدى الدورتين السابقتين شهرة كبيرة، وصار لزاماً على هيئة أبوظبي للثقافة والفنون أن تخرج به في ثوب مميز عن سابقيه.. وأن تحافظ على المستوى الرفيع للمهرجان الذي يحتفي بالطرب الأصيل، ويعود بنا إلى زمن الفن الجميل. وستقام فعاليات “أنغام من الشرق” على مسارح أبوظبي، ويحيي لياليها أكثر من 14 فناناً وموسيقياً من الإمارات العربية المتحدة ولبنان وسوريا وإيران والمغرب وتونس ومصر والأراضي الفلسطينية. موسيقى الشرق وتتضمن ليلة الافتتاح مختارات من الطرب الخليجي الأصيل، يؤديها الفنان سعيد السالم بمشاركة الفنان التونسي لطفي بوشناق وفرقة موسيقية إماراتية. كما سيشهد المهرجان في هذه الدورة مشاركة الفنان صباح فخري والفنانة كريمة الصقلي، إلى جانب أوركسترا “ميستو” والفنان الفلسطيني - الأميركي سيمون شاهين، الشهير بعزفه على العود والكمان، ويشارك أيضاً في هذه الدورة عازف العود المصري مصطفى سعيد والمغني والعازف اللبناني أحمد قعبور والمطرب المصري مدحت صالح، بمرافقة أوركسترا يقودها المايسترو عمرو سليم. وتستقبل أبوظبي نسيمة شباني سفيرة التراث الأندلسي التي تجمع الأشعار الصوفية المغربية التقليدية مع مؤلفات خاصة من إبداعها. وسوف تشهد هذه الدورة الليلة عدداً من مطربي الفن الأصيل في الوطن العربي، من بينهم، وعد بوحسون وعايشة رضوان وريما خشيش وكنعان العظمة. وستكون الليلة الختامية مع الأمسية الإيرانية، والتي ستستقبل مجموعة من الموسيقيين الإيرانيين الشبان وفرقة “ازار بانج إلايرانية”. وعلى هامش المهرجان، سوف يتم عرض مجموعة من الأفلام التسجيلية من بينها “كسر جدار الصمت” لسيمون برتون، وهو فيلم يستكشف الموسيقى الصوفية في الإسلام، ويقدم أيضاً “الموسيقى في أفغانستان”. وستلقي الفنانة مانويلا كورتيس جاريسيا “الإسبانية” محاضرة عن الموسيقى في الحقبة الأموية في إسبانيا، بمساعده الفنان مصطفى سعيد. وهذه الفعاليات ستقام بالتعاون مع بيت العود وجامعة زايد وجامعة السوربون وجامعة نيويورك. مؤتمر إطلاق المهرجان وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر أمس الثلاثاء على خشبة المسرح الوطني في أبوظبي، تم الإعلان عن إطلاق الدورة الثالثة من “أنغام من الشرق”، غداً الخميس الذي يمتد من 6 إلى 16 مايو الجاري، ويستضيفه قصر الإمارات، وأيضاً مسرح أبوظبي - كاسر الأمواج الذي يستضيف محاضرات تقام على هامشه. وفي كلمة ألقاها عبدالله العامري مدير إدارة الثقافة والفنون، أكد أن مهرجان “أنغام من الشرق” يعكس الدور الكبير للعاصمة الإماراتية أبوظبي في تعزيز قيمة الفن العربي والشرقي وتأكيد حضوره الفاعل على مستوى المنطقة والعالم، حفاظاً على الإرث الغنائي والموسيقي العربي والشرقي، وسعياً إلى إعادة إحياء روائعه من جديد وتقديراً لكبار الفنانين الذين ساهموا طويلاً في إمتاع الجماهير العربية بالطرب الأصيل. وأضاف العامري: الدورة الحالية من المهرجان تشكل حلقة مهمة في سلسلة مبادراتنا الجادة لتكريم كبار الفنانين من أصحاب التجارب العريقة في الإبداع غناءً ولحناً، ودعم المواهب الصاعدة والتي رسمت لنفسها خطاً للإبداع من خلال السير على خطى مبدعين كبار ليستلهموا منهم ألق التجربة وسحر الحضور، فتبرزُ أمام أنظارنا مضمخةً بعبق التراث الغنائي العريق لهؤلاء العمالقة، مؤكداً أن الأحداث والفعاليات التي يحفل بها هذا الملتقى الفني المتميز تؤكد صدق وعد أبوظبي بإثراء منجز الفنون والغناء العربي والشرقي وتزويد كل من يحضر فعاليات هذا الملتقى غير المسبوق، أو يعيش تجربته الساحرة، بكل الامتلاء الذاتي وأقصى المتعة الفنية الممكنة من خلال إرضاء ذائقته التواقة إلى الموسيقى الساحرة والغناء البديع اللذين عُرفت بهما منطقتنا، وعُزفت بهما الألحان والأغنيات التي تناقلتها الأجيال وحفظتها الأسماع وحفرتها الذاكرة. وحول عدد دورات المهرجان، قال العامري إنه لم يتم تحديد مشروعها لفترة زمنية محدّدة، مولياً التنويع في تقديم الأنماط الفنية على عدم الوقوع في التكرار، أهمية أكبر من تحديد دورات معينة لهذا المهرجان. وقال: “ابدأ المهرجان لا لينتهى إنما ليدعم ويقدم الموسيقى العربية مشكلاً نافذة حقيقية للمحافظة على تراثنا الموسيقي العربي”. باعث للتفاؤل مصطفى سعيد تحدث وهو يلامس آلة العود بعد أن عزف مقطوعة صغيرة، مشيداً بمهرجان “أنغام من الشرق” لكونه وحده يهتم بأكثر من نمط موسيقي مما جعله مميزاً عن سواه. كما لفت إلى جمعه بين العنصر الشاب و”المخضرم” من كافة أنحاء المنطقة. وقال: “قد شبعنا كلاماً، على لسان البعض، بأن منطقتنا تتجه من سيئ إلى أسوأ، وما أراه في هذا المهرجان باعث كبير للتفاؤل”. ونأمل من خلال متابعاته في بيت العود أبوظبي التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث وورش العمل مع “أنغام من الشرق” في المساهمة في مجال التعليم والتثقيف الموسيقي الذي تقوم به أبوظبي، مما يؤهل لتحقيق نهضة في العالم العربي على غرار النهضة العربية التي تحققت في العصر العباسي. ويذكر أن مصطفى سعيد سوف يشارك في المهرجان، بالإضافة إلى الحفل مع فرقته، بورش عمل تثقيفية على هامشه. “يا سيدي” أما الفنان سعيد السالم، الذي طال انتظار الجمهور لإطلالته، فقد تحدث عن حفل الافتتاح الذي سيجمعه بالمطرب التونسي لطفي بوشناق، لافتاً إلى أنه سيقدم أغاني قديمة من التراث الإماراتي لمكانتها في قلوب الإماراتيين، وقد أداها سابقاً فنانون كبار من الإمارات. وبينها أغنية “يا حبيب القلب” وأغنية “سيدي” التي سيؤديها مع المطرب بوشناق “ديو” في ختام الحفل. ورداً على سؤال “الاتحاد” حول غيابه المتقطع بإطلالات لا تستمر طويلاً، مما يدفع بالإماراتيين بمطالبته بالاستمرارية، فقد أشار إلى شؤون شخصية - كان قد أشار إليها في مناسبات سابقة - دفعته إلى هذا الغياب، ولم يخف عن جمهوره أنه من النوع الذي يتأثر كثيراً بما يجري معه وحوله. وعن سبب عدم تقديمــه لأغنيـة خاصة له في الحفل، أشار إلى أن “يا سيدي” قد غناها هو بتوزيع مجدّد لها، وتعتبر من أغانيه. بوشناق يتأخر وقد وصل لطفي بوشناق متأخراً بعض الشيء من غير قصد، وحين تساءلنا عن السبب، أفاد بأنه وصل المطار الساعة الخامسة فجراً، ولم يتسن له الوقت كي يرتاح، إنما أصر على حضور المؤتمر الصحفي. بوشناق يشارك في المهرجان للمرة الثانية، حيث كانت الأولى في حفل “تحية إلى سيد درويش” العام الماضي مع إيمان البحر درويش، ولا ينسى كيف ألهبا الأرض بصوتيهما في الختام بأغنية الراحلة داليدا “سالمة يا سلامة رحنا وجينا بالسلامة”. ورأى أنه لا بد من تدعيم هذا المهرجان في مقابل ما يحدث في العالم العربي، متمنياً أن تكون كل المهرجانات - كما “أنغام من الشرق” - لتعبّر عن ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا؟ واعتبر أنه مهرجان يساهم في تقديم الفنانين العرب بما يليق بهذه الأمة. ورداً على سؤال حول اختياره الميل نحو الصوفية في اختياراته الغنائية، أشار بوشناق إلى أن كل أنواع الموسيقى هي غناء صوفي، لافتاً إلى أنه على كل فنان حين يرتقي خشبة المسرح أن يرقى إلى عالم آخر، إلى مراحل أرقى نحو الصوفية، وبالتالي كل غناء بوسعه أن يكون صوفياً أو نوعاً من الصوفية. بدايات الأغنية في الإمارات تصدر إدارة الثقافة والفنون في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ومن خلال مهرجان “أنغام من الشرق”، كتاب يرصد بدايات الأغنية في الإمارات، والذي قام بتأليفه جابر جاسم، بعنوان “رحلة الريادة من أبوظبي إلى الإذاعات العربية”، حيث يمثل جابر صوت الإمارات الأول برصيد بلغ نحو 90 أغنية في ثلاثة عقود. ومن خلال هذا الكتاب الأول من نوعه من حيث تناوله الأغنية الإماراتية، سعت هيئة أبوظبي للثقافه والتراث لكي تعيد إلى الذاكرة تجربة الفنان الإماراتي جابر جاسم، الذي حقق بجهوده وموهبته حضوراً فنياً مميزاً من خلال عناوين أغانيه التي لا تزال محفورة في ذاكرة الأجيال. إرث الموسيقي العربية والشرقية أُسس مهرجان “أنغام من الشرق “في عام 2008 تحت رعاية هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ليكون المهرجان الأول خليجياً وعربياً، الذي يحافظ على الإرث الموسيقي العربي والشرقي، ويُعيد إحياء روائعه من جديد. كما يعتبر المهرجان الأول الذي يدعم المواهب الصاعدة التي رسمت لنفسها خطاً من الإبداع الموسيقي، وكذلك في تكريم كبار الفنانين والمبدعين والعمالقة من أصحاب التجارب العريقة في الغناء العربي
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©