الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراخ الأمهات في وجه الأبناء شرخ في جدران الأسرة

صراخ الأمهات في وجه الأبناء شرخ في جدران الأسرة
9 يناير 2012
كثيراً ما تفقد الأمهات أعصابهن في التعامل مع أطفالهن، ومهما حاولت الأم التماسك أو التذرع بالصبر من طيش ابنها وتصرفات ابنتها، إلا إنها تثور في لحظة معينة تفقد أعصابها ويعلو صوتها بصراخ متكرر لا ينتهي إلا بعد ضرب أطفالها ضرباً مبرحاً. وظاهرة الصراخ المستمر للأم طوال اليوم لا يكاد يخلو منها بيت أو تنجو منها أسرة لديها أبناء في مختلف المراحل التعليمية، خاصة عندما تتقارب أعمارهم، مما يؤدي إلى كثرة النزاع بينهم على الكثير من الأشياء سواء داخل محيط المنزل أو خارجه. قال علماء النفس إن الهدوء والصبر فضيلتان يتعلمهما الطفل من والديه، فإذا كانت الأم دائمة الصراخ والعصبية فان الطفل يتأثر بهذا السلوك وتتسم لهجته وتصرفاته بالحدة والعصبية أيضا، لذلك كما هو معروف إن صراخ الأم يكون في معظم الأحيان نوعا من التعبير عن الغضب، والطفل عادة لا يحب أن يشعر أن أحد والديه في حالة غضب لإنه يعتقد إن هذا دليل عدم حبه له، لذلك ينصح علماء النفس الوالدين أن يبثا الطمأنينة في نفس طفلهما ومحاولة إفهامه أن الحب الذي يكنانه له لا يتأثر بلحظات الغضب التي تتملكها، كما انه مجرد لحظات وقتية محددة ولا يستمر إلى الأبد، وانه متى انقضت هذه اللحظات عاد إليهما الهدوء والطمأنينة. صراخ دائم في معظم البيوت، وبسبب الأعباء الزائدة ومشاغل المرأة ما بين التوفيق بين العمل والمنزل ورتم الحياة السريع والضغوط النفسية المتزايدة على الأمهات العاملات بالذات، جعل فاطمة مسعود في حالة توتر وصراخ دائم مع بناتها الثلاث ذات المستويات التعليمية الدنيا، وقد أشارت إلى أنه يصعب على الأم بعد يوم شاق وطويل ومعاناة في العمل والشارع في رحلتي الذهاب والعودة أن تقوم بتدريس أبنائها بدون صراخ أو إيقاف إزعاجهن وطيشهن المستمر دون أن يعلو صوتها في أركان المنزل، حيث تجدها تردد دائماً في أذهان أبنائنا يوميا «ذاكري يا بنت، أسكتي، وبلا مشاغبة، حرام عليكم تعبتوني»، مما يشكل معاناة يوميا، تضاف إلى أعبائها، حيث لا يردهم عن تلك السلوكيات التي تغضبها صراخ أو تهديد، حتى إن تطور الأمر إلى العقاب بالضرب. معاناة يومية إن كانت فاطمة تمر بهذه المعاناة يوميا فإن شمسه رشيد ليست أقل عذابا مع أبنائها الذكور، حيث ترى أن الصراخ سيناريو يتكرر في كل بيت، مضيفة أنه لا يمكن للأم العاملة بعد أن تعود إلى بيتها مرهقة ومنهكة وغالبا محبطة أن تدرس الدروس والمعلومات والإرشادات والتوجيهات في عقول أبنائها في «برشامة» مركزة، يصعب عليهم غالبا ابتلاعها، فكم من عيادات امتلأت بأمهات معذبات تجمعهن غالبا ظروف متشابهة وهي انشغال الأب بعمله أو سفره للخارج، واعتقاده الخاطئ أن دوره يقتصر على توفير الأموال لأسرته واعتماده الكامل على الزوجة في التربية والتنشئة ومساعدة الأطفال في تحصيل دروسهم،الأمر الذي شكل عبئا كبيرا على الزوجة وضغطا مستمرا على أعصابها، لافتة إلى تجربتها الشخصية. وتضيف: كثيرا ما انفعل بشدة ليبدأ بعد ذلك الصراخ بصوت عال رويدا رويدا وافقد أعصابي تماما وتتحول الحياة في البيت إلى جحيم، وهنا يبدأ أولادي في الاعتياد على الصراخ ويتعايشون معه فهم يصبحون ويمسون عليه من خلال بعض العبارات المكررة التي أصبحت مثل الإشارات التنبهية على الشارع«اصح يا ولد ،اطفي التليفزيون لا تلعب بالبلاي ستيشن، ذاكر يا ولد»، محذرة من أنه في هذا الجو يبدأ كبار الأطفال في التعامل مع أشقائهم الأصغر بأسلوب الصراخ . صراخ يصم الأذنين بدوره ينتقد زوج شمسه صراخ زوجته المتكرر وخاصة عند عودته من العمل أو وقت العصر ويضيف” كل يوم أحلم بأن أعود إلى البيت ويكون الهدوء والاستقرار قد عما البيت ولكن هيهات فكلها أحلام سرعان ما تتلاشى امام مرأى من عيني فمجرد أن أنام قيلولة الظهر أجد صراخ زوجتي الذي يصُم الأذنين يوقظني بلا سابق إنذار.لافتا” لقد أصبح الصراخ مرضا مدمرا عند زوجتي حاولت مرارا وتكررا أن أناقش هذا الموضوع معها ولكن غالبا ما ترمي اللوم في مرماي حيث تنهار وتعترض مؤكدة لي إن هذا هو الأسلوب الوحيد الذي تستطيع التعامل به مع أولادي”. لتفشل محاولة الحكمة والمنطق والهدوء معها ويبدأ الصراخ يعلو فيما بيننا حين ينحرف الحوار إلى الجهة الأخرى. بدورها من خلال تجربتها الواقعية مع أطفالها تلفت عواطف حسين«تربوية» إلى أن الأم الهادئة أكثر سيطرة على أولادها، وتفوز باحترامهم وطاعتهم بأضعاف ما تحصل عليه الأم العصبية، والتي يعتاد أولادها على صراخها، وربما يبادلونها بصراخ أشد. كما يتأثرون سلبيا بهذا الصراخ فإما يقودهم إلى العناء واللامبالاة «القاتلة» أو إلى الخوف الشديد، إلى أن يصبحوا ذوي شخصية ضعيفة ومهزوزة طابعها الجبن. وقالت: لاشك أن أي أم لا تحب أن يطيعها أبناؤها قهرا وجبنا، وأن هذا الأسلوب وإن منحها قدرا من الراحة من بذل المجهود، لإقناعهم بهدوء ولطف بما تريد، فإنها ستدفع «ثمنه» مضاعفا عندما يكبرون، وتراهم شخصيات مهزومة فاشلة في الحياة، يسهل على الآخرين السيطرة عليهم، وتضيع حقوقهم في الحياة، ويقومون بتحميل الأم مسؤولية هزائمهم في الدنيا، بل وتسوء علاقتهم بها ويتهربون منها كما عايشته بنفسي في حالات مشابهة. ودعت جميع الأمهات إلى التعامل باعتدال مع ما يضايقهن من أولادهن، فهي بذلك تهدئ نفسها أولا، وتوقف شحن غضبها منهم، وتتذكر أنهم مهما كبروا فهم صغار، وأنهم ليسوا أسوأ أبناء في الكون، وأن ما تعاني منه حاليا هو أمر مؤقت للغاية، وأنها ستجتازه بأفضل صورة ممكنة. كرسي العقاب عصبية الأم هي السبب الأساسي في تكوين طفل عصبي لأنه وببساطه يتعلم منها، حيث تلفت فاطمة سجواني الأخصائية النفسية من منطقة الشارقة التعليمية بقولها: عصبية الطفل تبدأ في عمر 5 سنوات السن الذي يبدأ فيه الطفل تكوين شخصيته، والسبب في عصبية الطفل إما قسوة الأم أو قسوة الأب وعنفهما وعصبيتهما معه فالطفل مرآة الأب والأم، لذلك مهما كانت أبنائها على قدر كبير من الطيش والتهور على الأم الذكية أن تؤجل قدر الإمكان رد فعلها على ما يضايقها من تصرفات أولادها، وأن تغير من وضع جسدها، فإذا كانت واقفة تجلس وإن كانت جالسة فتستلقي، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لأنه المستفيد الأول من إفساد علاقتها بأولادها بالصراخ والعصبية، فضلا عن ضياع هيبتها كأم عندما تلجأ إلى الصراخ أمام أولادها، وكأنهما طفلان يتشاجران في الشارع. التحلي بالهدوء وأكد الدكتور محمد عمر أخصائي نفسي أن التخلي عن العصبية لا يعني الموافقة على أخطاء الأبناء أو التغاضي عنها، فهذه خطيئة لا ندعو إليها بالطبع، ولكن نطالب بالتحلي بالهدوء وبإظهار الحب للأبناء دائما، لتحصد كل أم المكاسب الهادئة ولتتذكر أنه مهما كانت أعباؤها ثقيلة فإن الصراخ سيوقعها في المشاكل.بينما الهدوء والتأني والاعتدال، وإعطاء جسدها وعقلها قدرا كافيا من الاسترخاء خلال اليوم، والتعامل بمرونة مع أولادها سيهون عليها من الأحمال ويضاعف من قدراتها ويحميها من عناد الأبناء، وستفوز بحب وطاعة واحترام أولادها الذين يثقون في الأم الهادئة والمرنة، ويختارون طاعتها ليفوزوا بالمزيد والمزيد من حنانها وحبها، وهي وحدها التي تكون نورا تضيء حياتها وحياة أولادها، بدلا من الأم العصبية، فهي نار تحرق بها نفسها وكل من تحب. جدير بالذكر أنه بعد إجراء دراسة شملت 110 أسر من أميركا تضم أطفالاً تتفاوت أعمارهم ما بين ثلاثة وخمسة أعوام ،أعلن معهد علوم نفسية أن هناك علاقة قطعية على وجود علاقة بين شخصية الطفل المشاغب، الكثير الحركة، و بين الأم العصبية التي تصرخ دائماً وتهدد بأعلى صوتها حين تغضب . وجاء في الدراسة أيضاً أن المقصود بالطفل المشاغب هو الطفل الذي لا صبر عنده، والعنيد، والمتمرد والعدواني نحو الآخرين حتى والديه، والذي لا يلبث أن يجلس حتى يستعد مرة أخرى للقيام واللعب أو العراك مع أحد أخوته. وقال الدكتور فرانك ترايبر من الكلية الطبية بجورجيا إن نتائج الدراسة أضافت إلى المعلومات المعروفة حالياً بأن هؤلاء الأطفال قد يدمرون أنفسهم إذا لم تقدم لهم المساعدات منذ صغرهم، وإن الطفل منهم لا يعرف كيف يوجه طاقته هذه للوصول إلى هدف مفيد، بل لوحظ أنه يستخدمها«أي طاقته» في عراك أو لعب عدواني مع إخوته وأصدقائه وربما والديه أيضاً. كما أشارت نتائج الدراسة أيضاً إلى أن الأم التي تعبر عن غضبها بالصراخ وباستخدام ألفاظ بذيئة أو سيئة أمام طفلها ، تدفع بهذا الطفل إلى التحول إلى طفل من هذا النوع المشاغب، مؤكدة أن تأثير غضب الأم أقوى من تأثير غضب الأب على تكوين شخصية الطفل. كرسي العقاب تنصح فاطمة سجواني الأخصائية النفسية من منطقة الشارقة التعليمية، الأم بألا تعاقب الطفل لا بعنف أو تضر إلى ضربه أو إهانته، فيجب أن توفر الأم بما يسمى كرسي العقاب الذي يجلس عليه الطفل لمدة دقيقة أو دقيقتين، وهو الذي يراقب نفسه، وكلما زادت أخطاؤه زادت مدة العقاب، لكن مع مراعاة عدم زيادة المدة لفترات طويلة. وأوضحت أن الأم العصبية أكثر عرضة للأمراض النفسية والجسدية، وتزورها التجاعيد المبكرة، ويكره زوجها وأولادها صحبتها، مشيرة إلى أن الدراسات العلمية أثبتت أن أبناء الأم العصبية أكثر عرضة للأمراض، كما أنها تعلم الأبناء الصراخ والعصبية تجاه بعضهم البعض، فيبدو البيت وكأن حربا أهلية تدور فيه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©