السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المضاربات تشعل أسعار النفط في الأسواق العالمية

المضاربات تشعل أسعار النفط في الأسواق العالمية
14 يونيو 2008 01:36
بعد أن تلقت الأسواق صدمات فقاعات دوت كوم والرهن العقاري والائتمان ناهيك عن فقاعة سوق الأسهم الصينية، يبدو أن هنالك استعدادا من قبل المستثمرين في وول ستريت وأماكن عديدة أخرى لإطلاق وصف الفقاعة على أي شيء آخر· ولكن عندما يتعلق الأمر بسلع مثل النفط الخام والذرة فإن هذه التسمية ربما لا تنطبق عليها، فالفقاعة كما جرى تفسيرها في معجم ''نيو بالجريف'' للاقتصاد هي ''أسعار الأصول والموجودات التي تتجاوز قيمتها الحقيقية بسبب اعتقاد مالكيها الحاليين أن بامكانهم إعادة بيعها بسعر أكبر من ذلك''· بيد أن عملية تحديد عما إذا كانت السلعة نفسها قد تجاوزت قيمتها الحقيقية أمر صعب في حد ذاته نسبة لانتفاء وجود تدفق منتظم للدخل من هذه السلعة (أي أنها تذهب مباشرة إلى التخزين أو الاستهلاك)، كما تفتقد هذه السلعة عدم وجود التناسب بين السعر والايرادات والذي يستخدمه الأشخاص عادة في تقييم الأسهم على سبيل المثال· وكما ورد في التحليل الذي نحن بصدده الآن فإن أسعار النفط قد قفزت مؤخراً بوتيرة جنونية بعد أن شهدت ارتفاعات هائلة مشابهة خلال العقود الثلاثة الأخيرة ابرزها تلك التي حدثت في ربيع عام 1980 عندما شهدت الصفوف الطويلة أمام محطات توزيع الجازولين وارتفع سعر النفط الخام بمعدل بلغ 150 في المئة فوق مستواه في العام الأسبق· ولكن ذلك الارتفاع في السعر تسبب فيه بشكل رئيسي لخفض الانتاج من قبل منظمة الأوبك والذي اقترن بحقيقة أن المستهلكين كان لديهم القليل فقط من البدائل، ولكن وبمرور الوقت بدأت الأسعار العالية تحفز وتشجع المستهلكين على ترشيد الاستهلاك والشركات على ممارسة المزيد من عمليات الاستكشافات والانتاج في الدول خارج منظمة الأوبك· وسرعان ما انهارت الأسعار، وكما يقول كريج مانكيو الاقتصادي في جامعة هارفارد في أحد كتبه الاقتصادية أن هذا المسلسل يعتبر مثالاً حياً للتقلبات الهائلة في الأسعار والتي تحدث عندما يتسم الطلب والعرض بعدم مرونة نسبية على المدى القصير ولكن ليس على المدى الطويل، ويعتقد البروفيسور مانكيو مثله مثل العديد من المفكرين الآخرين أن الطلب المتزايد من الصين والدول النامية الأخرى يقف خلف ارتفاع أسعار النفط· وقد لاحظ في موقعه الالكتروني أن ارتفاع الأسعار أدى إلى الترويج لبعض الجهود التقليدية مثل تحول الأفراد إلى وسائل النقل الجماعية والاندفاع في شراء الدراجات الهوائية· وفي نفس هذه الأثناء جاء رد فعل المنتجين للنفط أكثر هدوءً وحذراً من أي وقت مضى مما أثار المخاوف من أن انتاج الخام قد بلغ ذروته· وبالنسبة لأنواع السلع الأخرى فإن الطلب والعرض يتغيران بسرعة أكبر في ردة الفعل تجاه الأسعار المرتفعة، ويمكن ملاحظة ذلك في الانخفاضات السريعة التي جرت مؤخراً في بعض السلع الأخرى مثل القمح والقطن لأنها أصبحت قابلة للتجديد بالإضافة إلى وجود كمية هائلة من البدلائل لهذه السلع· ولكن وعلى العكس من ذلك فإن النفط والغاز الطبيعي ليسا سلعا قابلة للتجدد ولا يمكن إعادة تدويرهما كما تفتقدان وبشدة إلى البدائل السهلة، وهنا يجب التذكير بأن الذرة تعتبر سلعة قابلة للتجدد ولكن نسبة لأن معظم انتاجها أصبح يذهب لانتاج الايثانول فقد استمرت أسعارها في الارتفاع أيضاً· لذا ما زال أبعد من الوضوح عما إذا كان الجزء الأول من تعريض الفقاعة - أن الأسعار قد تجاوزت قيمتها الحقيقة- ينطبق ويلائم هذه الحالة· إلا أن الجزء الثاني من التعريف - أن الأشخاص يقبلون على شرائها على أثر توقعات باعادة بيعها باسعار أعلى - من المؤكد أنه ينطبق تماماً على سلعة النفط· وإلى ذلك فلطالما ظلت المضاربات تلعب دوراً مؤثراً في أسواق السلع ولكن هذا الدور اصبح يتعاظم في السنوات الأخيرة· ومن المعلوم أن الدور التقليدي للأسواق المستقبلية للسلع ينصب على السماح للاعبين مثل المزارعين ومكرري النفط بالتحوط ضد تقلبات الأسعار غير المتوقعة، أما الآن فإن معظم المؤسسات الاستثمارية اصبحت تندفع نحو أسواق السلع بغرض الاستثمار وليس مجرد التحوط· وعلى سبيل المثال فإن نظام تقاعد المستخدمين العام في كاليفورنيا صندوق التقاعد ،الأكبر من نوعه في الولايات المتحدة الأميركية، وضع أكثر من 3 في المئة من محفظته البالغ قيمتها 240 مليار دولار في أسواق السلع· وكما قال مايكل ماسترز مدير أحد صناديق التحوط مخاطباً لجنة مجلس الشيوخ الأميركي في الأسبوع الماضي فإن الاستثمارات المؤسساتية هي أحد العوامل ان لم تكن العامل الرئيسي الذي بات يؤثر على أسعار السلع حالياً· ولكن هاوارد سيمسونز الخبير الاستراتيجي في معهد بيانكو للبحوث في شيكاغو أشار من جانبه إلى أن المشترين النهائيين للسلع هم من المستهلكين عوضاً عن المستثمرين لذا فإن دور المضاربة أصبح محدوداً· واستطرد قائلاً: ''إن السلع على خلاف ما هو الحال في الموجودات والأصول المالية لا يمكن التعامل معها على أساس الأمل في القيمة إلى حد كبير ففي نقطة ما سوف يصل السعر إلى مستوى يبدأ معه المشترون في الخروج من السوق''· أما الأهم من ذلك فإن الذي يتم الاتجار والتعامل فيه في أسواق السلع ليس السلع نفسها وانما العقود التي تتم المراهنة عليها بشكل رئيسي فيما إذا كانت تنطوي على أسعار قابلة للارتفاع كما يقول مانكيو الاستاذ في هارفارد، أما الأثر النهائي لهذه المراهنات سوف يصبح محدوداً ما لم تشجع المضاربات على السلعة نفسها، أي أن يقدم أحد سماسرة البن على سبيل المثال على تخزين البن على أمل الحصول على أسعار أعلى في وقت لاحق، وهو ما اصبح يحدث تماماً الآن كما يقول جيفري فرانكل زميل مانكيو في جامعة هارفارد بأن مثل هذه السلوكيات الخاصة بالمضاربة تعود أصلاً إلى الانخفاض الحاد في أسعار الفائدة الذي فرضه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مؤخراً· فأسعار الفائدة المتدنية عادة ما تشجع على تخزين وتكديس السلع مما يجعل من غير المرجح اللجوء إلى بيعها من أجل وضع العائدات في سندات وأوراق مالية وغيرها من آليات الدين والائتمان الأخرى· ولكن المنتقدين لنظرية فرانكل أشاروا من جانبهم إلى ان الارتفاع المتوقع في مخزونات السلعة لم يتحقق حتى الآن، ولكن فرانكل كان قد تطرق إلى هذا الأمر عندما لاحظ أن منتجي النفط ربما عمدوا إلى ترك هذه المخزونات محتفظاً بها في باطن الأرض· وهو الأمر الذي يمكن أن يعتبر أحد الأسباب التي جعلت السعودية لا توافق على المطالب الأميركية بضرورة العمل على زيادة الانتاج النفطي في أوائل الشهر الماضي· وعلى العموم فإن هذه اللعبة قد تفضي إلى نوع من التحولات التي تسببت في انخفاض أسعار الطاقة بشكل مريع في حقبة الثمانينات· وإذا ما حدث مثل هذا الانخفاض فإن ذلك لن يكون بسبب أن أسعار النفط كانت تشكل فقاعة وانما لأن هذه ببساطة الطريقة التي تعمل بها أسواق هذه السلعة المتفردة· نقلاً عن وول ستريت جورنال
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©