الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شهر رمضان يعيد تنظيم أولويات الأسرة

شهر رمضان يعيد تنظيم أولويات الأسرة
14 يونيو 2016 22:28
نسرين درزي (أبوظبي) يأتي رمضان بأجندة جديدة تشغل أوقات الأسرة بما يجمع أفرادها في أكثر من موعد وعلى أكثر من مناسبة، مشاهد كادت تغيب عن البيت لتعود من جديد في حضرة الشهر الفضيل حيث يتقاسم الجميع المسؤوليات ويتعاونون على شراء الاحتياجات ويدخلون المطبخ معاً لتحضير الطعام ويتشاركون المائدة نفسها ويتحلقون سوياً أمام شاشة التلفزيون. هكذا تتبدل أحوال الأسرة في رمضان وينتظم شأنها بخلاف الواقع في باقي أشهر السنة. فما الذي يتغير بأنظمة البيوت في شهر الصيام؟ وكيف يصف الآباء والأبناء هذا التحول الإيجابي؟ وألا يجدونه دافعاً لإعادة النظر في ترتيب ظروفهم وإيلاء اجتماعات الأسرة حيزاً كافياً من أولوياتهم؟ تدخل استثنائي منذ اليوم الأول لدخول شهر رمضان تنشأ أحاديث جديدة في البيوت يتبادلها الآباء والأبناء فيما بينهم وكأنهم يتنبهون فجأة إلى أن مصيراً واحداً يجمعهم. وهذه المرة لا تتعلق التداولات بقرار أسري وإنما بما ستتضمنه مائدتا الإفطار والسحور حيث يدلي كل بدلوه. أحدهم عما يرغب بتذوقه من أطباق وآخر عما يمكن أن يسهم بشرائه من لحوم وخضار وحلوى فيما تترك مهمة الطهي للأم مع تدخل استثنائي من الأب. فهو يبدو متحمساً هذه الأيام للتعرف إلى شؤون المطبخ والقيام بمحاولات لتقطيع الخضار أو ترتيب الثلاجة كما لم يفعل من قبل إلا نادراً. عن هذه الاستثنائية التي يفرضها شهر رمضان تحدث فؤاد جمعة، أب لـ 3 أبناء أصغرهم في العاشرة من عمره، موضحاً أنه بفعل الصيام تتبدل مواعيده ويصبح لديه متسع من الوقت ليمضيه في البيت. الأمر الذي يدفعه إلى التقرب أكثر من اهتمامات أسرته وقضاء المزيد من الساعات معهم بما يرضي كل فرد فيهم. وذكر أن شهر الصيام يوقظ فيه مشاعر جميلة تقربه من البيت ولاسيما بعد عودته من العمل وإلى ما بعد أذان العشاء. وهذا الوقت كان بالنسبة له غير مستغل جيداً قبل حلول رمضان، لانشغالات منها ضروري ومنها ما ينفع تأجيله. وقال فؤاد إنه يلوم نفسه أحياناً على ما فاته من لحظات جميلة كان يمكن أن يستغلها في لم شمل أسرته وأقله في الفترة المسائية، إذ من المفيد أن يستمع الأب بشكل يومي إلى أخبار أبنائه. تعاون طاغٍ وتنتقل مظاهر الألفة أيام رمضان من بيت لآخر بما يثلج الصدور ويفرح قلب كل فرد فيها. وعلق محمود إدريس قائلاً إن أجواء بيته تختلف في رمضان وتصبح أكثر دفئاً وخصوصاً خلال فترة العصر وحتى أذان المغرب. إذ يبدأ أبناؤه يتوافدون عائدين من دواماتهم وكل يحمل كيساً في يده مما تبضعه من الجمعية أو البقالة. يدخلون إلى المطبخ ويخرجون منه عدة مرات للاطلاع على الأطباق التي تحضرها والدتهم، ولا يتأخرون عن تقديم المساعدة. واستطرد محمود في وصف المشهد الرمضاني في بيته متوقفاً عند صفة التعاون التي تطغى على الجميع وأجمل الأوقات حين يجتمعون على مائدة الإفطار. وهذا ما لا يتكرر إلا أيام رمضان حين يضبط كل منهم ساعته للتواجد باكراً في البيت وتأجيل كل ما يمكن تأجيله حيث الأولية تكون للأسرة. وذكرت أميرة محسن وهي ربة بيت وأم لولدين وبنت في مراحل مدرسية مختلفة، أنها تتمنى لو كانت أشهر السنة كلها رمضان. والسبب انتظام جدول يومها وعدم شعورها بالملل أو التعب لأن الجميع يساعدها. وقالت إنها تسعد عندما ترى زوجها مندفعاً على غير عادته لشراء كل احتياجات البيت فيما تنصرف هي لشؤون المطبخ مما يريحها جسدياً ونفسياً، وتسعد كذلك عندما ترى أبناءها يجتمعون على القيام بنشاط معين يشغل وقتهم، بدلاً من تفرد كل منهم بأمر ما. ونصحت أميرة الآباء تشجيع أبنائهم خلال شهر رمضان على التعاون فيما بينهم والتقرب أكثر من بعض على أن تستمر هذه العادة، وبذلك يمكن أن يتبادلوا الأفكار وأن يتشاوروا في شؤون يرشد فيها الأخ الكبير إخوانه الصغار. وقالت علياء العامري أم لـ 5 أبناء أكبرهم في الـ16 من عمره، إنها تفرض خلال شهر رمضان نظاماً مختلفاً داخل البيت، إذ لا بد من اجتماع الأسرة ليس فقط على مائدتي الإفطار والسحور وإنما على غالبية مواقيت الصلاة وخلال الفترة المسائية. وأكدت أن هذا الأمر يشعرها بالاطمئنان والسعادة بحيث لا يؤخرها شيء عن أسرتها، وهذا ما تطلبه من زوجها وتلح به عليه من باب منح شهر الصيام خصوصية روحانية وعائلية. وذكرت علياء أن أكثر ما يفرح أبناءها أنها وأبيهم يشاركونهم في رمضان مشاهدة البرامج التلفزيونية الخاصة بالشهر الفضيل. وكذلك المسلسلات الكرتونية المعبرة عن أهمية تلاحم الأسرة المسلمة في رمضان والتي يتعلم الصغار من أبطالها الصفات الحميدة. ولفتت إلى أن كل هذه الأجواء تعزز المحبة القائمة في بيتها وتذكر الجميع بأن الحياة السعيدة تبدأ من التفاف أفراد الأسرة وتضامنهم. المواعيد نفسها ولا يخفي الأبناء ارتياحهم للأجواء المحببة التي ينثرها شهر رمضان في البيوت بالرغم من تحدي الجوع والعطش الذي يواجهونه بشكل يومي. ويقولون إن أجمل ما في هذه الأيام أن الجميع ينتظرون المواعيد نفسها. وقال الطفل أحمد عبدالسلام (13 عاماً) إنه يحب خلال شهر رمضان اجتماعه بإخوانه ووالديه في أكثر من مناسبة. وأشار إلى تلهفه على قراءة القرآن مع والده قبيل أذان المغرب ونزوله لإقامة صلاة التراويح برفقته. وهذه الطقوس الجميلة تملأ وقته مساءً بمشاهد محببة تريحه وتسعده. وعبّرت الطفلة أسماء العميري (11 عاماً) عن شعورها بفرحة الانتظار خلال شهر رمضان. وقالت إنها بمجرد العودة من المدرسة تصلي وتنام ساعة أو ساعتين. وعندما تستيقظ تنصرف مع أختها لترتيب المائدة وتوزيع الأطباق ومساعدة أمها في تجهيز بعض الأمور المستعجلة. وذكرت أن هذه الأنشطة تخفف من عناء الصيام بانتظار أن يحل الغروب وتبدأ معه أوقات مليئة بالأحداث المشتركة التي تجمع أفراد الأسرة. وصفت الطفلة منى صادق (12 عاماً) شهر رمضان بالمناسبة الأغلى على قلبها. والسبب أنه يملأ بيتها بالأقارب كما يجعلها وأفراد أسرتها أكثر تلاحماً من أي وقت آخر. وقالت إن أمها وأبيها يصبحان أكثر تفرغاً لها ولإخوتها خلال رمضان. وبحكم العودة من المدرسة باكراً وانتهاء الدوام قبل ساعتين، ينعكس الأمر إيجاباً على جو البيت. وأكثر ساعات اليوم أنساً هي التي تقضيها مع أفراد أسرتها في مشاهدة المسلسلات التلفزيونية وتبادل أطباق الحلوى. وذكر الطفل سلطان الحمادي (10 أعوام) أنه يصوم للسنة الثانية على التوالي، وهو يشعر بالتعب خلال فترة الظهيرة. وما يرضيه أنه يقضي وقت العصرية برفقة أبيه حيث يخرج معه للتبضع وقضاء الوقت في السوق. وهناك يشتري ما يرغب به من مأكولات وحلويات يحبها هو وإخوانه الصغار. وعندما يعود إلى البيت يطلب من أمه أن تحضر له كل ما يشتهيه، وهي لا تتأخر عنه أبداً. ومع هذا الاهتمام الذي لا يتوفر له خارج أيام رمضان بالحجم نفسه، يتمنى سلطان لو يستحوذ على وقت أبويه دائماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©