الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسجد «السلطان برقوق».. أول منشأة معمارية مملوكية

مسجد «السلطان برقوق».. أول منشأة معمارية مملوكية
13 يونيو 2016 18:33
مجدي عثمان (القاهرة) اعتاد السلطان برقوق عتق ثلاثين رقبة خلال شهر رمضان، كما كان يذبح في كل يوم من أيامه 25 بقرة إلى جانب الخبز والحلوى يتصدق بلحومها على الفقراء من أهل المساجد والسجون، يخص كل فرد منهم برطل من اللحم مطبوخاً وثلاثة أرغفة، فأصبحت عادة لدى سلاطين مصر من بعده، حتى وصل عدد الأبقار التي تُذبح في رمضان في عهد السلطان بيبرس خمسة آلاف بقرة في كل يوم من أيام الشهر الكريم. وزاد السلاطين من حصة السكر الموزعة على الفقراء حتى وصلت في عهد السلطان محمد بن قلاوون العام 745 هـ إلى ثلاثة آلاف قنطار قيمتها ثلاثة آلاف دينار، إضافة إلى زيادة رواتب العلماء، وتوزيع النقود الذهبية على الفقراء، حيث كانت توزعها السلطانة ملك زوجة السلطان حسين كامل، فكانت تخرج في موكب لتوزيع هذه النقود في كيس صغير من الحرير يحمل عشرة ريالات ذهبية. العمارة الإسلاميةواهتم السلطان الملك الظاهر سيف الدين برقوق بن أنس بن عبد الله الشركسي مؤسس دولة المماليك البرجية بالعمارة الإسلامية، فشرع في بناء مسجد ليكون مدرسة لتدريس المذاهب الأربعة، وألحق به قبة ضريحية وخانقاه، وذلك سنة 786 هـ - 1384م، فكان بذلك أول منشأة معمارية تُبنى في دولة المماليك الجراكسة - البرجية - في موضع مبنى سكني يسمى «خان الزكاة»، وأشرف على البناء، الذي استمر عامين، الأمير جركس الخليلي أمير آخور، ويقع هذا المسجد بشارع المعز لدين الله بين المدرسة الكاملية ومسجد الناصر محمد. وُلد السلطان الظاهر سيف الدين برقوق في القفقاس العام 1340 م - 740هـ وقدم للقاهرة وعمره 20 عاماً، وكان اسمه «طنبغا» اشتراه الأمير «يلبغا» من الخواجه عثمان تاجر الرقيق وأسماه «برقوق»، حيث كانت عينيه فاتئة، والتحق بخدمة الأمير منجك نائب الشام، ثم أصبح من مماليك السلطان الأشرف شعبان بن حسين وقربه السلطان ورقاه أمير طبلخانة، ثم أمير آخور، وفي أيام السلطان المنصور علي بن شعبان، رقى أتابكاً عام 779هـ، وانفرد بتدبير أمور الدولة إلى أن أسعده الحظ فولى المُلك في سنة 784هـ - 1382م، ولُقّب بالملك الظاهر سيف الدين برقوق، فكان بذلك مؤسس دولة السلطنة الشركسية في مصر أو المماليك البرجية، وعُزل عن السلطنة سنة 1389م ونُفي وسُجن في قلعة الكرك في الأردن، لكنه استطاع تحرير نفسه والهرب وهزيمة مناوئيه والعودة إلى عرش السلطنة ثانية في العام 792هـ - 1392م، وبقي سلطاناً حتى وفاته يوم الجمعة 15 شوال 801 هـ - 1399م عن 60 عاماً، ودفن في صحراء المماليك وبنى ابنه السلطان فرج على مقبرته قبة ومسجداً وخانقاه. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن السلطان برقوق أوصى ابنه فرج أن يدفنه في ضريح مجمّعه الذي أنشأه في شارع المعز، فدفن في الضريح الشمالي الشرقي بالمسجد. التخطيط المتعامدبني هذا المسجد المهندس إبن الطولوني على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، حيث يتكون المسقط الأفقي للمجمّع مربع الشكل وأبعاده 85 × 85 م، يحتوي على صحن كبير مكشوف أبعاده 40 × 37 م يحيط به أربعة إيونات، أكبرها وأعمقها إيوان القبلة الذي بلغت أبعاده 34 × 17 م، ويتكون من ثلاثة أروقة، ويغطي هذا الإيوان 21 قبة منخفضة من الطوب شُكلت المناطق الانتقالية فيها من مثلثات كروية، ويتوج الوجهة المشرفة على الصحن شرفات مورقة ويسير بكامل طولها إزار مكتوب به حفراً في الحجر اسم الملك برقوق وتاريخ الفراغ من البناء سنة 788 هجرية، ويتوسط الصحن «فسقية» تعلوها قبة محمولة على أعمدة رخامية، وأرضية المسجد مفروشة برخام أبيض تتخلله دوائر وأشرطة من الرخام الأسود، وتقوم إلى جانب المنارة القبة، وهي بسيطة من الخارج لا يحليها سوى ثلاثة صفوف من المقرنصات تحيط بها من أسفل. يُذكر أن المنبر الأصلي للمسجد قد فُقد وحل محله المنبر الحالي الذي أمر بصنعه السلطان أبو سعيد جقمق في منتصف القرن التاسع الهجري «منتصف القرن الـ 15 الميلادي». والباب الخارجي للمسجد غُطي بصفائح من النحاس مزخرفة بتقاسيم هندسية، وفي الأبواب الداخلية تم كساء المصراعين بسرة في الوسط من النحاس المفرغ بأشكال زخرفية تحيط بها أربعة أركان من النحاس وأسفلها إزاران نحاسيان مكتوب بهما اسم المنشئ وتاريخ الإنشاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©