الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

درس من «كاميرون»

4 مايو 2010 21:36
في آخر مناظرة متلفزة له، وفي محاولة منه لاستقطاب الناخبين، قال السياسي الشاب، "ديفيد كاميرون"، زعيم حزب "المحافظين" البريطاني: "هناك أمر آخر أريدكم أن تعرفوه عني، هو أني أعتقد بأن الاختبار الحقيقي لأي مجتمع جيد وقوي يكمن في قدرته على رعاية الأكثر هشاشة وضعفاً والاعتناء بالفئات الأكثر فقراً"، هذا التصريح الذي يطفح بمشاعر ليبرالية تفطر القلب، كان له دور في تعزيز حظوظ المرشح "المحافظ" بعدما أشارت استطلاعات الرأي أنه قد يكون رئيس وزراء بريطانيا المقبل؛ لكن لنقارن بين هذه الجهود التي يبذلها "كاميرون" بغية التواصل مع الناخبين الذين كما يقول "مجبولين على اعتناق أفكار مثالية وتقدمية" وبين ما يجري داخل الحزب "الجمهوري" الأميركي، ففي هذا الأخير، لن يجد شخص مثل "كاميرون" مكاناً له، بل سيدان ويتهم بالترويج لحكومة متضخمة. وفيما تفيد التحليلات في بريطانيا أن "كاميرون" يحاول تخليص حزب "المحافظين" من الشوائب التي علقت به في الماضي تقول الأخبار السياسية في أميركا إن حاكم ولاية فلوريدا "الجمهوري"، تشارلي كريست، قرر الخروج من الحزب وترشيح نفسه كمستقل في مجلس "الشيوخ" الأميركي، وبالطبع لا يمكن إنكار عامل المصلحة الشخصية في هذه المغادرة، لأن "كريست"يعرف جيداً أنه كان سيخسر في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب، ولن يحظى بتزكيته، لكن هنا بالضبط تكمن المشكلة إذ خلافاً لـ"المحافظين" في بريطانيا يعمل "الجمهوريون" على إقصاء شخصيات وازنة مثل "كريست"، كلما سنحت لهم الفرصة، فعندما يواجه السيناتور "بوب بينيت" من ولاية "يوتا" لا يشك أحد في آرائه المحافظة خطر حرمانه من التزكية الحزبية، فذلك يعني أن الجناح "اليميني" في الحزب بدأ يزحف على باقي التيارات. والأكثر من ذلك أن الخطاب الناري وأحياناً العنصري الذي تعكسه تجمعات الحزب "الجمهوري" وسياساته مثل قانون الهجرة الأخير الذي أقرته ولاية "أريزونا" بدأ يعطي "الديمقراطيين" أملًا حقيقيا في تفادي الكارثة خلال انتخابات الكونجرس في الخريف المقبل؛ ومع أن لا أحد في الحزب "الديمقراطي" يتوقع أن تحمل السنة الجارية أخباراً جيدة أثناء الانتخابات، إلا أنه كلما تطرف "الجمهوريون" أصبح من السهل على "الديمقراطيين" استعادة أصوات الناخبين في الوسط الذين كانوا قد تخلوا عن أوباما منذ فترة، وهو ما عبر عنه "إيرل بلومناور"، السياسي "الديمقراطي" المستقل والبعيد عن الصراعات الحزبية بقوله في الأسبوع الماضي "كل هذه المبالغات والجدل الذي يثيره الحزب "الجمهوري"، فضلاً عن ورقة التجمعات المتشددة التي يركب عليها الحزب تدفعه إلى المزيد من التطرف وتبعده عن الوسط"، معتبراً أن "الجنون الذي ظهر في أريزونا"، قد يغير المسار السياسي في الانتخابات المقبلة. ومن خلال لقائي مع بعض السياسيين، يبدو أن "الجمهوريين" بدؤوا يقلقون بالفعل من مقاربتهم السلبية لجميع القضايا المطروحة وانعكاساتها الوخيمة على انتخابات الكونجرس، وهو ما يفسر تدخل زعيم الأقلية "الجمهورية" بمجلس الشيوخ "جون بوهيمر" على أمواج الإذاعة ليتعهد بأن الحزب "الجمهوري"، هو أكثر من مجرد منبر لإبداء المعارضة والتشبث بكلمة "لا"، قائلاً "نحن لدينا مشروع سيتعرف عليه الناخبون قريباً"؛ ولعل ما جرى في أريزونا مؤخرًا عندما صادقت حاكمة الولاية "الجمهورية" على قانون هجرة متشدد خير مثال على إنقاذ "الجمهوريين" لـ"الديمقراطيين"، وقد وصل تطرف الحزب "الجمهوري" إلى درجة دفعت أحد أشد "المحافظين" رسوخاً، جيب بوش، إلى التحذير من إثارة "قضايا الحريات المدنية"، لكن مع الأسف مازال كثير من "الجمهوريين" يساندون قانون أريزونا، أو في حالة النائب في مجلس الشيوخ، إيريك كانتور، يتجنبون اتخاذ موقف محدد. والحقيقة أن الأمر لا يخلو من دلالات واضحة عن الحزب "الجمهوري" عندما يجد أعضاؤه أنفسهم تحت وطأة الضغوط الداخلية مضطرين إلى تبني مواقف يعرفون جيداً أنها خاطئة، والنتيجة أن "الجمهوريين" أمدوا خصومهم "الديمقراطيين" بمساعدة غير متوقعة بتجنيدهم لأصوات الناخبين من أصول لاتينية لصالح الحزب "الديمقراطي". إي.جي. ديون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©