الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الربيع رقيع.. والثورات عورات!

2 مايو 2017 23:06
قلنا ونقول مراراً: عندما واجه الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، الخوارج فكرياً ودينياً، قالوا له: أنت كافر ولا بد أن تتوب أولاً قبل أن نعود إليك. فقال لهم: قبحكم الله - أبعد جهادي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه عني تقولون إنني كافر؟ وأنا أيها الفساق لم أرمكم بكفر، بل قلت: إخواننا بغوا علينا. قالوا لبعضهم: دعوه وأمضوا إلى ما أنتم ذاهبون إليه.. الله أكبر.. الله أكبر.. الرواح.. الرواح إلى الجنة.. فقال الإمام، كرم الله وجهه، مقولته الخالدة إلى الأبد الله أكبر.. كلمة حق يراد بها باطل.. وهكذا بقيت مقولة الإمام علي وستبقى قوية مدوية.. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: الله أكبر.. كلمة حق يراد بها باطل.. تراد بها دنيا وتراد بها سلطة ويراد بها مال ويراد بها تخريب وتدمير.. ويراد بها إجرام باسم الله الأعظم. وقبل الإمام علي، كرم الله وجهه، وفي أواخر خلافة سيدنا عثمان بن عفان، رضي الله عنه، اندلعت الفتنة الكبرى التي ما زالت حلقاتها مستمرة، ونارها مستعرة، وستظل طويلاً.. والفتنة هي الاسم القديم والصحيح لما نسميه اليوم الثورة. فما عليك إلا أن تحذف كلمة الفتنة لتضع بدلاً منها كلمة الثورة لتجد المعنى نفسه. وقد أطلق المؤرخ الكبير عبدالرحمن الجبرتي لفظ الفتنة على ما سميناه نحن ثورة القاهرة الأولى وثورة القاهرة الثانية أيام الحملة الفرنسية على مصر. وقال في وصف الفتنتين ما يمكن أن توصف به أحداث عورة يناير المصرية والرقيع العربي ومن ذلك قوله: وانطلق الزعران «أي اللصوص» وحشرات الحسينية، أي هوام وعوام وفتوات منطقة الحسينية. والتقى الجميع في منطقة الرميلة ومعهم بعض مجاوري الأزهر الذين راحوا يحثون اللصوص والزعران على ما فعلوا ويفعلون باسم الدين وباسم الجهاد المقدس ضد الفرنسيس الكفرة الأنجاس. وراحوا يتلون آيات من القرآن الكريم يفسرونها على هواهم ليشعلوا حماس الزعران والحشرات مثل قول الله تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ...)، «سورة البقرة: الآية 191».. ومثل قوله تعالى: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ...)، «سورة محمد الآية: 4»، فيندفع الزعران واللصوص وهم يهتفون: «لبيك اللهم لبيك.. سمعنا وأطعنا». نفس ما حدث بالضبط في فترة الرقيع العربي وعورة يناير في مصر نفس السيناريو.. قاد الإخوان ومعهم نفر من السلفيين المخدوعين المغرر بهم جموع اللصوص والزعران والشطار. والشطار جمع كلمة «شاطر» والشاطر هو قاطع الطريق. والشطار في الفصحى تعني قطاع الطريق، أو الذين يشطرون الطريق أي يقطعونه على المارة وهم أنفسهم الذين قال عنهم الله عز وجل: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ...)، «سورة المائدة: الآية 33».. وهذا هو حد الحرابة في الإسلام.. فقطاع الطرق أو الشطار الذين يسطون على الناس وأملاكهم وأرواحهم، ويحتشدون للتظاهر والوقفات الاحتجاجية وصفهم الله عز وجل بأنهم يحاربون الله ورسوله. فقاطع طريق الناس بغرض السطو والسرقة والترويع والقتل يحارب الله ورسوله. وهؤلاء هم الذين يسمونهم في العامية المصرية الهجامين. وقال المؤرخ الراحل عبدالرحمن الجبرتي: اندفع هؤلاء يقطعون الطريق وينهبون الدكاكين والوكائل. ويكيسون البيوت ويقلبونها رأساً على عقب.. ويسرقونها وينهبون محتوياتها بحجة البحث عن الكفار الفرنسيس ومن والاهم أو خدمهم أو تعاطف معهم. وفعلوا بالنساء أو أفعالاً شنيعة، حسب الوصف الذي أورده الجبرتي، إذ قال: فعلوا بالنساء الشنائع التي لا يمكن وصفها أو الحديث عنها ويعف اللسان عن ذكرها. وقال أيضاً: فعلوا ذلك وهم يقولون ويهتفون: الله أكبر.. اللهم أنصر الإسلام وأخذل الكفار. أيضاً، كلمة حق يراد بها باطل. الله أكبر كلمة حق يراد بها باطل.. كما قال الإمام علي، كرّم الله وجهه. السيناريو نفسه بنصه وحذافيره تكرر في عورات الرقيع العربي التي سميناها زوراً وبهتاناً ثورات «الربيع العربي».. باسم الله وبهتاف الله أكبر قاد «الإخوان» ومعهم السلفيون المخدوعون جموع البلطجية والشبيحة والشطار ومجانين كرة القدم الذين نسميهم «الأولتراس».. وراح هؤلاء ينهبون ويسرقون ويعيثون في الأرض فساداً ويحرقون ويدمرون ويفعلون المنكرات والخبائث في خيام نصبوها في الميادين. وعلى رأي أحدهم: نناضل بالنهار وننام في خيام الرذيلة بالليل. وما كان بالإمكان أن يجتمع ويلتئم شمل كل هؤلاء المتناقضين من «إخوان» وسلفيين وناصريين واشتراكيين ثوريين ملحدين وشيوعيين وعلمانيين وليبراليين إلا بكلمة حق يُراد بهاب باطل وهي الله أكبر. وحتى عبدة الشيطان كانوا يهتفون: الله أكبر.. يرددون شعار حق يراد به باطل، لذلك كانت القيادة لتجار الدين الذين يجيدون ترديد شعارات الحق التي يراد بها باطل، مثل «الله أكبر»، و«الإسلام هو الحل»، تلك الشعارات التي خدعت السوقة والدهماء والشطار والزعران الذين استثمروا هذه الشعارات في استحلال الحرام وانتهاك الأعراض والحرمات ونهب المال العام والخاص، بل كان اللصوص والبلطجية في مصر إبان عورة يناير هم قادة المشهد كله، وهم الذين شكلوا ما سموه لجاناً شعبية لحفظ الأمن في غياب الشرطة، وانطبق عليهم المثل العامي المصري: «حاميها حراميها»، وأذكر أيامها، وهذا ما رأيته بعيني رأسي أن امرأة وعشيقها قتلا زوجها ووضعاه في جوال أو كيس، لا أذكر، وألقيا جثته في شارع كورنيش النيل بالقاهرة وسط جموع المتظاهرين.. وبعد أيام، ذهبت الزوجة الخائنة إلى اللجان التي تأسست أيامها من أجل صرف معاشات أو تعويضات لأسر من سموهم شهداء الثورة باعتبار أن زوجها الذي قتلته بالاتفاق مع عشيقها شهيد ثورة. وتمت الإجراءات وصرفت فعلاً. لولا أن أهل الزوج المغدور أبلغوا عنها وعن عشيقها وانكشف المستور. وهكذا أصبح اللصوص والشطار والزعران والذين يحاربون الله ورسوله شهداء ثورة. وصارت الزوجة الخائنة قاتلة زوجها أرملة شهيد. وهذه قصة واحدة من مئات القصص المخزية لعورات الرقيع العربي. وربما هناك عشرات القصص المخزية التي صرف الخونة والخائنات فيها معاشات شهداء ولم تنكشف.. وهكذا كان الربيع رقيعاً وكانت الثورات عورات. *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©