الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«استقلال الطاقة».. وطفرة التنقيب

2 مايو 2017 23:07
تقدم إدارة ترامب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس يوم الجمعة بعنوان «أميركا أولاً، استراتيجية التنقيب البحري» باعتباره نعمة بالنسبة لمستهلكي الطاقة الأميركيين، وهذا الأمر من بين أمور أخرى، يوجه وزارة الداخلية بمراجعة وتنقيح خطتها الخمسية للتنقيب، ما يمثل الخطوة الأولى نحو فتح أجزاء من المحيطات الهادئ والأطلسي والمتجمد الشمالي للتنقيب وإنتاج النفط والغاز الطبيعي. وقال وزير الداخلية «ريان زينك» إن الأمر «يضعنا على مسار استقلال الطاقة الأميركي»، وقد زعم دونالد ترامب، منذ حملته الانتخابية، بأن تعزيز التنقيب البحري عن النفط والغاز سيدعم استقلال الطاقة ويعود بالنفع على الاقتصاد، وفي الواقع فإن مزيداً من التنقيب البحري لن يفعل أياً من هذا. غالباً ما يستخدم الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، وبالفعل يتم إنتاج كل ما لدينا من كهرباء محلياً، سواء كان ذلك من الغاز أو الفحم أو الطاقة النووية أو الطاقة الشمسية أو الطاقة الهيدروليكية أو الرياح، وإنتاج مزيد من الغاز من شأنه أن يخفض السعر ويحفز المرافق لتفضيل الغاز الطبيعي أكثر من البدائل الأخرى – سواء كانت المصادر الطبيعية مثل الرياح والطاقة الشمسية، أو الفحم الذي يفضله ترامب. وحتى لو نظرتم إلى كل استخدامات الطاقة، ليس فقط توليد الكهرباء، ولكن أيضاً في النقل والنشاط الصناعي وتدفئة المنازل وغير ذلك، ستجدون أن الولايات المتحدة تنتج 91% من الطاقة التي تستخدمه.وفي ظل وفرة الغاز الطبيعي في البلاد، لماذا تريد شركات الغاز التعامل مع التنقيب البحري غير المؤكد والأكثر تعقيداً وتكلفة؟ السبب هو أنها تريد فتح أسواق جديدة لإنتاجها. أثناء إدارة أوباما، كانت الشركات تدفع من أجل بناء خطوط أنابيب تمتد إلى السواحل من المناطق الداخلية، حيث يوجد الغاز الطبيعي، حتى يتسنى لها بيع الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا وأوروبا، بيد أن بناء كل هذه البنية التحتية هو جهود تمثل إشكالية سياسية، حيث إنه غالباً ما يلقى معارضة محلية من المجتمعات الساحلية الليبرالية التي تفضل ألا تمر خلال مدنها البنية التحتية الخطرة والملوثة الخاصة بالوقود الأحفوري، ومع ذلك فإن التنقيب البحري عن الغاز سيكون بالفعل على الساحل، ما يجعله أقل تكلفة وأسهل في التصدير، بيد أن عملية التجميد والشحن وإعادة التسخين التي تستهلك الطاقة بصورة مكثفة تجعلها سيئة على نحو خاص بالنسبة للبيئة. أما بالنسبة للنفط، فنظراً لأنه سلعة من السهل نسبياً بيعها دولياً، فإن أسعار النفط يتم وضعها وفقاً للعرض والطلب العالميين، والزيادة في الإنتاج المحلي لا تؤثر إلا على أسعار البنزين في الولايات المتحدة لدرجة أنها تزيد المعروض العالمي، وشركة «إكسون موبيل» ليست ملزمة ببيع نفطها الذي تستخرجه من البحر للمصافي التي تخدم السائقين الأميركيين بدلاً من السائقين الأوروبيين أو الآسيويين، على أي حال. ولهذا السبب، فقد خلص تحليل أعدته وكالة أسوشيتيد برس لـ36 عاماً من البيانات إلى أن «مزيداً من إنتاج النفط في الولايات المتحدة لا يعني انخفاض الأسعار باستمرار»، وهذا سيكون صحيحاً بدرجة أكبر نظراً لأن الكونجرس ألغى حظر تصدير الغاز في العام 2015. وغالباً ما تستغرق مشروعات التنقيب البحري وقتاً طويلاً كي تؤتي ثمارها، نظراً لدرايتنا المحدودة بكمية الغاز والنفط الموجودة تحت سطح البحر، وتعقيد الاختبارات السيزمية، وإنشاء منصات الحفر البحرية. وفي المحيط الأطلسي، تشير تقديرات وزارة الداخلية إلى أن من الممكن أن يكون هناك 2 مليار برميل، أو نحو 100 يوم من استهلاك النفط بالمعدل الحالي لاستخدامنا. في العام 2015، كان 0.1% فقط من إنتاج النفط الخام من البحر في الولايات المتحدة يأتي من المحيط المتجمد الشمالي، فهل سنستفيد حتى من مزيد من إمدادات النفط والغاز بعد 15 عاماً من الآن؟ إلا إذا أصبحنا جادين بشأن محاربة التغير المناخي، ولكي نظل دون الدرجتين المئويتين من الاحترار زيادة على درجات الحرارة ما قبل الصناعة، يجب على الولايات المتحدة أن تتحول سريعاً من الغاز والفحم إلى مصادر الكهرباء النظيفة والسيارات الكهربائية، وكما أشار باراك أوباما في شهر ديسمبر، عندما قام، بصفته رئيساً، بحماية معظم المحيط المتجمد الشمالي من التنقيب: «فإن الأمر سيستغرق عقوداً لتطوير إنتاج البنية التحتية بالكامل، واللازمة لأي إنتاج واسع النطاق للنفط والغاز في المنطقة – في الوقت الذي نحتاج إلى مواصلة التحرك بشكل حاسم بعيداً عن الوقود الأحفوري». *صحفي في نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©