الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحريات العامة في عهد براون ··· الموت البطيء

الحريات العامة في عهد براون ··· الموت البطيء
14 يونيو 2008 02:37
واجه رئيس الوزراء البريطاني ''جوردون براون ثورة جديدة داخل حزبه العمالي -الأربعاء الماضي- لم يحقق بسببها إلا فوزاً هامشياً بأصوات مجلس العموم، في المصادقة على مجموعة إجراءات جديدة تهدف، ضمن أمور أخرى، للسماح للسلطات الأمنية باحتجاز المشتبه بهم في جرائم الإرهاب لمدة تصل إلى 42 يوماً دون توجيه اتهامات محددة لهم، ثم تصاعدت عاصفة الاحتجاجات في وجه ''براون'' أكثر من ذي قبل، إثر استقالة ''ديفيد ديفيز'' -أحد كبار زعماء المعارضة، والناطق باسم الشؤون المحلية لحزب المحافظين- من منصبه البرلماني احتجاجاً على هذه القوانين· شرح ''ديفيز'' أسباب استقالته بأنها احتجاج على ما وصفه بـ''الخنق البطيء والتدريجي للحريات البريطانية الأساسية من قبل الحكومة الحالية''، ومن المرجح أن تؤدي خطوة ''ديفيز'' إلى تسليط الاهتمام على مشروع قوانين مكافحة الإرهاب الجديد، بكل ما يثيره من خلاف وجدل سياسييْن في بريطانيا، وما إذا كان هذا المشروع سوف يصبح قانوناً سارياً، ومتى يتم ذلك، فإنهما يتحددان بمدى النجاح الذي تحرزه الحكومة في تمرير المشروع عبر مجلس اللوردات، حيث لا يتوقع له أن يعرض للمناقشة قبل حلول موسم الخريف المقبل، وحيث يرجح له أن يواجه بعاصفة معارضة أقوى من التي واجهها يوم الأربعاء الماضي· ويقول معارضو مشروع القانون الذي نص على رفع مدة الاعتقال بدون توجيه اتهامات محددة للمشتبه بهم -من 28 يوماً إلى 42 عاماً- إنه يعطي بريطانيا صلاحيات اعتقال تحفظي لا تضاهيها أية صلاحيات مشابهة لها في الديمقراطيات الغربية الأخرى، وقد تعهدوا بمناهضة مشروع القانون اعتماداً على المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان· وجاءت نتيجة تصويت مجلس العموم على مشروع القانون الجديد بفارق 315 إلى 306 فقط لصالح المشروع، وهو الهامش الطفيف جداً الذي أحدثه قرار الحزب الديمقراطي الاتحادي في الدقائق الأخيرة بالتصويت لصالح مشروع القانون الجديد، ويتشكل هذا الحزب المحافظ من مجموعة من البروتستانتيين من أيرلندا الشمالية مشاركة في حكومة ''بيلفاست'' ومتحالفة مع التيار الروماني الكاثوليكي المسيطر فيها، الذي يتشكل من حزب الـ''شن فين''، وعلى رغم الضغوط القوية التي مارسها ''جوردون براون'' على أعضاء حزبه المعارضين لمشروع القانون، البالغ عددهم 30 عضواً من حزب العمال، إلا أنهم أصروا على موقفهم· وبالنتيجة تحوّل إصرار ''براون'' على المضي قدماً بمشروعه الجديد إلى محك اختبار لشعبيته وقيادته للحكومة والحزب العمالي معاً· يذكر أن المعارضة العمالية قد هددت بأن التصويت على مشروع القانون الجديد سوف يكون إهانة محققة لـ''براون'' في مجلس العموم، قبل أسابيع من التصويت عليه، وانضم إلى صف نواب حزب العمال المعارضين، نواب آخرون من حزبيْ المحافظين والديمقراطيين الليبراليين، إضافة إلى عدد من المنظمات الناشطة في مجال الحقوق المدنية، فضلاً عن مجموعات أخرى تمثل الجالية المسلمة البالغ تعدادها نحو 1,5 مليون مسلم على أقل تقدير، لما لهذا الأمر من نتائج تعمل على إقصاء المسلمين، إلى جانب إضعافه للصراع الواسع الدائر ضد التطرف الإسلامي في بريطانيا· وبتفاديه لحدوث أزمة مباشرة في صفوف حكومته، إنما أراد ''براون'' أن يوفر لنفسه مساحة يستطيع فيها التقاط أنفاسه، بحيث يتمكن من إعادة بناء شعبية حزبه السياسية، وتعزيز موقفه القيادي سواء في زعامة الحزب أم في رئاسة الحكومة، غير أن آخر استطلاعات الرأي العام التي أجريت بعد مضي العام بالكاد على تولي ''براون'' لمنصبه الحالي، أشارت إلى أنه أقل القادة البريطانيين شعبية في تاريخ بريطانيا السياسي الحديث· وبما أن هذا هو حظ الزعيم السياسي للحكومة والحزب العمالي، فإنه ليس متوقعاً لململة الاحتجاجات العمالية ضد سياساته، أن تهدأ بسبب الفوز الهامشي الذي حققه ''براون'' في التصويت الأخير على مشروع قانونه الجديد، نتيجة لدعم الديمقراطيين الاتحاديين المحافظين له في الدقائق الأخيرة من التصويت، فالمشكلة أنه لامناص لحزب العمال من خوض معركة انتخابية شرسة ضد خصومه المحافظين خلال عامين من الآن، ليس ذلك فحسب، بل إن مجموعة الديمقراطيين الاتحاديين هذه -المؤلفة من 9 أعضاء برلمانيين- لم تخف أسباب تأييدها لمشروع القانون الجديد، إذ قال قادتها إن تصويتهم هذا سيكون في مقابل مجموعة من الامتيازات التي وعدت بها الحكومة في عدة قضايا لها علاقة بأيرلندا الشمالية، بما فيها توفير دعم مالي يقدر بملايين الجنيهات الإسترلينية لأسعار المياه· وفيما يبدو فإنه ليس للامتيازات الأخرى تأثير يذكر على نتائج التصويت الأخير في مجلس العموم، وقد شملت هذه تعهداً من ''جاكي سميث'' -وزيرة الداخلية البريطانية- بدفع تعويضات للمشتبه بهم الذين تتجاوز فترة اعتقالهم التحفظي 28 يوماً، تصل قيمتها إلى ما يعادل 6 آلاف دولار يومياً، في حال الإفراج عنهم في نهاية الاعتقال دون توجيه تهم إليهم· ومن جانبها أصدرت الحكومة سلفاً مسودة لقانون الإرهاب الجديد، بهدف تطوير شبكة معقدة من الضمانات ضد الخطر الإرهابي، بيد أنها لا تزال بحاجة إلى دعم البرلمان لإجراء أمر اعتقال تسري مدة صلاحيته 30 يوماً بعد إصداره، في حال احتمال استمرار اعتقال المشتبه به لمدة تتجاوز 28 يوماً· يشار إلى أن مسودة القانون الجديد قد أجيزت بعد مضي ثلاث سنوات على هجمات السابع من يوليو الشهيرة على مدينة لندن، وراح ضحيتها 56 شخصاً، إلا أن الموافقة النهائية عليها لا تزال تواجه بعاصفة معارضة أقوى في مجلس اللوردات بحلول موسم الخريف المقبل· جون إف· بيرنز- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©