الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب الروسية -الجورجية: الأعباء والتداعيات

الحرب الروسية -الجورجية: الأعباء والتداعيات
9 أغسطس 2009 01:16
رغم استمرار الجدل حول من بدأ الحرب التي اندلعت في الصيف الماضي بين روسيا وجورجيا، إلا أن معظم الخبراء يتفقون على أن تاريخ إطلاق الرصاصة الأولى كان في السابع من شهر أغسطس عندما شنّت جورجيا هجوماً كاسحاً على «تشخنفالي» عاصمة أوسيتيا الجنوبية التي حازت استقلالها الفعلي خلال حرب أهلية قاسية قبل عقدين من الزمن. وفي ذلك الهجوم الذي شنته القوات الجورجية سقط العشرات من جنود حفظ السلام الروس مما دفع موسكو إلى إرسال وحدات من جيشها كانت متمركزة في أوسيتيا الشمالية بروسيا لتجتاح المناطق التي دخلتها القوات الجورجية، هذه الأخيرة التي مُنيت بهزيمة ساحقة على أيدي الروس الذين توغلوا داخل الأراضي الجورجية محتلين بلدات ومدن قريبة من الحدود مع أوسيتيا الجنوبية، لاسيما بلدة «جوري» التي قاموا فيها بتدمير الأسلحة الجورجية. وفيما يرى العديد من الخبراء أن الرئيس الجورجي «سكاشفيلي» أعطى لروسيا، بتحركه المتهور، الذريعة التي كانت تنتظرها لتكريس استقلال أوسيتيا الجنوبية، يذهب آخرون إلى أنه رغم الانتصار الواضح لروسيا في حربها مع جورجيا، إلا أنها كشفت من جهة أخرى مكامن الضعف في الجيش الروسي الذي لم يخضع لأية إصلاحات منذ الحقبة السوفييتية. هذا بالإضافة إلى الأعباء التي سيكون على روسيا تحملها بمساندتها للجيبين الانفصالين، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، بما يشكلانه من كلفة مالية باهظة وهواجس أمنية مستمرة، لاسيما بعد اعترافها باستقلالهما دوناً عن باقي دول العالم. والجدير بالذكر أن أوسيتيا الجنوبية التي يقودها المصارع السابق «إدوارد كوكيتي»، قد تجلب الكثير من المتاعب لروسيا في المستقبل، حيث يقول بعض المراقبين إن الجمهورية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 60 ألف نسمة تحولت إلى عبء اقتصادي ثقيل على كاهل موسكو، لاسيما بعد إغلاق الحدود المشتركة بين أوسيتيا الجنوبية وجورجيا في أعقاب الحرب التي دارت بين البلدين، مما عطل شرياناً مهماً للتجارة كانت تستفيد منه أوسيتيا الجنوبية لتقتصر الحركة التجارية حالياً على الممر الذي يربط الجمهورية الصغيرة بروسيا، وهو ليس بذات أهمية الحدود مع جورجيا. لكن المسؤولين في أوسيتيا الجنوبية ينفون هذه المخاوف، مؤكدين أن بلدهم سرعان ما سيسترد رخاءه الاقتصادي، وهو ما يشير إليه «ديفيد ساناكوف»، المساعد الخاص للرئيس «كوكيتي»، قائلا إن «أوسيتيا الجنوبية تتقدم ببطء، لكن بخطوات ثابتة بدأت مباشرة بعد انتهاء الحرب في عام 2008»، مضيفاً أن «هناك بعض المصاعب في مرحلة ما بعد الحرب، لكن سكان أوسيتيا الجنوبية يتسمون بالقوة والصلابة». والأكثر من ذلك، يبدو أن الرئيس «كوكيتي» يمتلك شهية مفتوحة لمواجهة أخرى مع جورجيا، حيث طالب روسيا خلال الأسبوع الجاري بتعزيز قواتها المتواجدة في أوسيتيا الجنوبية ورفع عددها وإمداده بالأسلحة حتى يتصدى لجورجيا. وفي حوار مع إحدى وسائل الإعلام الروسية، ألمح «كوكيتي» إلى استرجاع «الأراضي الأوسيتية التاريخية» التي ظلت داخل جورجيا بعد الحرب. وخوفاً من أية حركة متهورة تقوم بها أوسيتيا الجنوبية قد تفضي إلى إشعال حرب جديدة في المنطقة، أكد «فيودور لوكاينوف»، رئيس تحرير مجلة «شؤون عالمية» المتخصصة في السياسة الخارجية، أن «روسيا تحتاج إلى التنسيق في كل شيء مع رئيس أوسيتيا الجنوبية، فمع أن كوكيتي يحاول تكريس نفسه كأحد أقرب حلفاء روسيا، إلا أن لديه طموحات شخصية لذا ربما تكون للسلطات في أوسيتيا الجنوبية مصلحة في إشعال حرب جديدة مع جورجيا». ومن ناحية أخرى، أضعفت حرب الصيف الماضي الاستراتيجية الروسية في مجال الطاقة بعدما أقلقت جيرانها وشجعت الاتحاد الأوروبي على السير قدماً في تنفيذ مشروع خط نقل الغاز الطبيعي «نوباكو» الذي طال انتظاره، بحيث يتوقع من الخط الجديد أن ينقل 20 مليار متر مكعب من غاز آسيا الوسطى إلى الأسواق الغربية بحلول عام 2014 دون الحاجة إلى المرور عبر الأراضي الروسية. وعن هذا الموضوع يقول «لوكاينوف» المتخصص في الشؤون الخارجية إن خط نوباكو «هو في الأساس مشروع سياسي نشأ بسبب الخوف من روسيا بعد حربها الأخيرة مع جورجيا». فريد وير محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©