الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الممنوع مرغوب! شكوى الأمهات المزمنة

الممنوع مرغوب! شكوى الأمهات المزمنة
15 يونيو 2008 01:17
قد تفسر قاعدة ''الممنوع مرغوب'' طباع الأطفال في الانجذاب نحو كل ما هو ممنوع لإرضاء وإشباع حاجات غامضة، ولا ينصرفوا عنها الا إذا تفهموا أسباب المنع ويكونوا على استعداد لقبوله والاقتناع به ومن ثم الانصراف عنه· وعالم الطفل، عالم مجهول إلى حد كبير، وإذا تعلمنا كيف نصرف انتباه أطفالنا عن أشياء قد تسبب لهم بعض المتاعب والمخاطر، يكون من السهل إبعادهم عنها، وحيث يكون الطفل في عامه الأول شديد اللهفة والفضول لاكتشاف العالم من حوله، ولا نستطيع تحديد أولويات مطالبه وأهدافه، فقد ينجذب نحو بعض المقتنيات ويروق له العبث بها، كالتليفزيون أو جهاز الهاتف أو مجموعة المفاتيح، أو علبة السجائر أو غير ذلك من الأدوات الحادة الموجودة بالمطبخ، أو بعض الأقلام، ولا يتردد في وضعها في فمه أو جذبها أو قذفها ولا يعلم ما تسببه من ضرر له أو للآخرين، وكثيراً ما ننجح في صرف انتباهه عنها باعطائه شيئاً آخر بديلاً لها، وفي كثير من الأحيان لا ننجح في ذلك ويزداد غضبه وعناده وبكاؤه ويصر عليها· على الأم أن تتوقع دائماً ما هو محتمل منه، وما هي الأشياء التي يكون باستطاعته الوصول إليها ليجذبها أو يدفعها أو يقذفها وقد تسبب له الضرر أو المخاطر ولاسيما في غيابها ؟ فالطفل في الغالب لا يغضب كثيراً إذا أراد تسلق أحد المقاعد أو فتح إحدى الخزائن أو الوصول إلى أعلى المنضدة ولم يستطع، فهو في أغلب الأحوال يبحث عن أماكن يسهل له الوصول إليها، وفي هذه المرحلة يفضل أن تترك الأم في لحظات انشغالها عن وليدها أشياء تثير فضوله واهتمامه ولا تسبب له مشاكل محتملة حتى ينشغل بها ويلهو بها في أمان· ولكن·· كيف تتصرف الأم عندما يبدي طفلها إصراراً على العبث بأشياء ممنوعة أو خطرة عليه، كالاقتراب من جهاز التليفزيون وجذبه أو دفعه أو الالتصاق به، أو تكرار جذب سلك الهاتف، أو وضع الأحذية في فمه، أو غير ذلك من أفعال تتكرر كل يوم في بيوتنا· ماذا تقول له عندما يحاول هز المنضدة أو لمس الفرن وهو يعمل، أو المكواة، أو فتح النافذة أو تسلق المناضد والأثاث ؟ هنا، يمكن للأم أن تكون حازمة، فكلمة ''لا'' لا تكفي، بل قد تثير المزيد من فضوله ورغبته ولكن عليها أن تعبر بلهجة حازمة وغير عصبية وتنطوي على الجدية اللازمة ولا تترك للزمن ما يجعله يكتسب ''خبرة'' لماذا نرفض ذلك، فقد يصيبه الأذى قبل أن يكتسب هذه الخبرة· وتحاول في نفس الوقت أن تفهمه بوضوح وبساطة تتلاءمان مع عمره العقلي ''لماذا لا؟'' وتحاول أيضاً أن تلهيه وتصرف انتباهه بشيء آخر يثير فضوله· وإذا كرر الطفل هذا السلوك مع الحزم الذي تبديه الأم، ليس هناك ما يمنع على الإطلاق من ابعاد هذا الشيء من أمامه كلياً، وإذا تعذر ذلك فيكون العكس بأن تحمل طفلها وتخرجه من المكان كلياً وأن استمر بكاؤه طويلاً، ولابد لها أن تشعره بخطورة وخطأ عدم قبول ما يفعله، ولا تدعه فريسة للحيرة والجدل والأخذ والرد وأحياناً التراخي والتدليل والتهاون الذي يفسده ويجعله أكثر إصراراً في المرات القادمة على تنفيذ رغباته أو الوقوع في مخاطر لا يحمد عقباها· فعندما تهز الأم اصبعها أو تشير به من على بعد فقط، فقد يأتي بعكس ما ترغب، وأحياناً تغري الطفل لتكرار محاولته، وإذا انتبه في تراخ فإنها تضعه أمام أحد الخيارين، الاستلام بخضوع لرغبتها، او التحدي لها·· ومن ثم لا مناص من الحزم، فتقول ''لا'' وفي نفس الوقت تبعده عن الخطر أو تبعد المخاطر عنه دون تردد· وكثير من الأمهات يتبنين وجهة النظر التي تقول ''دع الطفل يخطئ ويجرب حتى يكتسب الخبرة بنفسه'' بشرط أن يكون تحت المجهر، والضرر الذي قد يصبه لا يبلغ حد الأذى، وفي ذلك أقصر وانسب طرق التعليم·· ومثال على ذلك، إذا أصر الطفل على لمس المكواة أو مصباح المنضدة وفشلت فمعه كل جهود صرفه عن ذلك·· قالت أحد الأمهات: ''تركت طفلي يلمس المكواه بعد أن تأكدت أن درجة حرارتها لا تصيبه بأذى وكانت كفيلة فقط بأن تجعله يغير رأيه·· وبالفعل عندما أصر على الإمساك بها تركته، عندها صرخ صرخة قوية، وبعدها لم يعد يقترب منها''· إن هذه الخبرات مفيدة بلاشك، وتبعد الطفل تماماً عن محاولاته المستمرة في أن يقترب منها، ولكن يجب مراعاة الحذر الشديد فيها، وهناك أشياء لا يمكن معها الخبرة أولاً، فإذا أراد أن يفتح النافذة مثلاً، لا تستطع الأم تركه حتى يكتسب الخبرة ويسقط منها· أو عند وضع أشياء خطرة في فمه· هنا يمكن التأكيد على لغة الأم الحازمة والصارمة أحياناً، ولا بأس من تركه يكتسب الخبرات اللازمة بشرط أن تكون في مأمن وحماية من الأم أو المحيطين بالطفل، ولا تترك له أي فرصة أمامه للاحتمال أو التجربة، وأن تعي تماماً أن كلمة ''لا'' وحدها لا تكفي، فقد تكون سبباً في شغفه الزائد بكل ما هو ممنوع·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©