الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أردوغان يحظر «تويتر».. والأتراك يرفضون

23 مارس 2014 23:03
يبدو أن مسعى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، يوم الخميس الماضي، بإعلانه حظر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قد وصل إلى طريق مسدود، بل يبدو أنه مني بفشل ذريع، فبعد ساعات قليلة فقط على إعلان الحظر تدفقت الملايين من التغريدات على الموقع، متجاوزة الحظر لاستخدام الأتراك وسائل مبتكرة لمواصلة التغريد. وفوق ذلك كانت لهذه الخطوة المتشددة ردود فعل منددة سواء داخل تركيا، أو خارجها. والواضح أن خطوة أردوغان القاضية بحجب موقع شهير للتواصل الاجتماعي يحظى بإقبال جماهيري كبير في تركيا مثل تويتر، إنما يندرج في سياق رغبة الحكومة منع وصول تسريبات أخرى ينشرها الموقع بشأن فضائح الفساد التي تحوم حول رئيس الوزراء نفسه وبعض الشخصيات المقربة منه، ولاسيما أن الانتخابات البلدية على الأبواب ولا يفصلنا عنها سوى عشرة أيام. وكان أردوغان قد تعهد قبل يومين أمام حشد من الموالين في مدينة بورصة، على هامش الحملة الانتخابية التي يقودها لمصلحة حزبه، بـ«استئصال» تويتر، قائلاً: «لا أهتهم بما يقوله المجتمع الدولي، الجميع سيشهد على قوة الجمهورية التركية». ولكن القرار لم يمر دون ردود فعل قوية كان أهمها تنديد رئيس الدولة نفسه، عبد الله غول، حيث قطع فترة من الصمت دامت شهراً كاملاً على حسابه على التويتر، معبراً عن معارضته لقرار المنع بتغريدة جاء فيها «لا يمكن قبول حظر موقع من مواقع للتواصل الاجتماعي». وحتى بعد إقرار المنع رد الأتراك بسرعة باستخدام برمجيات خاصة سمحت لهم بالالتفاف على الحظر من خلال تغيير نطاقات الإنترنت وعناوين أجهزة الكمبيوتر لتنهمر التعليقات المعارضة، وهو ما أكدته «جونزو إنسايت»، وهي إحدى شركات الإنترنت بتركيا التي أحصت 2,5 مليون تغريدة تم تداولها داخل تركيا خلال ثلاث ساعات فقط من دخول قرار المنع حيز التنفيذ، ما يدل على رغبة جامحة لدى المستخدمين في تحدي القرار الحكومي والاستمرار في التواصل عبر الموقع. يُذكر أن عدد الأتراك المنخرطين في موقع تويتر كبير جداً، حيث تحتل تركيا المرتبة الثامنة عالمياً من حيث عدد المستخدمين، فضلاً عن أن لديها النسبة الأعلى من حيث دخول الموقع في أوساط رواد الإنترنت. وحسب الإحصاءات فقد وصل عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا إلى أكثر من عشرة ملايين تركي، ولاسيما بعدما تحولت تلك المواقع إلى مصدر الأخبار الرئيسي في البلد بسبب التضييق الذي باتت تتعرض له وسائل الإعلام التقليدية. وعلى امتداد الأسابيع الماضية عاش الأتراك حالة من الترقب والانتظار الشديدين لما ستنتهي إليه سلسلة التسريبات التي طالت مكالمات هاتفية دارت بين رئيس الحكومة ومقربين منه، من بينهم ابنه بلال الذي نقلت إحدى التسريبات ما يفيد أنه ناقش مع والده طريقة التخلص من عشرات الملايين من الدولارات قبل مجيء الشرطة. ويتوقع الأتراك أن يطفو مزيد من تلك التسريبات إلى العلن في الأيام المقبلة مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية. ويرجع حظر الحكومة التركية لموقع تويتر إلى ذيوع صيت حسابين أساسيين أحدها يحمل اسم «أبناء اللصوص»، فيما يسمى الآخر بـ«رئيس اللصوص» في تلاعب واضح بكلمة «رئيس الوزراء»، وهما اللذان سرّبا، بالإضافة إلى موقع «يوتيوب»، التسجيلات، أو أشارا إليها بشكل متواتر. وعن سبب الحظر في هذا التوقيت بالذات يقول كريم ألتيبارماك، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أنقرة والمتخصص في الإنترنت: «أعتقد أن رئيس الوزراء يريد منع دخول الأتراك إلى تويتر في هذه اللحظة المهمة التي تسبق الانتخابات لأنه يتوقع أن تخرج تسريبات أخرى ربما تزيد من إحراجه وكشف المستور». وكانت الجهة التي أشرفت على تنفيذ قرار الحظر هي «هيئة تكنولوجيا الاتصالات» التابعة للحكومة التي خُولت مؤخراً سلطات واسعة لمراقبة ما ينشر على الإنترنت وما يسمح للأتراك بالاطلاع عليه. وعللت الهيئة قرار الحظر في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني جاء فيه أن تويتر تجاهل عدداً من قرارات المحاكم التركية، فيما رد الموقع بأنه سيرفع دعوى قضائية على الحكومة التركية لإلغاء الحظر وإعادة المستخدمين الأتراك إلى تويتر. وكما هو متوقع لم تتأخر أيضاً الردود الدولية وأهمها تنديد الاتحاد الأوروبي الذي تسعى تركيا إلى الانضمام إليه، حيث عبر عدد من الدول عن استنكارها لقرار المنع، معتبرة أنه يمس حرية التعبير ويضيّق على وسائل نقل المعلومات. وقد عبر عن هذا التنديد المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع، ستيفان فول، قائلاً: «يثير قرار حظر استخدام موقع تويتر في تركيا قلقاً بالغاً، كما يلقي بشكوك حلول مدى التزام أنقرة بالمعايير والقيم الأوروبية». ولكن مسؤولين كبارا في الحكومة التركية دافعوا عن قرار المنع، فقد أكد وزير المالية «محمد سيسميك» أن ما أقدمت عليه «هيئة تكنولوجيا الاتصالات» التركية هو حالة معزولة وجاء تنفيذاً لأحكام قضائية، نافياً أن يكون الحظر يعبر عن «عقلية المنع». إلا أن الأمر طرح العديد من التساؤلات حول توجه أردوغان الذي بات ميله واضحاً نحو التسلط حسب رأي فئة مهمة من الأتراك، وهو ما يقلق المراقبين بشأن مستقبل تركيا في ظل تنامي الاحتجاجات السياسية في الشارع واحتدام الصراع السياسي بين أردوغان وجماعية «كولن» التي يقول إنها تتآمر لإسقاط حكومته. ‎ألكسندر كريستي ميلر إسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريسيتيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©