الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان وحصار «الإخوان»

23 مارس 2014 23:03
شهدت الأيام الماضية اشتداد الخناق على نظام «الإخوان المسلمين» السوداني أفريقياً وعربياً ودولياً. لكن النظام صعد من عملياته العسكرية والأمنية في محاولة للقول، إنه لا يزال يملك زمام المبادرة ضد الهجمات التي يواجهها من كل ناحية. ففي الخرطوم قام «مجهولون» (حسب رواية النظام)، بإطلاق النار على ندوة نظمها طلاب دارفور في جامعة الخرطوم ودعوا لها متحدثين من قادة القوى السياسية وانتهت الندوة بصدام بين طلاب «المؤتمر الوطني» وبقية الطلاب إلى سقوط أحد الطلاب من منظمي الندوة قتيلا. الحكومة قالت إن قوات الشرطة والأمن التي كلفت بحفظ النظام داخل الندوة لم تطلق النار، لأنها لم تكن تحمل ذخيرة حية حسب أوامر والي الخرطوم، ووعدت بتشكل لجنة للتحقيق في الحادث، وقامت إدارة الجامعة -بأمر من الرئاسة- بتعطيل الدراسة لأجل غير مسمى. وفي شمبات (إحدى ضواحي الخرطوم) قامت قوات الأمن والشرطة بمحاصرة ميدان كان يفترض أن يشهد «ليلة سياسية» يخاطب فيها قادة «تحالف قوى الإجماع الوطني»، بمحاصرة الميدان، مدعومة بالدبابات والمدرعات وطائرات الهيليكوبتر، ومنعت المواطنين الذين جاؤوا من أحياء وضواحي ولاية الخرطوم من الوصول إلى الميدان واضطر منظمو الندوة لإقامتها في دار حزب المؤتمر في شمبات. لكن قوات الأمن تدخلت وأنزلت السكرتير السياسي للحزب الشيوعي من المنصة وقامت بتفريق المجتمعين. أما خارج الخرطوم فإن تصعيد الحكومة لعملياتها الحربية في شمال دارفور، أصبح أمراً معروفاً للسودانيين ودول الجوار والمجتمع الدولي. فقد أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً شديد اللهجة شجبت فيه الحكومة وما أصبح يسمى «قوات الدعم السريع» التي أدت عملياتها إلى قتل مئات المواطنين ونزوح 120 ألف شخص. وتصاعد الموقف الأميركي الشاجب لعمليات الحكومة، حيث أصدرت ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن بياناً صحفياً قالت فيه «إن الولايات المتحدة تراقب بقلق شديد ما يجري في شمال دارفور.. وإن قوات الحكومة السودانية المسلحة وغيرها من الجماعات المسلحة تواصل مهاجمة المدنين في دارفور.. ونحن نشجب الهجمات الأخيرة من جماعات الدعم السريع المعروفة محلياً بالجنجويد والعنف المتعاظم في شمال دارفور الذي أدّى إلى نزوح مائة وعشرين ألف مواطن وسقوط مئات القتلى منذ يناير الماضي». كما بعث مجلس السلم والأمن الأفريقي بخطاب لفريقي المفاوضات، «المؤتمر الوطني» و«الحركة الشعبية»، أمهلهما حتى 30 أبريل القادم للوصول إلى تسوية شاملة، وقال إنه سيرفع تقريره لمجلس الأمن الدولي في مايو القادم على ضوء ما سينجم عن رد الفريقين. أما عربياً، فإلى جانب إعلان البنوك العربية الرئيسية في الخليج وقف التعامل المصرفي مع بنوك السودان، فقد أعادت السلطات السعودية شحنة من الماشية السودانية من ميناء جدة. وتمثل صادرات الماشية السودانية إلى المملكة العمود الفقير للصادرات السودانية بعد توقف تصدير البترول. واستكمالا لحلقات الحصار على السودان، أعلنت شركات الطيران العالمية العاملة في الخرطوم عن توقف رحلاتها من وإلى البلاد بسبب عدم توفر الوقود وزيوت الطائرات في الخرطوم، وبسبب عدم التزام السودان بتحويل أرصدتها المتراكمة بالعملة السودانية. كل هذا، ودون شك، سيدفع ثمنه المواطن السوداني من حصار وانهيار اقتصادي في معيشته اليومية بسبب الفشل الذريع الذي قادت به سياسة «الإخوان المسلمين» المغامرة البلد لهذا الوضع الخطير. لكن النظام الذي اعتاد الألاعيب والمناورات السياسية لا يريد الاعتراف بفشله والجلوس مع بقية أهل السودان في مفاوضات جادة وأجواء تتوفر فيها الحرية والكرامة والعدل لكل السودانيين، ليتوافقوا على إنقاذ وطنهم من أهل «الإنقاذ». وآخر مناوراته الفاشلة ما سُرِّب عن اجتماع «المؤتمر الوطني» و«المؤتمر الشعبي»، في مسلسل لقاءات البشير مع الأحزاب والقوى السياسية. فقد قيل إن حزب «المؤتمر الوطني» طلب من شقيقه حزب «المؤتمر الشعبي» بقيادة الترابي أن «يتوسط» لدى جماعات دارفور المسلحة لإقناعها بالدخول في الحوار القومي المزعوم. لكن من يقرأ هذا الخبر من المهتمين بالشأن السوداني، سيتذكر أن الترابي تبجح في بعض تصريحاته الصحفية أن بإمكانه حل مشكلة دارفور خلال ساعة واحدة، وأعقب ذلك بإحدى ضحكاته الساخرة! ولا شك أن الترابي قد فرح وسعد برجاء تلامذته السابقين أن يمد يديه لإنقاذ مركبهم الموشكة على الغرق. وفات عليهم وعلى شيخهم السابق أن الزمان لم يعد الزمان، وأن الرجال الذين كان يأمرهم الترابي فيطيعوه لم يعودوا نفس الرجال، وقضية دارفور المأساوية، شأنها شأن أزمة السودان الشاملة، حلها بيد الشعب السوداني وقواه الديمقراطية التقدمية. عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©