الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نجم الدين مردان: الاستعداد للكتابة بالتمارين .. واصطياد العلم بالتسجيل

نجم الدين مردان: الاستعداد للكتابة بالتمارين .. واصطياد العلم بالتسجيل
11 أغسطس 2009 00:06
في كتابه المعنون «دعنا نستعد للكتابة»، يتناول الباحث نجم الدين علي مردان، مدير جامعة آل لوتاه العالمية بدبي، أساليب الأهل في تعليم أولادهم، في أعمار مبكرة، مشيراً إلى العديد من المخاطر النفسية، التي تهدد الطفل بفعل الضغوطات الممارسة حياله. يقول الباحث: قال تعالى: «ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ» (القلم / 1). استلهاماً من قسم الله تعالى بحرف (ن) من حروف لغتنا العربية الجميلة، واستبشاراً بالقلم أداة الكتابة الذي تشرف بتسطير آيات الله العظمى دستوراً وفكراً وعلماً إلى قيام الساعة، فالقلم بحق هبة ربانية، وهبة الله تعالى في أولى آيات القرآن المجيد المدون في اللوح المحفوظ سرمدياً .. إذ قال تعالى: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم» (العلق / 1-5). القلم صانع الكتابة وأداتها في النسخ والإبداع، والكتابة وسيلة إلى تدوين القرآن والتبشير به. إن الكتابة هي سجل لبلاغة اللغة العربية في تسطيرها بمداد الروح، حيث قال تعالى: «وَالطُّورِ، وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ، فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ» (الطور / 1-3). وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة» (رواه أبو داود). وفي الحقيقة إن صناعة الكتابة، واستعمال القلم مسألة أزليّة مباركة، وموضوع إنساني مقدس عند الله تعالى، وتسطير منير لآيات وسور القرآن الكريم في اللوح المحفوظ، ونقل مكرم بأمين الوحي جبريل إلى قلب ولسان النبي محمد بلوح مكتوب، قال تعالى: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ: خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» (العلق / 1-5)، فاستعمال القلم، وبراعة صناعة الكتابة والتسطير به هبة ربانية، ولعل أول من وهبه الله تعالى صناعة الكتابة بالقلم، هو النبي إدريس، وقد ورد في صحيح ابن حبان قول النبي صلى الله عليه وسلم عن إدريس: أنه «أول من خط بالقلم» (أخرجه ابن حبان). ثم انتشر أمر القلم في التسطير إتقاناً وتجميلاً وتنويعاً إلى قيام الساعة في سورة القلم وما يسطرون، قال تعالى: «ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ» (القلم / 1). وهكذا فالقرآن الكريم أول كتاب مسطور في اللوح المحفوظ، ونداءً ربانياً مقروءاً، حيث قال تعالى: «اقْرَأ» .. فالقراءة أمر إلهي، وصدى روحاني، وحياة للقلوب الوالهة، ويقظة للعقول المفكرة، ومصدر لكل العلوم، وشعار لأمة الإسلام الناهضة، وزيادة في المعرفة، وجليس ممتع للصحبة الأليفة، وفخر لأمّة القرآن، أمّة القراءة، فجاءت كلمة «اقْرَأْ» شفاءً للنفوس الحائرة، وتعميماً لنتاج العقول البشرية النامية. اصطياد العلم كتابته القراءة لا تتم إلا بالكتابة والكلمات المسطورة، عن أنس بن مالك يقول لبنيه: «يا بني قيدوا هذا العلم». وأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد كان يقول: «قيّدوا العلم بالكتب» (رواه الدارمي في سنده). وكذلك جاءت الحكمة القديمة: «اصطياد العلم كتابته». فالقراءة والكتابة عملة نادرة ذات وجهين، والعلاقة بينهما علاقة عضوية نامية بصفحات معبرة عن الفكر الإنساني وأحاسيسه، وخلجات نفسه، وبراعة قلمه. فالقلم للكاتب كالسيف للشجاع الماهر، والقلم للكاتب وسيلته الفنية في التدوين والحفظ، والقلم للإنسان لسانه الطلق لعقله المفكر، ومتعته في تسجيل خواطره، وتحقيق أمانيه، وترجمان لمشاعره وأحاسيسه. وهكذا فقد أصبح القلم بحق نعمة من الله تعالى للبشرية جمعاء، ومفتاحاً فريداً في الوصول إلى العلوم وتسجيل الآداب ونشر الأخبار والوقائع التاريخية في كل زمان ومكان. إن الكتابة مهارة فنية إنسانية دقيقة خصّنا الله بها لتكون ديواناً مفتوحاً ننتفع به، وتسجيلاً لما نسمعه. لقد قال الفراهيدي: «ما سمعت شيئاً إلا كتبته، ولا كتبت شيئاً إلا حفظته، ولا حفظت شيئاً إلا انتفعت به». الطفل في رياض الأطفال ولذلك فإن برامج رياض الأطفال المعاصرة تؤكد على تكوين الاستعداد للقراءة والكتابة لا تعليم القراءة والكتابة المباشرة، لأن الطفل في الروضة غير مهيئ عقلياً وحسيّاً وعضلياً لتعلم القراءة والكتابة مباشرةً، فرياض الأطفال المعاصرة ضمن برامجها التعليمية، قد أولت اهتماماً متميزاً لتكوين الاستعداد لدى الطفل بمهارات القراءة والكتابة، ويسّرت له تمارين وأعمالا متنوعة في تكوين مهارة النمو الحركي والعضلي الدقيق لليد والأنامل التي تسهّل عملية اكتساب مهارة الاستعداد في مسك القلم وتحريكه، وإدراك الكتابة وحروفها، والميل إليها بحب ورغبة ومرونة سهلة، وذلك عن طريق ألعاب متنوعة من ألعاب حركية عضلية حرّة بتحريك اليد والأصابع في الهواء والماء والرمل والتعامل مع الطين الاصطناعي أو الحر، أو اللعب بإمرار الخيوط في ألواح مثقوبة بصورة منظمة، أو تنظيم الخرز المثقوبة على خيوط نايلونية. واستخدام الأقلام الخشبية والشمعية، وفرشاة الألوان، ثم الانتقال بالتدريج إلى ألعاب نظامية وتمارين مدروسة في تكوين الاستعداد لكتابة ورسم الحروف. مما يؤدي إلى ممارسة هذه الأنشطة عن طريق اللعب إلى مرونة الحركة الانسيابية والمتناسقة للقلم وفق خصائص كتابة الحروف الهجائية العربية، ثم تمييز الحروف ورسمها وكتابتها في نهاية تمارين الكراسة، وهذه الكراسة ما هي إلا محاولة عملية. وتدريب مشوِّق في تكوين الاستعداد الصحيح للكتابة والالتزام بمتطلباتها التي تساعد الطفل على صقل واتزان مهارته الحركية لليد والأصابع في مسك القلم بصورة صحيحة مبكرة. مما يساعد على سهولة إتقان الخط وكتابة الكلمات بصورة متناسقة في تعلمه القراءة والكتابة في الصف الأول الابتدائي، حيث إن اكتساب المهارة المبكرة، والمرونة المتناسقة في تحريك اليد والأنامل مع التآزر الحركي للعين في رسم الخطوط الأفقية والعمودية والمنحنية، والأقواس والدوائر والأشكال الهندسية، تساعد على سهولة كتابة الحروف بأشكالها النظامية، وبخصائصها الكتابية بصورة سهلة وميسورة. أظهرت إحدى الدراسات في إعداد الطفل للكتابة ما يلي: «الملاحظ أن كثيراً من الأطفال يفتقدون الاستعداد لتعلم أساليب الكتابة عند التحاقهم بالمدرسة، كما أن معظمهم لا يستطيعون في أول الأمر الإلمام بصيغ الخط المختلفة التي يستخدمها الكبار، لذلك فإن من حق هؤلاء الأطفال أن ينالوا تدريباً خاصاً يساعدهم على اكتساب مزيد من التحكم الحركي، والإلمام بالصيغ المعتادة للخط، بما ينمي استعدادهم العقلي للكتابة». وتقول الباحثة الدكتورة جوزال عبد الرحيم، في كتابها الموسوم «إعداد الطفل للكتابة»: تغلب على خطوط الطفل في المرحلة أربع إلى سبع سنوات تقريبا،ً الخطوط شبه الهندسية كالدائرة، والخطوط المستقيمة والمنحنية، وخطوط الطفل في هذه المرحلة تعتمد على التفكير المستمد من الواقع، وتصبح رموزه محملة بالخبرة. ومما لا شك فيه أن الكتابة من المهارات اللغوية الحركية الآلية النظامية في رسم الحروف والكلمات بوضوح وجمال، وسهولة وسرعة بعد تفتح القدرات الآتية: 1.السيطرة المتزنة، والحركة الدقيقة للعضلات الحركية الكبيرة والدقيقة في حركة الذراع واليد والأنامل إلى جهات مختلفة. 2.التوافق الحركي المتناسق بين حركة اليد والعين، وانسيابية القلم وحركته على الأسطر. 3.الاتزان العصبي في تلقي الحركات الخاصة بالحروف والكلمات ضمن الأسطر. 4.القدرة على التركيز والدقة في الملاحظة في تحديد حجم الحروف والكلمات في نسق واحد. 5.المرونة في مسك القلم، والحركة الانسيابية من ارتفاع وانخفاض مناسب أو تحرك سلس ومتناسق. ولقد أكد (مارتن Marten) على أن إتقان الأطفال، وممارسة تمارين الاستعداد للكتابة في مرحلة الطفولة المبكرة يشجعهم على القراءة المبكرة، ولقد أثبتت بعض التجارب بأن (63%) من الأطفال بعد تمارين الاستعداد للكتابة قد استطاعوا كتابة جمل كاملة، وقراءة عناوين قصص مصورة. وفي الحقيقة أن الكتابة العربية وحروفها الهجائية ما هي إلا خطوط أفقية أو عمودية أو منحنية أو أقواس أو دوائر أو مثلثات بأبعاد متناسقة، فلا بد من تحفيز الطفل على ممارسة رسمها بتمارين سهلة، وعن طريق اللعب المشوِّق. وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فقد أعددنا كرّاستين للاستعداد للقراءة والكتابة، هما: «دعنا نستعد للكتابة» و «هيا نكتب».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©