السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رفع أسعار الوقود وتداعيات التضخم الآسيوي

رفع أسعار الوقود وتداعيات التضخم الآسيوي
15 يونيو 2008 02:06
لقد عاد التضخم الاقتصادي ليضرب القارة الآسيوية بأسرها، ومن فرط تأثيره فإن الشعور بتداعياته لم يعد قاصراً على الخبراء وصانعي السياسات وحدهم، وفي مواجهة اتساع حملة الاحتجاجات الشعبية والقلاقل التي تسبب بها الارتفاع الجنوني لأسعار الوقود والغذاء، فهاهي الحكومات الآسيوية وهي تصارع من أجل إطفاء نيران الغضب الشعبي من جهة، ومحاولة الإبقاء على مستوى النمو الاقتصادي لبلدانها من الجهة الأخرى· ومع بلوغ معدلات التضخم ثلاثة أمثال ما كانت عليه خلال العام الحالي، في كل من تايلاند وفيتنام وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، اضطر صانعو السياسات الاقتصادية في هذه البلدان، إلى رفع معدلات سعر الفائدة، في مسعى منهم لكبح جماح الأسعار، وفي الوقت نفسه تعين على الحكومات الآسيوية خفض الدعم الحكومي المقدم لأسعار الوقود، على أمل خفض تضخم فاتورة إنفاقها الحكومي، وفي كل هذه الإجراءات لم يغب عن أعين الحكومات المذكورة أن تواصل رقابتها على ردود الفعل السياسية الغاضبة عليها· ففي الأسبوع الماضي رفعت ماليزيا أسعار البنزين في محطات التزود بالوقود بمعدل 41 في المائة للبنزين و67 في المائة للجازولين، وقد جاء هذا الإجراء المفاجئ مثيراً لرعب المستهلكين الذين طالما اعتادوا على شراء الوقود الرخيص، بينما حل برداً وسلاماً على صدور قادة المعارضة، الذين سرعان ما شرعوا في تنظيم حملات مناهضة للتضخم والغلاء على امتداد البلاد كلها، على أن ردة الفعل هذه كانت أسرع وأشد في الهند، فعلى إثر اندلاع مواكب الغضب الشعبي في البنغال الغربية، عقب مضاعفة أسعار الوقود هناك، بدا للمحللين والمراقبين أن من شأن ردود الفعل المشابهة أن تؤثر سلباً على شعبية حزب المؤتمر الحاكم· ومع بقاء أسعار الوقود العالمي على ارتفاع معدلاتها، فقد كان طبيعياً أن تتصاعد الضغوط على البنوك المركزية الآسيوية، بغية حملها على التصدي لتداعيات تصاعد التضخم، والمعضلة الرئيسية التي تواجهها البنوك المركزية هي كيفية رفع أسعار الفائدة، دون التأثير السلبي على معدل النمو الاقتصادي والتسبب في إبطائه، مع العلم أن معدل النمو الاقتصادي هو الأساس الداعم لشعبية الكثير من الحكومات الإقليمية الآسيوية· وعلى رغم هذه المعضلة، إلا أنه ما من شك في أن هذا الاتجاه التصاعدي الجنوني للأسعار العالمية، ما يرغم صناع السياسات والقرارات على سرعة التصدي له· تأكيداً لهذا قــــال ''ديفيد كوهين'' -مدير التنبؤات الاقتصادية الآسيوية بمنظمة ''آكشن إيكنوميكس'' في سنغافورة-: ''لسنا وحدنا الذين نواجه الضغوط الناشئة عن التضخم الاقتصادي هنا في آسيا، وإنما هي ضغوط يواجهها صناع السياسات في شتى أنحاء العالم اليوم، والسبب هو الاتجاه التصاعدي المستمر لأسعار الوقود والغذاء عالمياً، ما يؤدي إلى رفع معدلات التضخم''، هذا ويتوقع ''كوهين'' أن تضطر الهند أيضاً إلى رفع أسعار الفائدة، على غرار ما سبقتها إليه كل من إندونيسيا وفيتنام والفلبين· يذكر أن ''بن بيرنيك'' رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد أعلن عن رفع أسعار الفائدة في التاسع من شهر يونيو الجاري، تحت تأثير ضغوط التضخم الناتجة عن الارتفاع القياسي لأسعار النفط، وقد استشف المراقبون والمحللون الذين حضروا الخطاب الذي ألقاه ''بيرنيك'' في ذلك الخصوص، ما يشير إلى ارتفاع مستقبلي لأسعار الفائدة، وكان البنك الاحتياطي الفيدرالي قد سعى من قبل إلى خفض أسعار الفائدة، في مسعى منه للحيلولة دون حدوث كساد اقتصادي في الولايات المتحدة، وهو ما يحظى بمراقبة المصدرين الآسيويين· ''قبل ستة أشهر كان صناع السياسة الآسيويون قد عانوا آلام تباطؤ تدفق الصادرات الآسيوية إلى الولايات المتحدة'' هذا ما يؤكده ''جيمس ماكورماك'' -رئيس مجموعة التسعير الآسيوية الباسيفيكية بمؤسسة ''فيتش ريتنجز'' في هونج كونج-، وفي الوقت نفسه أدرك المصدرون الآسيويون أن انخفاض الطلب على الوارد الآسيوي في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى في الدول الغربية، من شأنه الحد من أسعار السلع العالمية، ما يعني خفض فواتير وارداتهم، غير أن الذي حدث بدلاً من ذلك، أن القارة الآسيوية تواجه اليوم ارتفاعاً حاداً ومتصاعداً في أسعار الوقود وغيره من السلع الأساسية، دافعاً بذلك صناع السياسات إلى خانة الدفاع والصراع ضد تداعيات التضخم وتأثيراته المدمرة· الافتراض الحالي هو أن تباطؤ النمو الاقتصادي في آسيا، سوف يرغم بلدانها في نهاية الأمر، على التعويل على انخفاض تكلفة أسعار السلع عالمياً، بحكم اعتمادها كلياً على واردات النفط الأجنبي، لكن وعلى رغم ذلك، يحذر الاقتصاديون والمحللون من أن الاتجاه التصاعدي لأسعار النفط قد دحض هذه التنبؤات· ويعد الأرز أحد السلع الأساسية المتأثرة بالتضخم، فقد تراجعت أسعاره نسبياً من معدلات ارتفاع قياسي شهدها في بدايات العام الحالي، وتمتد تأثيرات سلعة الأرز هذه إلى فيتنام، التي نجح قادتها الشيوعيون في تحويل اقتصاد بلادهــــم إلى اقتصــــاد جاذب عالمياً، يقوم على انخفاض أسعار تكلفة الإنتاج، إلا أن قدرة الاقتصاد الفيتنامي على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، أدت إلى زيادة حمى التنافس، في وقت يضرب فيه التضخم الاقتصاد العالمي كله، والنتيجة هي ممارسة المزيد من التضييق في العيش والضغـــوط على العاملين، الذيــــن لم تواكب أجورهم الاتجاه التصاعدي لأسعار السلع، التي قفزت إلى ما يقارب نسبة 70 في المائة، مقارنة بما كانت عليه في العام الماضي، أما ردة الفعل الشعبيـــــة المتوقعــــة، فهي موجة من المواكـــب وإضـــراب العاملين عن العمــــل· سايمون مونتليك- بانكوك ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©