الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العز بن عبد السلام.. سلطان العلماء

العز بن عبد السلام.. سلطان العلماء
15 يونيو 2016 20:28
محمد أحمد (القاهرة) فقيه شافعي، وعالم على مذهب الأشاعرة، لقب بـ «عز الدين»، و«بائع الملوك»، عاش زمن الحروب الصليبية وعاصر الخلافة العباسية في آخر عهدها، أبرز أعماله دعوته لمواجهة الغزو المغولي التتري، تميز بقوة شخصيته وجرأته في الحق، واشتهر بمواقفه العظيمة في مواجهة الحكام حتى عرف بـ «سلطان العلماء». هو أبو محمد عز الدين عبدالعزيز بن عبدالسلام بن محمد بن مهذّب السُلمي، مغربي الأصل. ولد في دمشق العام 577 هـ، وعاش فيها ونشأ في أسرة متدينة فقيرة، وابتدأ العلم في سنّ متأخرة. والده يجوب الأسواق بحثا عن عمل، وعمل معه عز الدين في بعض الأعمال الشاقة، وبعد وفاة الأب اشتغل بأعمال النظافة والحراسة في الجامع الأموي، وكان يبيت في زاوية بأحد أركانه. القراءة والكتابة تعهده الشيخ الفخر بن عساكر صاحب حلقة الفقه الشافعي فحفظ القرآن واتقن القراءة والكتابة وضمه إل حلقته، وكان ابن عساكر زاهدا واسع المعرفة خطيبا لاذعا شديد الحياء مرحا، فتأثر به تلميذه عز الدين. عُين مدرسا بدمشق يقرئ الطلاب الصغار ويعلمهم القراءة والكتابة ثم نقل لمدرسة أعلى لتعليم الفقه، فعرفه الناس خفيض الصوت إذا تكلم، جهيرا إذا خطب. كان يتحرك في الأسواق يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فأحبه الفقراء وخاف منه بعض الحكام، وحسده العلماء والفقهاء لقربه من الناس. اشتد عز الدين على خصومه من العلماء وأرسل الملك الكامل إلى أخيه الأشرف يطالبه بأن يحسِّن صلته بالشيخ وأن يعينه شيخ حلقة في الجامع الأموي، ويعد هذا أكبر منصب علمي في دمشق. قرر الشيخ الذهاب إلى القاهرة واستقبله سلطان مصر الصالح أيوب، وطلب منه الخطابة في جامع عمرو بن العاص، وعينه في منصب قاضي القضاة، ومشرفا على إعادة إعمار المساجد المهجورة. قبِل الشيخ المنصب وأثناء عمله اكتشف أن الأمراء المماليك الذين يعتمد عليهم الصالح أيوب لا يزالون من الرقيق، لم يتحرروا بعد، ورأى أن هؤلاء الأمراء لا يصح تكليفهم بإدارة شؤون البلاد ما داموا عبيدا، وعلى الفور قام بإبلاغهم بذلك، وأوقف تصرفاتهم في البيع والشراء، وتعطلت مصالحهم، وكان من بينهم نائب السلطان. التراجع عن فتواه حاول الأمراء أن يساوموه، لكنه رفض وأصر على بيعهم، ورفضوا الامتثال، ورفعوا الأمر إلى السلطان، الذي طلب من الشيخ التراجع عن فتواه فرفض، فأغلظ السلطان القول للشيخ واحتد عليه فانسحب الشيخ وتركه وعزم على الاستقالة من منصبه. انتشر خبر استقالته ومغادرته القاهرة وخرج الناس وراءه يرجونه العودة، وأدرك السلطان خطأه فخرج لاسترضائه، فوافقه على أن يتم بيع الأمراء. كان المشهد مهيبًا والعز بن عبدالسلام واقف ينادي على أمراء الدولة ويغالي في ثمنهم، والسلطان يدفع الثمن من ماله الخاص وأودع الشيخ ثمنهم بيت المال، وكانت هذه الواقعة سببا في إطلاق لقب «بائع الملوك» على العز بن عبدالسلام. شهد الشيخ ولاية السلطان سيف الدين قطز سنة «657 ه - 1258 م» وفي عهده أرسل المغول إلى القاهرة للتسليم من دون شرط، بعد أن اجتاحوا مشرق العالم الإسلامي، لكن السلطان رفض التهديد، وكان العز بن عبدالسلام وراء هذا الموقف ولقي المغول في معركة عين جالوت وكان النصر حليفه. للشيخ العز بن عبد السلام مؤلفات في التفسير والحديث والفقه والأصول، ومن أشهر كتبه: «قواعد الأحكام في مصالح الأنام»، و«الغاية في اختصار النهاية» في الفقه الشافعي، و«مختصر صحيح مسلم»، و«بداية السول في تفضيل الرسول»، و«تفسير القرآن العظيم». وتوفي عن عمر 83 في العام 660 ه -1261م، قضاها في الجهاد باللسان والقلم، وحمل السلاح ضد الفرنجة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©