السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جيل الإرهابيين الجدد··· وما بعد القاعدة

جيل الإرهابيين الجدد··· وما بعد القاعدة
15 يونيو 2008 02:07
نحن لا نزال نواصل حربنا على العدو الخطأ، فخلال السنوات الست الماضية مر خطر الإرهاب الدولي على الغرب بتغيرات هائلة، ومع ذلك واصلت الحكومات الغربية خوض حربها التقليدية القديمة التي أشعلت أصلاً ضد تنظيم القاعدة الذي تم احتواؤه إلى حد كبير، وما لم نتفهم هذا التغير الكبير، فإنه لن يتسنى لنا مطلقاً درء الخطر الأمني الجديد· ويتمثل هذا الخطر في النسخة الأولى لتنظيم القاعدة التي هندسها ''أسامة بن لادن'' -التي لم تعد بذات القوة التي بدأت بها- وعلى إثر اعتقال خمسة من المتهمين بتدبير هجمات 11 سبتمبر، وما تكشف مؤخراً عن الانتهاكات التي ارتكبت بحقهم أثناء وجودهم في سجن ''جوانتانامو''، يجدر بالذكر أن الإرهابيين المدبرين لتلك الهجمات، معظمهم من الشباب المتعلمين من أبناء الطبقة الوسطى، ومن فئات الوافدين من الدول الإسلامية، إضافة إلى أن ميلهم نحو التطرف بدأ خارج بلدانهم، لا سيما في الدول الغربية· وفي مقدمة مدبري الهجمات محمد عطا، رمزي بن الشيبة، زيد الجراح، ومروان الشحي، الذين التقوا جميعهم وانخرطوا في صفوف التطرف أثناء دراستهم الجامعية في ''هامبورج'' بألمانيا، قبل أن يتجهــــوا إلى أفغانستــــان بحثـــاً عن تنظيم القاعدة ، غير أن الذي حدث خلال السنوات الست الماضية، أن معظم هؤلاء الإرهابيين المتمرسين قد حصدتهم حملة صيد الرؤوس الإرهابية الثمينة التي قادتها الولايات المتحدة، أما القلة التي نجت من هؤلاء، فهي لا تزال مختبئة في المناطق الجبلية الوعرة الواقعة على الحدود الأفغانية الباكستانية، ولا تزال تصارع من أجل تمديد نشاطهــــا إلى خـــارج باكستان· غير أن صف الحرس القديم من التنظيم لا يزال على درجة عالية من الخطورة، ولا يزال منهمكاً في التخطيط لمؤامرات إرهابية كبيرة، ومع ذلك، فإن الجيل الجديد من الإرهابيين هو الذي يجب أن يحظى باهتمامنا العاجل الآني، ويتألف هذا الجيل الجديد من مجموعة الشباب المحليين المقيمين في أوساط المجتمعات الغربية، من الذين يحلمون بتحقيق البطولات والأمجاد ويتحفزون لخوض المغامرات· وفوق ذلك فهم يحلمون بغرس أقدامهم في ماض بطولي وبأن يعيشوا حياة ذات هدف ومعنى أسمى، وتحت تأثير سماعهم لقصص أمجاد الماضي، فهم يتحمسون جداً للمضي في طريق أسلافهم، والأشد خطورة أن هذا الجيل لم يعد يرتبط كثيراً بمركز تنظيم القاعدة في باكستان، وبسبب اتساع عدد الأفراد المتعاطفين والمنضوين إليه، فقد سيطرت عليهم فكرة أن يشكلوا هم مصدر الخطر الحقيقي على الغرب· الملفت للنظر هنا، أن هذا الخطر لم يتضح بعد لصانعي السياسات الأميركية، فبعد هجمات 11 سبتمبر تبيّن جيداً أن معظم حالات العنف الجماعي مثل الإرهاب وغيره من أشكال الجريمة المنظمة، إنما هي من فعل مجموعات صغيرة منظمة، وليست عملاً فردياً، وبصفتي ضابطاً سابقاً بوكالة ''سي آي إيه''، وقد سبق لي أن توليت إدارة عدد من البرامج ذات الصلة في أفغانستان خلال عقد الثمانينيات، أدركت جيداً مدى الصعوبة التي يواجهها إقناع المجموعات بتنفيذ العمليات الميدانية· وخلافاً لما كان عليه حال الجيل المؤسس السابق لتنظيم القاعدة ، فإن السمة الرئيسية لأبناء الجيل الجديد، هي أن معظمهم من الصبية دون سن العشرين الذين تلقوا تعليماً يذكر بالكاد، وأنهم ولدوا ونشأوا وعرفوا طريق الإرهاب في أوطانهم المضيفة، خلافاً لما كان عليه جيل محمد عطا الذي تلقى تعليمه الجامعي في الغرب، ولعل النموذج الأقرب إلى تجسيد هذا الجيل الجديد هو ''شبكة هوفستاد'' الهولندية، فهي تتألف في غالبها من الشباب صغار السن الذين إما ولدوا أو وفدوا إلى هولندا في طفولتهم المبكرة، وتعارف أفراد هذه الشبكة مع بعضهم البعض، إما بلقائهم المباشر في مناطق سكنهم، أو عبر شبكة الإنترنت وغرف الدردشة الإلكترونية، ثم اتجهوا نحو التطرف عبر إعجابهم بما يسمى بـ''أبطال الإسلام الذين يجاهدون الغرب'' وهي الشبكة نفسها التي ينتمي اليها ''محمد البويري'' الذي أودى بحياة المخرج السينمائي الهولندي ''تيو فان جوخ'' في أحد شوارع العاصمة أمستردام في عام ،2004 بينما تكررت التقارير والبلاغات عن مساع متكررة لأفراد آخرين من هذه الشبكة الإرهابية غير الرسمية، استهدفت تصفية عدد من الساسة الهولنديين، وتفجير مبنى البرلمان ومطار أمستردام الدولي، إلى جانب التخطيط لتفجير إحدى المحطات النووية· ولك أن تتخذ مثالاً آخر لأبناء هذا الجيل الثاني من المهاجرين الإرهابيين، تلك المجموعـــة التي ألقي القبض عليهــــا في كندا، والتي تعتقـــد السلطــــات الكنديـــة أنها كانت تخطط لتنظيم تفجيرات عديدة في تورونتو، بما فيها تفجير البرلمان واغتيال ''ستيفن هاربر'' رئيس الوزراء الكندي، وأشارت تقارير السلطات الكندية إلى أن أفراد هذه الشبكة، أمضوا بعضاً من الوقت في تبادل إعجابهم بأوهام البطولات الجهادية عبر شبكة الإنترنت· والملاحظ أن الشبكة الدولية قد تحولت إلى سوق افتراضية للترويج للأفكار الجهادية المتطرفة عملياً، إلى جانب كونها وسيلة أساسية لاستقطاب الأفراد وتجنيدهم إلى صفوف العنف والتطرف، والأهم من ذلك أنها أصبحت اليد الخفية لتنظيم وقيادة النشاط الإرهابي دولياً، وبهذا فقد تحول شكل الحركة الإرهابية بمجملها، من حيث التنظيم والعناصر ووسائل الاستقطاب، وهذا هو الخطر الجديد الواجب الانتباه له· مارك ساجيمان باحث اجتماعي بشرطة نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©