الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تساؤلات عنصرية

15 يونيو 2008 02:08
هل يصوت الأميركيون لصالح مرشح أسود؟ لقد وجه إليّ هذا السؤال عشرات المرات من قبل الأجانب منذ انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية الجارية في شهر يناير الماضي، واليوم فقد توفرت لنا الإجابة عنه، نعم تصوت أميركا لصالح مرشح أسود، وهذا يعني أن الوقت قد حان لرد السؤال نفسه إلى نحر من أثاروه خارج حدود بلادنا في صيغته الهجومية التالية: هل يقبل الأجانب رئيساً أسود للولايات المتحدة الأميركية؟ وفي الإجابة عنه لنتخذ من ألمانيا مثالاً لكونها تنهج نهجها الخاص في الوقت الحالي، في الترويج لحمى الحماس ''الأوبامي'' إذا ما جاز للمرء أن يصدق ما تجيء به الصحف الأجنبية· ففيما يبدو، ترسم الصحف الألمانية هذين اليومين صورة عن المرشح الرئاسي الديمقراطي ''باراك أوباما'' تصفه -على نحو ما جاء في تقرير كتبه أحد صحفيي ''دير شبيجل'' بأنه جسر بين ''جون كنيدي'' و''مارتن لوثر كنج''، كما نقلت عن وزير الخارجية الألمانية إجابته عن سؤالي المطروح آنفاً: نعم إن بوسعنا تقبل رئيس أميركي أسود، بل ويمكن للمرء أن يلحظ بعض الشباب الألمان وهم يرتدون تي-شيرت رسمت عليه صورة ''أوباما'' في قلب أحياء العاصمة برلين، ولا يقتصر هذا الحماس الأوروبي الدافق للمرشح الديمقراطي الأسود على ألمانيا وحدها، بل تحتشد عناوين الصفحات الأولى للصحف الفرنسية والبريطانية والبولندية وغيرها بترديد عبارة تكاد تشترك حرفياً بينها جميعاً: ''لقد تغيرت أميركا''· والسؤال الذي أثيره مجدداً هو: ولكن هل تغيرت أوروبا؟ وهل تغيرت آسيا ومنطقة الشرق الأوسط؟ على رغم بغضي لإثارة السؤال بهذه الطريقة القاسية، إلا أن الصحف الأوروبية نفسها علقت بما يعني أن العنصرية ليست قاصرة على الولايات المتحدة الأميركية وحدها، فللعالم العربي على سبيل المثال تاريخ طويل في الاتجار بالعبيد،· كما لا يخفى في العالم نفسه التحيز ضد الأفارقة السود، أما في روسيا، فكثيراً ما يتعرض الطلاب والوافدون الأجانب السود للضرب، أما في حالة اليابان، فقد استثنتها الأمم المتحدة باعتبارها دولة معروفة بتعاملها العنصري مع الأجانب، وبالقدر نفسه تشير تعليقات الأفارقة الأميركيين عما يسمعونه أثناء تجوالهم في شوارع وارسو وبراغ وغيرهما، باعتبارها لا تعدو عن كونها تعبيراً عن فضول عام، إلى شحنة كراهية عنصرية لا تخفى للسود· وفيما لو فاز ''أوباما'' بالمنصب الرئاسي في شهر نوفمبر المقبل، فإن عليه أن يخشى من بعض ردود الفعل الشعبية الغاضبة في محطات الباصات، وربما يتصور البعض أن مشاعر العداء العنصري الراسخة عبر العقود والقرون، يسهل محوها بمجرد تنصيب رئيس أسود لأميركا، غير أن الحقيقة -تحت أكثر السيناريوهات تفاؤلاً- هي أن ترشيح ''أوباما'' للرئاسة -ناهيك عن توليه الفعلي لها- قد أثارت نقاشاً دولياً واسعاً حول العنصرية والانتماء العرقي· وكان المحلل السياسي ''أندرو سوليفان'' قد كتب مقالاً حصيفاً في العام الماضي، عن قدرة وجه ''أوباما'' وحده على تغيير صورة أميركا عالمياً، ومثله أقول هنا، إنه وعلى رغم رسوخ مشاعر العداء العنصري، إلا أن مجرد ظهور ''أوباما'' بهيئته التي هو عليها، من شأنه البدء بإحداث تغيير في سلوكيات الأوروبيين والعرب والآسيويين إزاء الانتماء العرقي، ومما لا شك فيه أن ينظر ملايين المواطنين الأفارقة إلى ''أوباما'' باعتباره رئيساً لهم في حال فوزه في نوفمبر، على أنه من الواجب ألا نغفل أو نفاجأ إذا ما رأينا ردود أفعال غاضبة هنا وهناك على هذا الصعود السياسي الذي حققه ''أوباما'' في الوقت الحالي· ربما يبدو مشروعاً تعليق الصحف الأجنبية على افتقار ''أوباما'' للخبرة الكافية في مجال السياسات الخارجية· بيد أن هذه المشروعية تخفي وراءها نزعة عنصرية غير مصرح بها، وغالباً ما تكشف عن نفسها في شاكلة هذا الحوار الذي يدور بين المتحدثين: كيف لهذا الأسود أن يتفهم سياسات أوروبا وآسيا والشرق الأوسط؟ والسؤال المضاد: مَن من رؤسائنا السابقين استطاع أن يتفهم تماماً سياسات هذه الدول والقارات جميعاً قبل وصوله إلى البيت الأبيض؟ آن أبيلباوم كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©