الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الذكاء العاطفي شرط نجاح الأفراد والمؤسسات

الذكاء العاطفي شرط نجاح الأفراد والمؤسسات
11 أغسطس 2009 00:10
على الرغم من أن الفهم الشائع للذكاء أنه قدرة العقل على التحليل المنطقي. إلا أن سعي البشرية وراء التطور أثبت أن هذا ما هو إلا مجرد وجه واحد للعملة. ويقول البعض إنه درجة واحدة على سلم الارتقاء للإنسان المنشود. وهذا ببساطة لأن العاطفة تتحكم في قراراتنا أيضاً. ولأن العقل التحليلي كان وسيظل موجوداً وكذلك كل خطايا البشر.. جنباً إلى جنب! وعلى الرغم من أهمية التحليل المنطقي، إلا أن هناك ذكاء آخر يعد أكثر أهمية وقدرة على التغيير. وهو الشرط الحاسم لنجاح الأفراد والمؤسسات، ألا وهو الذكاء العاطفي. وحسن الخلق هو الوجه الآخر للذكاء العاطفي. أو إن شئنا يمكننا القول إن معتقداتنا الشخصية هي الوجه الحقيقي لذكائنا العاطفي. وسيشهد المستقبل، الذي نصنعه الآن، نهوض قيم جديدة في الإدارة لحل كثير من المشكلات العالقة على أيدي أولئك الذين يملكون معدلات ذكاء عاطفي مرتفعة. صمام الأمان المقصود بالذكاء العاطفي هو القدرة على إدراك العواطف وتقييمها وفهمها والتحكم فيها والتعبير عنها بدقة لتحقيق الأهداف. مع التحلي بالتواضع والتسامح وحب الآخرين والتعاون معهم، والنظر إلى عواقب الأمور بحكمة وروية. وهذه الخصال التي يحتاج إليها أي كيان شخصي أو مؤسسي للنجاح. وعلى عكس الذكاء التحليلي الموروث والذي لا يزيد، لا حدود تمنع زيادة معدلات الذكاء العاطفي، أو حسن الخلق. وعندما ندقق النظر في تفاصيل الحاصلين على أعلى العلامات في دراستهم الجامعية وقليلي الحصيلة في الذكاء العاطفي، سنجد منهم من لا يتكيفون مع بيئتهم. فمنهم سريع الغضب والمتشائم والعدواني والسلبي وغير المبادر والسيئ المعاملة والمفتقر إلى الصدقية والحسود إلخ. وقد يصل من حصل على قسط بسيط من التعليم إلى تحقيق نجاحات في الحياة انتحر لعدم تحقيقها آخرون! وترجع أهمية الذكاء العاطفي إلى أننا نقابل في حياتنا اليومية أناساً مختلفي الطباع. فمنهم الحساس والمتردد والعصبي والمتزن والمتحكم في نفسه. لذا من المهم اكتساب وتطوير هذا النوع من الذكاء العاطفي لأنه يعمل كصمام أمان يضبط عواطفنا وردود أفعالنا ويمنعها من الانطلاق والانفجار دون إرادتنا. ويتيح لنا فسحة من الوقت للتقييم والموازنة والاستجابة السليمة. ومن الممكن اكتساب الذكاء العاطفي وتنميته باستمرار عبر جسور متينة من الفهم والتعلم وانفتاح القلب والتبصر بالعقل والتدرب والممارسة والتجريب وتكرار المحاولة. وقد بينت دراسات في الولايات المتحدة أن 20% من الناجحين في حياتهم (فقط) هم من أولئك الأذكياء الذين نالوا علامات عالية في مقياس الذكاء الطبيعي. وبالتالي أصبح معدل الذكاء العاطفي مطلوباً جدا في مؤسسات العمل. فالشعار الرائج الآن هو أن الذكاء العقلي يمكنك من الحصول على وظيفة، أما الذكاء العاطفي فيجعلك ترتقي نحو الأفضل. وفي دراسة لمعهد أبحاث التكنولوجيا المتطورة المعروف باسم بيل لابس في مؤسسة AT&T على كبار الخبراء في المؤسسة كانت النتيجة أن أفضل الباحثين لم يكونوا أولئك الذين يتمتعون بأفضل معدل للذكاء العقلي، أو الذين يحملون أرفع الشهادات.. فالمتفوقون كانوا أولئك الذين أهلتهم مزاياهم الشخصية لاحتلال المواقع المركزية. الاستثمار الأنجح توصلت دراسة أخرى في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا قام بها مركز القيادة الإبداعية إلى أن سبب فشل كثير من الشبان والشابات ذوي المؤهلات المميزة والواعدة يعود إلى تدني معدل الذكاء العاطفي لديهم. وقد وجدت دراسة أخرى قام بها عالم النفس سليجمان على 15 ألف وكيل مبيعات أن الفريق الذي تم توظيفه بناء على اختبارات الذكاء العاطفي تمكن من تسجيل زيادة في مبيعاته في السنة الأولى من العمل بنسبة 21% وحقق في السنة الثانية زيادة بمقدار 57%، مقارنة بالفريق الثاني الذي تم توظيفه بناء على الطرق التقليدية ومنها الذكاء العقلي. إن الذين يلمعون في مؤسساتهم أو يديرون أعمالا وشركات ضخمة أو يتبوأون مناصب سياسية رفيعة عادة ما يتميزون بذكاء عاطفي أكبر من غيرهم في حياتهم الخاصة، على الرغم من أن ذكاءهم الطبيعي يكون موازيا لذكاء غيرهم وقد يكون أقل. وفي المقابل فإن من تفوقوا في دراستهم وحصلوا على أعلى العلامات التي تبرهن على ارتفاع مستوى (ذكائهم العادي) يمكن أن يفشلوا فشلاً ذريعاً ما لم يتصفوا (بالذكاء العاطفي). إننا نحكم على إنسان ما بأنه (ذكي عاطفياً) من خلال سلوكه ومهاراته التي تقوده إلى النجاح في الحياة وتكسبه شعورا فياضا بالسعادة. كيف لا وقد وضع نفسه في خانة العباقرة والمبدعين الذين لمع نجمهم. إن أهمية (الذكاء العاطفي) للنجاح الفردي أو النجاح في مؤسسة بعينها ينبع من أهمية مكوناته، فعندما يعم التفاؤل ويتم التواصل الاجتماعي وتتحقق روح فريق العمل؛ فإن تلك المؤشرات تكون دليلاً قاطعا على نجاح المؤسسة. تحت ركام الخوف في المقابل تبين الإحصائيات أنَّ 95% من حالات الطرد من العمل كانت بسبب الفشل في التكيف مع المدير أو الزملاء أو المرؤوسين أو حتى الزبائن. وكلها حالات تعود إلى انخفاض الذكاء العاطفي. إن المدير نادراً ما يطرد مستخدماً من عمله بسبب فشله في الإنتاج وتحقيق النتائج. والدليل على تلك المقولة أن كثيراً من المديرين لم يحققوا الخطة التي وضعوها هم أنفسهم ولسنوات عديدة، ومع ذلك فإنهم لا يزالون على رأس العمل. بإمعان النظر فيما يحدث داخل الشركات والمؤسسات التي لا تحقق نجاحات ظاهرة للعيان، فإننا سنجد بلا شك أن إخفاقاً ما حصل فأدى إلى عدم القدرة على التفاهم والتشجيع. وينجم مثل هذا النتاج السلبي في الغالب عن انخفاض الذكاء العاطفي لدى المسؤولين أو العاملين أو كليهما معا. فقد يكون لدى مدير ما من الخبرة والذكاء والشهادات العالية الرفيعة ما يدعو للفخر والاعتزاز. وقد تكون لدى بعضهم من الأفكار ورأس المال ما يبهر. ومع هذا تجدهم عاجزين عن إدارة مؤسساتهم وتطويرها إلى الأحسن. ولو بحثنا بعمق لوجدنا أن هناك ركاماً من الخوف والتشاؤم والمنافسة والصراع تسيطر على تعاملات داخل المؤسسة. ومن السهل الإجابة عما يحدث عندما تقل الثقة بين المدير والمستخدمين؟ هذا إلى جانب التسلط والحذر والانغلاق والمراقبة والترصد وامتلاء المؤسسة بالفوقية والبيروقراطية وإملاء الشروط والمحظورات. وقد اكتشفت المؤسسات الغربية أنها ترتكب أكبر خطأ عندما تتجاهل الذكاء العاطفي (حسن الخلق). وفي الوقت نفسه المستقبل، الذي نصنعه الآن، لأصحاب الذكاء العاطفي، وليس مبالغة أن نقول إنه آن الأوان لنبدأ بتطوير قدراتنا الكامنة في هذا المجال.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©