الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مستثمرون يبدون قلقهم من نتائج سلبية للضرائب على التنمية الاقتصادية

مستثمرون يبدون قلقهم من نتائج سلبية للضرائب على التنمية الاقتصادية
16 يونيو 2008 00:06
أثار رجال أعمال ومستثمرون تساؤلات حول تأثير فرض ضرائب مباشرة على جاذبية الاستثمارات في الدولة والميزات النسبية، وأبدوا مخاوفهم من أن تأتي الضرائب المباشرة بنتائج سلبية على التنمية الاقتصادية ولصالح المنافسين الإقليميين في جاذبية الاستثمار· وتساءل مستثمرون عن طرح دراسة فرض ضرائب مباشرة بالدولة في هذا الوقت بالذات والذي تعاني فيه الدولة من ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة بشكل ملفت وكبير· وكان اجتماع اللجنة المالية الاتحادية الأخير أطلق إشارات أولية حول توجه حكومي لتعزيز الإيرادات من خلال ما أسماه بفرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة، الأمر الذي يفتح الباب بقوة أمام إمكانية اتساع نطاق التغطية الضريبية في الدولة ليتجاوز ضريبة القيمة المضافة التي يجرى الإعداد لتطبيقها حاليا وينتظر أن تدخل حيز التنفيذ أوائل العام المقبل· وحذر تقرير صادر عن دائرة التخطيط والاقتصاد أمس الاول من ارتفاع معدلات التضخم في الدولة، معتبراً أن تجاوز التضخم معدل 5% يشكل ''خطورة'' مباشرة على الأوضاع الاقتصادية· وارتفع معدل التضخم في الدولة إلى 10,9% خلال العام الماضي مقارنة مع 9,3%، في العام ،2006 بحسب بيانات دائرة التخطيط والاقتصاد· ويتزامن الطرح الحكومي الجديد للضرائب المباشرة في الوقت الذي رجحت فيه جمارك دبي أن تكون دولة الإمارات أولى دول مجلس التعاون الخليجي التي تطبق نظام ضريبة القيمة المضافة، لكنها قالت إن موعد بدء تطبيق الضريبة الجديدة بيد الحكومة الاتحادية، وسط توقعات على نطاق واسع بأن يتم ذلك في الربع الأول من العام المقبل في ظل إعلان جمارك دبي سابقا عن انتهاء المرحلة الثانية من الدراسة الخاصة بالضريبة ديسمبر المقبل، وحسب أحمد بطي مدير عام جمارك دبي فقد أوصت الجمارك بأن تستقر نسبة ضريبة القيمة المضافة عند 3%· وستطبق الضريبة على مختلف السلع والخدمات المقدمة في الدولة باستثناءات محدودة للغاية قد تشمل الخدمات التعليمية والصحية على حد قول عبد الرحمن آل صالح المدير التنفيذي لقطاع الدعم المؤسسي في جمارك دبي· وتتقاطع الإشارات الجديدة الآتية من اجتماع اللجنة المالية مع تزايد المخاوف بين الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال من تأثيرات فرض الضرائب سواء فيما يتعلق بالتضخم وارتفاع الأسعار او على صعيد الاقتصاد الكلي من حيث انعكاساتها على مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية· زيادة الإيرادات قال عبدالله الحثبور المدير التنفيذي لمجموعة الحثبور: لا شك أن طرح موضوع الضرائب المباشرة ضمن أهداف الحكومة الاتحادية لزيادة الإيرادات يمثل ''مفاجأة'' للجميع، في الوقت الذي تزداد المنافسة بين الدولة ودول أخرى في جذب الاستثمارات والمستثمرين ورؤوس الأموال، واتساع حدة المنافسة بإدخال دول أخرى مزايا جديدة لاستقطاب رؤوس الأموال· وأضاف أن فرض الضرائب تأتي في دول تعاني من موارد وإيرادات، بينما الإمارات واحدة من أغنى الدول، حيث بلغت عائداتها النفطية خلال العام الماضي نحو 45 مليار درهم، فيما تشير التوقعات بأنها ستصل خلال العام الحالي إلى 63 ملياراً، وتمثل الميزانية ما بين 10% و20% من عائدات النفط، وبالتالي يصبح السؤال المهم لماذا الحديث عن ضرائب مباشرة· وتساءل الحثبور عن نوعيات الضرائب المباشرة التي سيتم فرضها في الدولة وعلى من سيتم تطبيقها وهل على الأجانب أم على مواطني الدولة، مضيفاً أن مثل هذه التساؤلات في غاية الأهمية، ومطلوب الإجابة عنها بوضوح وشفافية من الجهات الحكومية، ووزارة المالية تحديداً· ويرى أن الدولة إذا ما رغبت في زيادة عائداتها فلماذا لا تبحث عن موارد جديدة من الاستثمارات الأجنبية والشركات العاملة بالدولة والتي استفادت وتستفيد من مزايا التسهيلات، وتوسيع نطاق الضرائب والرسوم التي يتم تطبيقها على البنوك الأجنبية تشمل مختلف القطاعات· شفافية النقاش قال عبدالله الحثبور: إن سياسة تطبيق ضرائب مباشرة تحتاج إلى فتح حوار بين كل الأطراف ذوي الصلة بالموضوع بما في ذلك مجتمع الأعمال ليصل الحوار في النهاية إلى رؤية مشتركة تعبر عن مصالح الدولة ككل· وطالب الحثبور بشفافية أعلى في النقاش حول الضرائب المباشرة ومستقبل تطبيقها، إلا أنه قال إنها ليست الحل الأمثل لتنمية إيرادات الدولة، خاصة أنها ستؤثر على المناخ العام للاستثمار، في ظل تنامي المنافسة إقليمياً· وأبدى الدكتور حبيب الملا الرئيس السابق لسلطة الخدمات المالية في دبي والخبير القانوني تحفظه إزاء تطبيق الضريبة في المرحلة الحالية نظرا لاستفحال الغلاء، مشيرا إلى أن ضريبة من هذا النوع ستزيد الوضع سوءا على حد قوله· صندوق النقد قال الملا، وهو عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي: ''لقد ناقش المجلس توصية صندوق النقد ورؤية وزارة المالية حول هذا الموضوع، وخرج بتوصية تدعم التوجه نحو فرض ضريبة القيمة المضافة في العام ،2004 وهي من حيث المبدأ جيدة، ولكنها تنطوي من وجهة نظري على مشكلتين الأولى أنه من غير المعقول تطبيقها في المرحلة الحالية بينما الغلاء مستفحل والكل يئن تحت وطأته، وبالتالي أضع علامات استفهام حول التوقيت''· ويعتقد الخبير المالي سوريش كومار، مدير بنك الإمارات دبي الوطني أن مسألة فرض ضرائب مباشرة مثل ضريبة الأرباح التجارية وضريبة الدخل مستبعدة في المرحلة الحالية، لأنها تفقد الإمارات ميزة تنافسية أساسية، وفي المقابل فإن ضريبة القيمة المضافة كضريبة غير مباشرة تعتبر أمرا مقبولا لأنها ستطبق على سلع وخدمات يتعين أن يدفع طالب السلعة او الخدمة رسما معينا للحصول عليها· غير انه أشار إلى أن البنية التحتية والخدمات المختلفة تحتاج الى نفقات، وطالما أننا نستخدم تلك البنية التحتية المتطورة يجب أن ندفع رسما يقابل استمتاعنا بها· ويرى ان: ''ضريبة القيمة المضافة ستكون واسعة النطاق وتغطي الإيرادات الجمركية، وهي خطوة جيدة، ولكن ما أفهمه هو انه من غير المرجح تطبيق ضرائب مباشرة مثل الضرائب الشخصية وضرائب الشركات لأنها ستؤثر على تنافسية الإمارات''· وفي السياق نفسه، يقول رجل الأعمال ناصر النابلسي الرئيس التنفيذي لشركة المال كابيتال إن الضرائب معمول بها في غالبية دول العالم، ولكن في حال الإمارات فإنه لا توجد من حيث المبدأ مشكلة سيولة في ظل الزيادة الكبيرة في الإيرادات، ولكن يمكن أن تطبق الضرائب غير المباشرة مثل الرسوم وضريبة القيمة المضافة والاستفادة من إيراداتها في دعم بعض السلع مثل البنزين، وتمويل برامج تطوير كوادر وطنية وغير ذلك· رسوم سالك يشير النابلسي الى أن الرسوم المطبقة على العديد من الخدمات ورسوم المرور مثل ''سالك'' تعتبر ضرائب بصورة غير مباشرة، وفي ضوء ذلك فهو لا يتوقع تطبيق ضرائب مباشرة قريبا، ويضيف: ''الضرائب المباشرة مطروحة وستطبق يوما ما ولكني لا اعتقد أن ذلك سيحدث في المدى المنظور''· ويتفق عبدالله بالعبيدة رئيس مجموعة بالعبيدة مع الحثبور حول خطورة فرض ضرائب مباشرة في ظل ارتفاع مستويات التضخم والأعباء على المواطنين، لافتاً إلى أن الدولة على وشك تطبيق ضريبة القيمة المضافة كضريبة غير مباشرة· وقال: يبدو أن الدولة بدأت تدخل نظاماً اقتصادياً جديداً يقلل من الميزات النسبية التي تميزت بها الدولة على مدى السنوات الماضية، والتخلي عن هذه الميزات سيقلل من الفرص الاستثمارية على المدى البعيد، ولهذا من المهم دراسة مختلف الجوانب المترتبة على مثل هذا الأمر· وأضاف أن الوقت غير مناسب لفرض ضرائب مباشرة، وان كانت هناك أنواع من الضرائب التي تقوم الدولة بتحصيلها بشكل غير مباشر، من خلال رسوم على مختلف الخدمات، إلا أن وجود ضرائب مباشرة على أرباح الشركات وضرائب الدخل ستؤثر سلباً على استقطاب الكفاءات والاستثمارات· واتفق كل من الحثبور وبالعبيدة ومحمد نمر الرئيس التنفيذي لشركة ماج العقارية على أن الدولة تعاني حالياً من ندرة الكفاءات وأصحاب الخبرات في مختلف المجالات للعمل في المؤسسات والشركات بالدولة· وأشاروا إلى أن هناك منافسة شديدة بين دول المنطقة على استقطاب الكفاءات البشرية، وبالتالي في وجود ضرائب على الدخل سيضعف من عناصر الجذب والاستقطاب لدى الدولة· وقال بالعبيدة: على جانب الاستثمارات واستقطاب الشركات العالمية، فإن وجود ضريبة على أرباح الشركات التجارية كضريبة مباشرة يقلل وبشدة من عناصر المنافسة التي تسابق الإمارات فيها دولاً عديدة· الضرائب المباشرة أوضح محمد نمر أن الضرائب المباشرة يتم تطبيقها في العديد من دول العالم، ولكن هذه الضرائب لها مقابل، حيث يحصل أفراد المجتمع على خدمات عديدة، منها العلاج الصحي والمدارس المجانية، وغيرها من الخدمات الاجتماعية· وقال: في ضوء هذا يمكن أن تكون الضرائب مقبولة، ولا أحد يختلف على تطبيقها في إطار منظومة واضحة، مشيراً إلى أن هناك ضرائب يتم تطبيقها في الدولة، ولكن ليست تحت مسمى ضريبة، فعمليات البيع للعقارات تحصل الحكومة من البائع والمشتري على رسوم، بينما كان في السابق قاصرة على البائع· وأضاف أن رسوم ''سالك'' في دبي هي ضريبة، ولكن تتم تحت رسوم، إضافة إلى رسوم أخرى، بمثابة ضرائب في دول أخرى· وقال محمد نمر إن أخطر ما في الضرائب المباشرة ضريبة الدخل، وفي حالة تطبيقها ستأتي بالكثير من السلبيات على المناخ العام الاستثماري، خاصة في جانبه البشري، لأن القطاع الاقتصادي يعاني من نقص شديد في الكفاءات البشرية في مختلف القطاعات والتي لدينا ندرة شديدة فيها· ولفت إلى أن ما بين 60% إلى 70% من المستثمرين في شراء الوحدات السكنية هم من خارج الدولة ومن خارج الشرق الأوسط، ولا شك فإن وجود ضرائب دخل وأرباح ستؤثر على التدفقات الاستثمارية من مثل هؤلاء الذين سيبحثون عن قنوات أخرى ودول أخرى· وأضاف نمر أن فرض ضرائب مباشرة في مجملها العام ستأتي لصالح المنافسين الآخرين للدولة، ولكن يبقى أن أي تطبيق للضرائب يجب أن يكون له مقابل في الخدمات والمزايا، والسؤال الملح هل سيتم المساواة في الخدمات بين جميع دافعي الضرائب وعند ذلك يمكن أن يكون الحوار أحد أهم أدوات التطبيق السليم للضرائب· ورغم مخاوف الاقتصاديين ورجال الأعمال من تأثيرات تطبيق الضرائب سواء المباشرة او غير المباشرة على التضخم وجاذبية الدولة للاستثمارات إلا أن مسؤولين في جمارك دبي قللوا من مخاوف الانعكاسات السلبية لتطبيق الضريبة على الأسعار ومعدلات التضخم، واعتبر أحمد بطي أن ضريبة القيمة المضافة هي أفضل نظام ضريبي في العالم، وأن من شأنها دعم النهضة الاقتصادية في الدولة على كافة الصعد، فيما قال عبدالرحمن آل صالح ردا على سؤال حول إمكانية تأثر الدولة على صعيد جذب الاستثمارات بتطبيق الضرائب أن هذا الأمر لن يحدث لأن الشركات الكبرى تفضل ضريبة القيمة المضافة لأنها لا تدخل ضمن كلفة الإنتاج، بينما الرسم الجمركي يدخل في تلك التكاليف على حد قوله· القيمة المضافة قالت دائرة جمارك دبي الشهر الماضي ردا على تعليقات من المدير الإقليمي لصندوق النقد محسن خان بشأن إمكانية أن يرفع تطبيق الضريبة معدل التضخم بنسبة 2% إن فرض ضريبة القيمة المضافة من شأنه تقوية الاقتصاد ورفع المستوى المعيشي في جميع أنحاء المنطقة، وأشارت الى أن تلك الملاحظة جاءت على خلاف تقرير صادر عن الصندوق شجع على سرعة تطبيق النظام من أجل النهوض بالاقتصاد· وتأتي دراسة تعزيز الإيرادات من خلال فرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة فيما يرى خبراء ماليون أن من المستبعد أن تسارع الدولة إلى تطبيق نظام ضريبي استجابة لدعوات من جانب مؤسسات اقتصادية دولية، والتخلي عن إحدى المزايا التنافسية الرئيسية التي تتمتع بها الإمارات في جذب رؤوس الأموال والكوادر الأجنبية على حد سواء، وذلك وفق تقرير أصدرته شركة ''برايم هولدنج'' للخدمات المالية في مارس الماضي حول مقومات الاقتصاد الكلي في الإمارات، قالت فيه: ''سيتم تسويق ضريبة القيمة المضافة على أساس أنها بديل للرسم الجمركي، وليست إضافة عليه، وبالتالي سيتقبلها مجتمع الأعمال بصورة أفضل··''، غير أن التقرير يشير إلى ضرورة اختيار التوقيت المناسب أيضاً لتطبيق أي شكل من أشكال ضريبة القيمة المضافة ·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©