الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضعف حجة التغير المناخي

3 مايو 2017 23:04
بدأت حجة جديدة في الظهور في المناقشات التي تدور حول التغير المناخي. وغني عن القول إن العلم لم يكن بوسعه التنبؤ بنتيجة الانتخابات الأخيرة، أو بالمفاجآت التي تحدث في الاقتصاد، فلماذا إذن يجب أن نصدق العلماء عندما يحاولون التنبؤ بمستقبل المناخ على كوكب الأرض؟ وعلى سبيل المثال، في عمود نشرته مؤخراً صحيفة «نيويورك تايمز»، يبدأ الكاتب «بريت ستيفنس» بقصة تحذيرية عن فشل تحليلات البيانات في توجيه فريق كلينتون للفوز في انتخابات 2016، ثم ينتقل بعد ذلك لمناقشة التشكيك في التغير المناخي. ونظرا «للشكوك المتأصلة في البيانات»، وفقا لـ«ستيفينس»، فإن المشككين لديهم الحق في عدم الثقة في «العلموية المغرورة» (العلموية هي مصطلح يستخدم للإشارة إلى الاعتقاد بالتطبيق الشامل للمنهج العلمي). ولكن لكي نضع هذا في السياق، ينبغي القول إن العلم يقوم بكل أنواع التنبؤات التي من الممكن أن تستمر. انظروا إلى النتائج التي تم التوصل إليها العام الماضي فيما يتعلق بموجات الجاذبية: لقد ذكر العلماء أنهم اكتشفوا تموجات في (الزمكان)، أو، الزمان المكاني وهو مصطلح جديد في الفيزياء، وهذه التموجات نجمت عن اصطدام اثنين من الثقوب السوداء التي تبعد بنحو 1.3 مليار سنة ضوئية. وقد تم التنبؤ بالموجات غير المرئية من خلال نظرية النسبية العامة التي وضعها أينشتاين قبل قرن من الزمان، حتى لو وجد شخص ما فيما بعد أن هذا الادعاء الفردي كان خطأ، فهذا جزء من المعرفة. وإذا لم تكن الفيزياء قائمة على أساس جيد، ما كنا نستطيع التجول ونحن نتحدث في أجهزة عبر الاتصال بالأقمار الصناعية لتحديد مواقعنا. وإن لم تكن هناك ثقة عامة في الفيزياء، كانت شركات الطيران ستضطر إلى سحب الناس للصعود إلى الطائرة. فلماذا إذن تستطيع بعض مجالات العلم التنبؤ بالموجات غير المرئية في الزمان المكاني، ولا تستطيع أخرى التنبؤ بالانتخابات؟ لقد تحدثت لشهور مع علماء وفلاسفة ومؤرخين حول هذا الوضع، وتبين أن هناك بعض الخصائص المشتركة للمساعي العلمية، والتي تؤدي إلى تنبؤات جيدة. ومن بين هذه تقليد يتبناه العلماء في بعض المجالات، وهو التسليم لمراجعة النظراء، وجعل اجراءاتهم شفافة حتى يتمكن الآخرون من التوصل مرة أخرى إلى نتائجهم. وهذا يخلق مجموعة مترابطة من المعرفة. فالعلم العظيم يجمع بين العقول العظيمة. وقد كان أينشتاين نفسه مذبذباً حول ما إذا كانت نظريته قد تنبأت بوجود موجات الجاذبية. وأدرك علماء آخرون أن نظرية أينشتاين تنبأت بذلك، وتخيلوا وسيلة مبتكرة للكشف عنها. إن مجالات العلم التي لديها سجلات من التنبؤ الجيد غالباً ما تعمل من خلال نماذج فطنة وأفكار تفسر العالم. وكلما كانت هذه الأفكار أفضل، كلما كانت التنبؤات أفضل -- بالنسبة لموضوعات تتراوح بين الكسوف إلى التفاعلات الكيميائية إلى سلوك النمل إلى وجود الثقوب السوداء. وعلى النقيض من ذلك، فإن العديد من الخوارزميات التي طورتها شركات خاصة واستخدمتها، على سبيل المثال، في التنبؤ بنتائج الانتخابات، هي خوارزميات مبهمة. فهي لم تتم مراجعتها من قبل النظراء. ومزاعمها ليست قابلة للتكرار. فهي لا تكشف عن أفكار أو تفسيرات يمكن للآخرين اختبارها. والمجالات الثابتة من العلم تكتسب أيضا قوة تنبؤية من خلال مطالبة العلماء بإحصاء شكوكهم. وبالنسبة للبعض، هذه ليس مجرد ممارسة جيدة بل جزء من تعريف العلم ذاته. وعندما يرسم العلماء قياساتهم، فإنهم يرسمون خطوطا عمودية – خطوط للخطأ - والتي توضح مدى عدم دقة نظم القياس الخاصة بهم. وهناك روايات تحذيرية جيدة حول الفشل في استخدام هوامش الخطأ. وأحد هذه يأتي من علم الطب الشرعي – استخدام بصمات الأصابع، وتحليل الشعر وما شابه للتوصل إلى حل الجريمة. فقد خلص عدد من العلماء الذين يبحثون الأدلة الشرعية في تقرير حكومي حديث إلى أنه لا يجب اعتبار ذلك كعلم على الإطلاق، لأن الناس يقومون بعمل سيئ في حساب هوامش الخطأ. ويستطيع الشهود الذين يملكون الخبرة تضليل المحلفين عندما يكون كل ما لديهم مجرد احتمالات. ومن المهم للغاية النظر عن كثب في علم المناخ والتأكد أنهم لا يرتكبون نفس الأخطاء. ولا تظهر التحقيقات التي تجريها الأكاديمية الوطنية للعلوم وغيرها أنواع المشاكل التي تصيب العلماء المتخصصين في الطب الشرعي. لقد نشأ علم المناخ من الفيزياء والكيمياء – وهي مجالات لها قواعد واضحة للتعامل مع عدم اليقين. وجاء النموذج الأول من حسابات للكيميائي السويدي «سفانتي أرهينيوس» في عام 1896. وقد تم اختبار المبادئ الأساسية لنموذجه في تجارب معملية وتم استخدامها للتنبؤ بدرجات الحرارة على كوكبي الزهرة والمريخ، بيد أن كوكب الأرض أكثر تعقيداً من جيرانه لأنه مغطى بالماء. ودرجات الحرارة في الغلاف الجوي تؤثر على حالة الماء – حيث تجعله جليداً أو سائلاً أو بخاراً – ما يؤثر بدوره على درجات الحرارة. ولكن لا بأس – فالعلماء مسموح لهم بالتعامل في الظواهر المعقدة طالما أنهم يقومون بعمل جيد في حساب شكوكهم. *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©