الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطوط الأنابيب الأوروبية.. سياسة روسية ناجحة

3 مايو 2017 23:05
نجح مشروع طاقة روسي مشحون بالتوترات الجيوسياسية في بلوغ مرحلة مهمة هذا الأسبوع؛ حيث تمكن مشروع خط أنابيب «نورستريم2»، الذي سينقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى شمال أوروبا، من الحصول على دعم مالي من قطاع النفط الغربي يوم الاثنين، رغم سيل من الاحتجاجات من بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي الذين يخشون سيطرةً روسية على إمدادات الطاقة لمنطقة الاتحاد. فقد وافقت خمس شركات طاقة أوروبية على تمويل نصف كلفة إنجاز المشروع المثير للجدل الذي تبلغ قيمته 10.3 مليار دولار: «أو إم في» النمساوية، و«إينجي» الفرنسية، و«مجموعة رويال دتش شيل» الهولندية البريطانية، و«أونيبر» و«وينترشال» الألمانيتين. بينما يتولى عملاق الغاز الروسي المملوك للدولة «غازبروم» دفع النصف المتبقي، لكنه سيكون صاحب الكلمة الأخيرة في القرارات المتعلقة بالمشروع. تأمين تمويل المشروع، الذي يأتي بعد عدد من المبادرات الروسية الفاشلة المتعلقة بخطوط الأنابيب، يمثّل خطوةً كبيرة إلى الأمام بالنسبة لـ«غازبروم»؛ حيث سيسمح لروسيا بمواصلة شحن الغاز الطبيعي إلى قلب أوروبا من دون الاضطرار إلى نقله عبر أوكرانيا، ما سيمكّن روسيا من تفادي دولة عبورٍ تسببت لها في مشاكل عدة في الماضي ويجمعها بها حاليا نزاع مستمر. وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي لـ«غازبروم» لوكالة رويترز: «إنه اختراق كبير»، مضيفا: «إنه تأكيد قوي على المشاركة الأجنبية في المشروع، كما أنه يمثّل قاعدة مالية مهمة لإكمال المشروع قبل نهاية 2019». خط أنابيب «نورستريم2»، الذي يستطيع نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، يتوقع أن يضاعف سعة الربط الغازي الروسي مع أسواق الطاقة الأوروبية عبر شمال ألمانيا. ومن المرتقب أن تبدأ أشغال إنجاز المشروع في 2018، على أن يتم إكمال خط الأنابيب –الممتد من حقل الغاز الطبيعي الروسي الضخم «بوفانينكوفو» بالقرب من ساحل البلطيق إلى جريفسفالد في ألمانيا– في 2019. وستقوم ثلاث شركات روسية وواحدة ألمانية بتزويد المشروع بخطوط الأنابيب. غير أن «نورستريم2» يواجه جملة من الصعوبات والتحديات القانونية والسياسية، منها دعاوى قضائية رفعتها بولندا ضد المشروع في محكمة العدل الأوروبية. ويذكر أن بولندا ودول البلطيق أصبحت معارِضةً صريحة للاتفاق، حيث تقول إنه سيسمح لروسيا بتضييق الخناق في مجال الطاقة على أوروبا ووقف تدفق الغاز من خطوط الأنابيب التي تجتاز أوكرانيا. كما أن الغاز والنفط الروسيين ما زالا يتدفقان عبر أوكرانيا إلى أوروبا رغم الأعمال الحربية بين البلدين، وذلك لأن كليهما يحتاجان لعائدات.وكانت شركات الطاقة الخمس قد وقّعت لأول مرة اتفاقا مع «غازبروم» لدعم المشروع ماليا في سبتمبر 2015، لكن بولندا عرقلته. وإلى ذلك، فإن خط الأنابيب التابع لـ«غازبروم» المشتغل حالياً، «نورستريم1»، لا يشتغل سوى بنصف قدرته الحقيقية؛ ما يدفع بعض الخبراء للتساؤل بشأن الجدوى الاقتصادية للمشروع، لاسيما في وقت يتميز باستقرار على مستوى الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي. وفي هذا السياق، يقول سيبرن دي يونغ، الخبير في شؤون الطاقة بـ«معهد لاهاي للدراسات الاستراتيجية»، إن «نورستريم2» هو خط أنابيب التفافي، و«الهدف من إنشائه هو التخلص من أوكرانيا». غير أن خبراء آخرين يحاججون بأنه قرار حكيم من الناحية التجارية، وذلك على اعتبار أنه سيضمن تدفقاً مستمراً للإمدادات من دون مخاطر تتعلق بالعبور بالنسبة لأوروبا الوسطى، ويقولون إن إنشاء «نورستريم1» في 2012 لم يكن كارثة جيوسياسية، مثلما كان يتوقع البعض في البداية. وإلى ذلك، فإن إنتاج أوروبا الداخلي من الغاز سيتقلص بالنصف خلال العقدين المقبلين، ويتعين على «غازبروم» أن تعزّز موقعها في سوق ما زالت تشكّل جزءا ضخما من عائداتها. لكن «غازبروم» اكتسبت خلال السنوات الأخيرة عادةً خاصة تتمثل في استخدام الطاقة كهراوة سياسية؛ حيث قامت بتحديد أسعار مختلفة مقابل الغاز لبلدان مختلفة. ومنذ سقوط الاتحاد السوفييتي قامت في عدد من المرات بقطع، أو التهديد بقطع، إمدادات الطاقة عن جيرانها من أجل الضغط عليهم. فقد قطعت إمدادات الطاقة عن أوكرانيا في 2016، وفي شتاء 2008-2009، وفي 2015 مع اندلاع الحرب في أوكرانيا بعد ضم موسكو غير القانوني لشبه جزيرة القرم. وقد تكون «غازبروم» فازت في أحدث معركة بمساعدة من شركات الطاقة الأوروبية الخمس، لكن الحرب لم تضع أوزارها بعد. ورغم الأموال الغربية لدعم المشروع، فإن «غازبروم» تظل المساهم الوحيد في مشروع خط الأنابيب، ما يعني أن مخاوف قانونية كبيرة ما زالت قائمة، كما يقول دي يونغ. كما أن الدانمارك والسويد وفينلندا، وجميعها أعضاء في الاتحاد الأوروبي سيجتاز خط الأنابيب مياهها، مازالت لم تعطِ إشارة الضوء الأخضر بعد لإنجاز المشروع، ما يطرح عقبةً أخرى محتملة. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©