السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محللون يشككون في قدرة الاقتصاد الصيني على مواصلة النمو

محللون يشككون في قدرة الاقتصاد الصيني على مواصلة النمو
16 يونيو 2008 00:13
بالرغم من أن جميع المحللين متفقون على أن الاقتصاد الصيني ينمو بسرعة، إلا أن جدلاً واسعاً يدور الآن حول ما إذا كانت الصين ستتمكن من مواصلة هذه المسيرة الناجحة، وما إذا كان أصحاب الصناديق الأجانب سيعمدون إلى التخفيف من اندفاعهم للاستثمار هناك· ونشرت صحيفة ''ذي إنترناشونال هيرالد تريبيون'' أمس الأول تقريراً حول الموضوع أشارت فيه إلى أن مبعث هذا الجدل ينبع من تخوف يعمّ الأوساط الاقتصادية العالمية من الظروف المحبطة التي يعيشها العالم كارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية، بالإضافة للظروف الخاصة التي تعيشها الصين خاصة ما يتعلق منها بالشك في أن تحقق الألعاب الأولمبية التي ستنطلق في شهر أغسطس المقبل النجاح المنتظر بعد أن كلفت الدولة مليارات الدولارات· وتعبر تغيرات مؤشرات أسواق الأسهم الصينية خلال الأشهر الماضية عن ضخامة الشكوك التي تسللت إلى أدمغة المستثمرين الأجانب حول صحّة الاقتصاد الصيني· ومما يبرّر هذه المخاوف هو الانخفاض الكبير الذي شهدته المؤشرات الرئيسية للأسواق والتي انخفضت إلى النصف بين شهري نوفمبر ومارس، بالرغم من أنها تمكنت بعد ذلك من تسجيل ارتفاع طفيف جاء مواكباً لتحسن أسواق الأسهم على المستوى العالمي· وفضّل كبار الاستشاريين الاستثماريين العالميين أن يعبروا عن قلقهم الشديد على المستقبل الاقتصادي للصين بالرغم من اختلافهم على الدوافع التي تثير لديهم هذا القلق· ويعبر هيوج يونج رئيس قسم السندات المالية في شركة ''أبيردين آسيت مانجمنت'' عن هذا القلق بقوله: ''أصبح التضخم يمثل خطراً كبيراً على أرباح الشركات العاملة في الصين· ولقد فقدنا موقعنا المتميز في تلك السوق العام الماضي؛ ولم نعد نمتلك الجرأة الكافية للعودة إلى هناك· ويمكنني أن أقول باختصار إننا متخوفون من الاستثمار هناك''· وعبر توماس مينجيل مدير صندوق ''إيفي إنترناشونال جروث فوند'' عن موقف مشابه ولأسباب مطابقة لتلك التي شرحها يونج· وفيما اعتاد الغرب على دورات الصعود والهبوط المتكررة لمؤشراتهم الاقتصادية، فإن الصينيين لم يعرفوا غير دورات الصعود والصعود فحسب منذ انطلقوا في خططهم التنموية الناجحة قبل أكثر من عقد من الزمن· ويقول مينجيل: ''وإذا ما كُتب للاقتصاد الصيني أن يشهد تباطؤاً مهما كان ضعيفاً، فسوف تتضاءل هوامش أرباح معظم الشركات العاملة هناك بشكل كبير· ولقد أصبحت السوق الصينية ذات حساسية بالغة إزاء هذه التطورات؛ وكان لا بد لنا في هذه الحالة من اتخاذ موقف يتميز بالحذر الشديد والدفاع عن النفس''· ويشير أحد الخبراء إلى أن السوق الصينية تعاني عدة مشكلات يقع في مقدمتها الخوف من تداعيات المشكلة البيئية، والحاجة للكوادر التنظيمية الكفؤة، وعدم تكامل نظام الحوكمة المؤسساتية· ثم يضيف إلى ذلك قوله: إن العديد من الشركات المدرجة في أسواق الأسهم، كان يتم التعامل معها ذات مرة باعتبارها مؤسسات تشرف الدولة على إدارتها لهدف وحيد يتمثل بتشغيل الموظفين الصينيين وليس من أجل تأمين هامش من الأرباح لحملة أسهمها· وما لبثت هذه الأمور أن تغيرت قليلاً عندما بدأت مؤشرات إيجابية جديدة تظهر أمام المستثمرين· وبدأت المؤسسات الاقتصادية تشهد بعض التحسن من النواحي الإدارية والتنظيمية مع عودة خريجي الجامعات الصينيين الذين تلقوا علومهم العالية فيما وراء البحار· وأشار خبير آخر إلى أن التباطؤ النسبي الذي تشهده أسواق المال الصينية الآن ليس إلا انعكاساً مباشراً للظروف الاقتصادية السائدة في العالم ولا يعود لأسباب داخلية· ثم إن السلامة الاقتصادية للصين تنبع أصلاً من السلامة الاقتصادية لزبائنها الذين ينتشرون عبر العالم أجمع· ويقول الخبير الاستثماري ألكساندر ميورومشيو: أعتقد أننا سنشهد تناقصاً متواصلاً في أعداد المستهلكين الأميركيين للبضائع الصينية في وقت يبدو فيه بوضوح أن حجم الصادرات يعدّ المؤشر الرئيسي للنمو الاقتصادي في الصين· وفي الجانب الآخر لهذا الجدل، يقف خبراء ومحللون من الذين تعوّدوا على عدم التشكيك بقوة التنّين الصيني؛ ومن هؤلاء خبير آخر يدعى إدموند هاريس يدير صندوقاً استثمارياً في آسيا والذي يبدأ حديثه حول هذا الموضوع في طرح السؤال المهم: ''هل تطور التضخم في الصين إلى الحالة التي تتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحته؟''، ثم يجيب عن ذلك بالنفي القاطع· وعبر هاريس عن اختلافه في وجهات النظر مع أولئك الذين يتوقعون أن يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤاً كبيراً عقب انتهاء الألعاب الأولمبية التي ستنظم هناك في شهر أغسطس المقبل· وهو يفضل أن يدعّم نظرته المتفائلة نحو الاقتصاد الصيني بالإشارة إلى أن هذا الاقتصاد يحتكم إلى العديد من العوامل الإيجابية من أهمها تلك التي تتعلق بالمستثمرين المحليين الذين يواصلون ضخّ المزيد من الأموال في أسواقهم خاصة في القطاعات الاستثمارية ذات العلاقة بتوليد الطاقة الكهربائية وصناعات تعدين الفحم والفولاذ· وهو على يقين من أن المزيد من الأجانب سوف يأتون للمشاركة في هذه المشاريع ذات عوامل النجاح المضمونة· ويأتي هذا الجدل عقب تحقيق الاقتصاد الصيني لسنوات متواصلة من النجاح وحيث كان معدل النمو السنوي يفوق في كل مرة طموحات المسؤولين الصينيين أنفسهم كما كان مثاراً لإعجاب المحللين والخبراء العالميين· ولم تكن الشركات الإنتاجية والخدمية العاملة هناك تتوقف عن الحديث عما يسمى ''السعر الصيني''، وكيف تمكن الصينيون من تحطيم الأسعار العالمية المتعارف عليها للسلع والخدمات كلها، من الجوارب وحتى أنصاف الموصلات· ويمكن لهذه الميزة بحد ذاتها أن تحكم سلفاً على نتائج الصراعات الدائرة في الأسواق العالمية وتحسمها لصالح الطرف القادر على الإنتاج بسعر أقل· ويمكن للمرء أن يتصور الحجم الحقيقي للعوائد المترتبة على نجاح الصينيين في تبنّي ثقافة تخفيض تكاليف الإنتاج من خلال الإشارة إلى أن عدد أجهزة الموبايل التي يستخدمها الصينيون يبلغ الآن 440 مليوناً أو ما يساوي 40% من مجمل عدد ما يستخدم منها في العالم أجمع· وهذا يعني أيضاً أن الصين بحد ذاتها تعد واحدة من أضخم الأسواق العالمية من دون منازع· وفي مجال البحوث العلمية والتكنولوجية، يعمل العلماء الصينيون في المختبرات الحديثة على ابتداع أجيال جديدة من الأجهزة والأدوات التكنولوجية التي لم يتمكن أحد من رؤيتها من قبل وتحت شعار ''جهاز تم ابتكاره في الصين'' بدلاً من ''جهاز مصنوع في الصين''· وكان الرئيس الصيني هيو جينتاو هو الذي رفع شعار ''الابتكار المستقل'' عندما أطلق هذه السياسة الطموح· وكانت إحصائيات دقيقة صدرت في عام 2006 عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية قد أشارت إلى أن الصين تفوقت على اليابان لأول مرة من حيث القيمة الإجمالية للمبالغ المالية التي يتم إنفاقها على قطاع البحث والتطوير، وأصبحت تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في هذا المجال· كما أن قطاع البحث والتطوير تضاعف من حيث الحجم والإمكانات خلال السنوات القليلة الماضية· وفي عام 2006 تفوقت الصين على ألمانيا من حيث عدد براءات الاختراع المسجلة رسمياً لدى الدولة واحتلت المرتبة الخامسة عالمياً في هذا المجال· وبالرغم من أن الأزمة الاقتصادية الراهنة التي يعيشها العالم لا بد أن تترك آثارها القوية على الاقتصادات العالمية من دون استثناء، إلا أن من السابق لأوانه إصدار حكم قاطع حول ما إذا كانت ستضع حدّاً لفترة الرخاء الاقتصادي في الصين والتي امتدت لأكثر من عقد كامل، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد سحابة عابرة· نقلاً عن إنترناشونال هيرالد تريبيون و وول ستريت جورنال
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©