الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان... سيناريوهات «المهمة» المكلّفة

أفغانستان... سيناريوهات «المهمة» المكلّفة
11 أغسطس 2009 01:12
بينما تعمل إدارة أوباما على توسيع وتعزيز الانخراط الأميركي في أفغانستان، يحذر خبراء عسكريون من أن الولايات المتحدة تأخذ على عاتقها التزامات أمنية وسياسية ستستمر لعقد من الزمن على الأقل، وبتكلفة من المحتمل أن تفوق حتى تكلفة حرب العراق. وحسب «وكالة البحوث» التابعة للكونجرس، فإن الولايات المتحدة أنفقت منذ غزو أفغانستان قبل ثماني سنوات نحو 223 مليار دولار على تمويل أمور مرتبطة بالحرب في ذلك البلد. كما ارتفع الإنفاق على المساعدات، بدون احتساب تكلفة العمليات الحربية، من 982 مليون دولار في 2003 إلى 9.3 مليار دولار العام الماضي. على أنه من شبه المؤكد أن تستمر هذه التكاليف في الارتفاع على اعتبار أن إدارة أوباما هي اليوم بصدد تغيير المقاربة الأميركية تجاه أفغانستان، حيث باتت تضع نصب عينيها رهانات الأمن على المدى الطويل والاستدامة الاقتصادية والتنمية. كما أنه من المرجح أن تتطلب هذه المقاربة إرسال مزيد من الموظفين العسكريين الأميركيين، على الأقل من أجل تدريب قوات أمن أفغانية إضافية. والجدير ذكره في هذا السياق أن الجنرال ستانلي ماكريستل، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، من المتوقع أن يقدم في وقت لاحق من هذا الشهر تقييمه للوضع في البلاد، وهو تقييم يمكن أن يفضي إلى زيادة في عديد القوات الأميركية من أجل المساعدة على تطبيق الاستراتيجية الجديدة التي خطها الرئيس أوباما. وفي هذه الأثناء، يلح الخبراء العسكريون على الحاجة إلى موارد إضافية، غير أن الكثيرين، ومنهم بعض مستشاري الجنرال ماكريستل، لا يخفون قلقهم، بحكم أن الجمهور لم تتم توعيته بالالتزامات الكبيرة التي ترافق سياسات واشنطن الجديدة. وفي هذا الإطار، يقول ستيفان بايدل، زميل سياسة الدفاع في «مجلس العلاقات الخارجية» والعضو في فريق «التقييم الاستراتيجي» الذي يقدم لماكريستل النصح والمشورة: «إننا سنكون في حاجة إلى وجود حربي كبير على مدى سنوات عدة مقبلة، وربما سنحتاج أيضاً إلى التزام مالي أكبر»، مضيفاً أن توسيع قوات الأمن الأفغانية الذي سيوصي به الجنرال من أجل تأمين البلاد «سيكلف من دون شك أكثر بكثير مما ستستطيع أية حكومة أفغانية توفيره بمفردها». ومن جانبه، يقول «بينج ويست»، وهو مساعد وزير دفاع سابق وضابط متقاعد في قوات «المارينز» تابع عن كثب حربي العراق وأفغانستان: «إن القوات الأفغانية ستحتاج إلى 4 مليارات دولار سنوياً على مدى عشر سنوات أخرى، مع مبلغ مماثل للتنمية»، معتبراً أن الخطر يكمن في أن الكونجرس «كريم جداً من حيث الدعم الذي يقدمه لقواتنا اليوم، ولكنه قد لا يدعم المساعدات الضرورية للتقدم في أفغانستان غداً». وعلاوة على ذلك، يبدي أيضاً بعض أعضاء الكونجرس قلقهم، حيث أعلنت لجنة المخصصات المالية التابعة لمجلس النواب في تقرير حديث لها أن أعضاءها «قلقون بشأن احتمال التزام أميركي مفتوح لإرساء الاستقرار في بلد لديه سجل حافل في مجال دحر التدخل العسكري الأجنبي ومحاولات التأثير على الحياة السياسية الداخلية». والواقع أن الحكومة الأفغانية أحرزت بعض التقدم السياسي والعسكري منذ 2001، ولكن تمرد حركة «طالبان» ينتعش أيضاً ويتقوى بالمقابل. وفي هذا الإطار، تحدث أنتوني كوردسمان، وهو عضو آخر في الفريق الاستشاري لماكريستل وخبير في شؤون الأمن القومي بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، حيث قال للصحافيين مؤخراً إنه حتى في حال تحقيق مكاسب عسكرية خلال الأشهر الاثني عشر أو الثمانية عشر المقبلة، إلا أن تقليص التهديد الذي تطرحه «طالبان» وقوات متمردة أخرى بشكل جوهري سيستغرق سنوات مديدة. ذلك أن المهمة التي أخذتها الولاياتُ المتحدة على عاتقها في أفغانستان هي من نواحٍ كثيرة أصعب من المهمة التي واجهتها في العراق، إذ أنفقت الحكومة الأميركية 684 مليار دولار في تمويل الأمور المتعلقة بالحرب. وفي دراسة لعام 2008 حول تصنيف أضعف البلدان في العالم النامي، وضعت مؤسسة «بروكينجز» أفغانستان في المرتبة الثانية بعد الصومال. ومما يذكر في هذا السياق أن الناتج الداخلي الخام لأفغانستان عام 2008، حسب تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، بلغ 23 مليار دولار، مع أن نحو 3 مليارات دولار منها مصدرها إنتاج الأفيون، هذا في حين بلغ الناتج الداخلي الخام للعراق المنتج للنفط 113 مليار دولار. ولأن الحكومة المركزية الأفغانية تجمع 890 مليون دولار من العائد السنوي تقريباً، حسب تقديرات «سي آي إيه»، فإن وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس لفت إلى أن الميزانية الوطنية الأفغانية لا تستطيع تحمل الملياري دولار التي يحتاجها الجيش وقوات الشرطة في أفغانستان اليوم. وكان الجنرال الهولندي «توم ميدندروب»، قائد قوات التحالف في إقليم أروزجان الجنوبي، قد وصف المنطقة بأنها تشبه منطقة من عالم ما قبل التاريخ، حيث قال للصحافيين مؤخراً: «إنه أفقر إقليم في واحد من أفقر البلدان في العالم. فإذا ما قام المرء بجولة عبر الإقليم، فسيخيل إليه أنه يعيش في عصور غابرة... فالأمية تضرب أطنابها في الإقليم، حيث لا يستطيع أكثر من 90 في المئة من السكان القراءة أو الكتابة. وبالتالي، فإن ما يقوم به المرء هناك أمر أساسي ومهم. وعلاوة على ذلك، فإنهم عاشوا 30 عاماً من الحرب». وخلافاً لحالة العراق، حيث وضع أوباما جدولاً زمنياً للانخراط الأميركي، فإن الرئيس الأميركي لم يوضح تاريخاً لانسحاب القوات من أفغانستان، غير أن مسؤولي البيت الأبيض يشددون على أن العبء ليس عبء الولايات المتحدة وحدها، حيث تتوافر قوات «الناتو» في البلاد على 61 ألف جندي من 42 بلداً، 29 ألفاً منهم فقط أميركيون. والتر بينكس - واشنطن يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©