الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أولمبياد بكين... ورهانات الانفتاح في الصين

أولمبياد بكين... ورهانات الانفتاح في الصين
11 أغسطس 2009 01:13
بإلقاء نظرة قريبة على «الملعب الوطني» في قلب العاصمة الصينية، بكين، الذي استضاف الألعاب الأولمبية في الصيف الماضي، تبدو واضحة عليه علامات التقادم بسبب الآفات التي لحقت بهيكله والسحابة الرمادية الناتجة عن تلوث الجو الجاثم على قمته. ولكن على رغم ذلك يبقى الملعب الأولمبي بالنسبة لـ«يانج هوجنج»، والمئات غيرها من السياح الصينيين الذين يتدفقون هنا يومياً، رمزاً من رموز العزة الوطنية ومدعاة للفخر، وهو شعور تعبر عنه «هوجنج» قائلة: «إنه يبدو رائعاً، لقد رأيته على الشاشة في العام الماضي إلا أنني اليوم أراه مباشرة على أرض الواقع». والحقيقة أنه بعد مرور عام على استضافة بكين للألعاب الأولمبية مازال تأثيرها واضحاً، بل يمكن رصده في جميع أركان المدينة من خلال المواقع الرياضية التي شهدت الحدث، والبنية التحتية المتألقة، فضلًا عن جودة الهواء التي تحسنت مقارنة بالسابق. وفيما كان العالم يراقب الصين ويتتبع خطواتها كانت هذه الأخيرة تثبت نفسها كلاعب دولي مهم ينضح كفاءة وفعالية وحيوية. لكن الآمال التي علقها البعض على الألعاب الأولمبية في تدشين مرحلة جديدة للانفتاح السياسي داخل الصين كانت في غير محلها، بل بالعكس عملت بكين على تشديد قبضتها على مصادر الانتقاد المحلية وهاجمت أيضاً العالم الخارجي على تدخله في قضية إقليم التيبت خلال المواجهات التي رافقت جولة الشعلة الأولمبية، ومنذ ذلك الوقت والصين تتشدد ضد التحركات الداخلية والاحتجاجات المحلية. وبعيداً عن تطلعات انفتاح الصين على العالم ودفعها لاعتناق مبادئ حقوق الإنسان، كان للألعاب الأولمبية تأثير معاكس، بحيث استغل القادة الشيوعيون نجاحهم الباهر في تنظيم ذلك الحدث الرياضي المهم لتكريس المزيد من سياسات القبضة القوية وإيصال رسالة واضحة للعالم حول قوة بلادهم وتفوقها الوطني، وهو ما يؤكده «راسل موزيز»، المحلل السياسي ببكين، حيث يقول: «لقد كان القادة الشيوعيون واضحين بأن الأمر يتعلق بالعالم الذي انفتح على الصين وليس العكس». وفي خضم الحملة الإعلانية التي نظمتها السلطات الصينية لإحياء الذكرى الأولى لتنظيم بلادها للألعاب الأولمبية، حرص المسؤولون على إبراز التأثير البيئي الإيجابي للألعاب بما شملته من إجراءات مفيدة مثل إدخال أسطول كبير من الحافلات التي تعمل بالغاز الطبيعي يصل عددها إلى أربعة آلاف حافلة، وتوسيع نظام قطارات الأنفاق، فضلاً عن إحاطة العاصمة بمجموعة من الغابات والمناطق الخضراء. وبحسب البيانات الرسمية، تحسنت جودة الهواء في العاصمة على نحو كبيرً. ومن المكاسب الأخرى التي يقول القادة في الصين إن بلادهم استفادت منها بعد الألعاب الأولمبية ما يطلقون عليه «الحضارة الروحية» مثل التأدب في معاملة الناس واحترام الصف أثناء ركوب الحافلة واجتناب البصق في الطريق، كما طُلب من سكان بكين التخلص من بعض العادات السيئة قبل تنظيم الألعاب حتى لا ينزعج السياح والضيوف. ولم تغب عن السلطات الإشادة بالتنظيم المحكم للألعاب الأولمبية بعدما أثنى «ليو كي»، مدير اللجنة التنظيمية للألعاب الأولمبية، في مؤتمر صحفي عقد يوم الجمعة الماضي، على المتطوعين وإسهامهم الكبير في إنجاح الحدث الرياضي، مشيراً إلى أن التركيز على مبدأ الاستدامة في صياغة الخطط التنموية للعاصمة سيبقى حاضراً حتى بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، ويوضح ذلك بقوله: «لنحافظ على روح الألعاب الأولمبية في بكين إلى الأبد». وقد زاد من الشعور الوطني بالفخر حيازة الصين لـ51 ميدالية ذهبية، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة التي احتلت المرتبة الثانية، وإن كانت هذه الأخيرة نالت الحصة الأكبر من العدد الإجمالي للميداليات. وتقول السلطات الصينية إن عددًا متنامياً من الصينيين باتوا يمارسون الرياضة بسبب الأداء الجيد للرياضيين الصينيين خلال الألعاب، والحماس الذي خلفه ذلك في نفوسهم. وعلى غرار باقي المدن تواجه السلطات في بكين تحدي الاستفادة من المنشآت الرياضية التي صُممت خصيصاً للألعاب الأولمبية، إذ فيما تعتزم الصين إعادة بناء البعض منها عملت على فتح البعض الآخر أمام العموم. وبضغط من اللجنة الأولمبية الدولية، خففت الصين خلال التظاهرة الرياضية مراقبتها للصحافة وفرضها لقيود متشددة على حركتها، بحيث سمحت لمختلف وسائل الإعلام بالنزول إلى الشارع وإنجاز تحقيقاتها، فضلًا عن إفساح المجال أمامها لنقل تغطية حية للتظاهرات الرياضية، غير أن ذلك لا ينفي المضايقات التي مازال يتعرض لها المراسلون الأجانب والمنع الذي يطالهم، لاسيما بعد اندلاع أحداث التيبت وبعدها الأحداث الأخيرة في محافظة «سيكيانج»، التي شهدت مواجهات دموية بين المسلمين «الإيجور» وعرقية «الهان». سيمون مونتلايك - بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©