الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوبي «أيباك»... حالة الانكشاف وازدواجية الولاء

لوبي «أيباك»... حالة الانكشاف وازدواجية الولاء
11 أغسطس 2009 01:14
انتهت قضية التآمر المرفوعة ضد اثنين من أعضاء لوبي «أيباك» (لجنة الشؤون العامة الأميركية- الإسرائيلية) السابقين نهاية باهتة، وذلك عندما أسقطت الحكومة الأميركية جميع التهم الموجهة إلى العضوين بعد ثلاثة أعوام ونصف العام من المناورات القانونية المتصلة. والقضية برمتها كانت غريبة، في نظري، لسببين: الأول، أن الاتهام الذي وجه إلى عضوي لوبي «أيباك» وهما «ستيف روزين»، و«كيث وايزمان» قد تم استناداً إلى جزء مبهم من نص قانون الجاسوسية الصادر عام 1917، وهو جزء لم يستخدم سوى مرة واحدة من قبل -ودون فعالية- كما لم يسبق استخدامه لتوجيه اتهام بإفشاء أسرار مصنفة ضد مواطنين عاديين. والسبب الثاني، أن العضوين كانا هدفاً لفخ، حيث قدمت لهما معلومة مزيفة. والجانب الأكثر إثارة في هذه القضية، يمكن تلخيصه في الأسئلة التالية: لماذا تم رفعها في المقام الأول؟ وما الذي يدعو إلى نصب فخ لهذين الشخصين إذا لم يكن هناك تصرف واضح ارتكباه ويستحق الكشف عنه؟ وما هو الشيء الذي كان رجال مكافحة الجاسوسية يسعون في أثره، بالضبط؟ بعد ثلاث سنوات من الاشتغال على كتاب بشأن هذه القضية، أقول إنني لا أستطيع تقديم إجابات واثقة عن هذه الأسئلة. بيد أن الشيء الذي جدّ في هذا السياق هو أن «لاري فرانكلين» الُمبلِّغْ الذي قدم المعلومات التي قادت إلى اتهام عضوي «أيباك» ربما يثير الآن شبهة وقوع تحيز. فهذا الُمبلِّغْ، المحلل السابق في «البنتاجون»، وهو الذي قام بتسريب البلاغ المزيف إلى العضوين المذكورين، أدلى بتصريح لـ«واشنطن بوست» الشهر الماضي قال فيه إن المحققين قد سألوه «عن كل شخص يهودي يعمل في مكتبه»، وهو ربما يقصد هنا أن «معاداة السامية» كانت جزءاً من هذا التحقيق. ولو كان الأمر كذلك، فإن نقطة البداية التي ينبغي أن نعود إليها في هذا السياق هي قضية الجاسوس «جوناثان بولارد» التي مضى عليها الآن ما يقرب من 23 عاماً. فهذه القضية تتعلق بجاسوس حقيقي، وهو يهودي أميركي يعمل لدى البحرية الأميركية قام انطلاقاً من تعلقه بإسرائيل -وبالمال في الوقت نفسه- بنسخ آلاف الوثائق السرية وتسليمها إلى إسرائيل. وبعد القبض عليه عام 1980، ساد اعتقاد في دوائر مكافحة الجاسوسية بأنه كان جزءاً من شبكة تجسس أكبر حجماً، وهو اعتقاد قاد إلى البحث عن «مستر إكس» أو عن «الشخصية المجهولة»، الذي اعتقد أنه كان مسؤولاً كبيراً في الأمن القومي قام بإرشاد بولارد إلى الوثائق المطلوب نسخها وتصويرها. وعدم العثور على «الشخصية المجهولة» في تلك القضية ليس مهماً، وإنما الأكثر أهمية أنها كانت تدعم فرضية مؤداها أن الأهداف الإسرائيلية تتعارض مع المصالح القومية الأميركية، وأن العديد من اليهود الأميركيين الذين يحتلون مناصب مهمة في دوائر صنع القرار السياسي يعانون من ظاهرة ازدواج الولاء. وعلى رغم أن تلك الفرضيات غير صحيحة، في نظري، من الناحية السياسية، إلا أن خطوطها العامة تتبدى بشكل واضح في قضية روزين- وايزمان، حيث تبين أن «فرانكلين» قد أُرسل من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف. بي. آي» لإغراء اليهود، وأنه قد جرب «آدام سيرالسكي» الذي يعمل لدى شبكة «سي. بي. إس نيوز»، والذي سبقت له مقاضاة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي. آي. إيه» بتهمة معاداة السامية، كما جرب أيضاً «ريتشارد بيرل» الذي كان في طريقه لقضاء عطلة في فرنسا، وجرب كذلك عملاء «البنتاجون» الذين كانوا يعملون مع «فرانكلين» ولكنهم جميعاً رفضوا العرض الخاص بتقديم معلومات. غير أن الطُّعم الذي قدم لعضوي لوبي «أيباك» كان أكثر جاذبية، حيث طلب منهما «فرانكلين» الذي لم يكن قد رآهما لمدة عام على الأقل عقد اجتماع معه. وفي مقهى «أرلينجتون»، أخبرهما بأن العملاء الأميركيين والإسرائيليين في العراق مستهدفون من قبل إيران، راجياً منهما أن يستغلا اتصالاتهما لإخبار البيت الأبيض بضرورة إيقاف هذه المؤامرة. والذي حدث هو أن عضوي «أيباك» قد ضعفا أمام هذا الطلب فقاما بإخبار الإسرائيليين، الذين قاموا بدورهم بإبلاغ «واشنطن بوست»، كما حاولوا أيضاً إبلاغ مجلس الأمن القومي، وهو ما قاد إلى توجيه تهمة التآمر لهما في النهاية. والمفارقة هنا هي أن محاكمة روزين- وايزمان تثبت أن منظمة «أيباك» التي كانت تعتبر من أقوى المنظمات الصهيونية مكشوفة بدرجة تدعو للرثاء، وأن تنفذها لم يكن كافياً للحيلولة دون استمرار أكثر الإدارات الأميركية موالاة لإسرائيل في التاريخ الحديث لأربعة أعوام في إجراء محاكمة لاثنين من أعضائها بتهمة التآمر، وهي محاكمة لم تتوصل بعد كل تلك السنوات، وتلك الملايين من الدولارات، إلى أن هناك أسراراً مسروقة أو رشاوى تتناقلها الأيدي، أو اجتماعات سرية، أو مسؤولين كباراً مزدوجي الهوية، أو أضراراً للمصالح القومية. إن كلًا من «إف. بي. آي» و»أيباك» ينبغي أن يكونا سعيدين الآن لانتهاء هذه القضية على هذا النحو: الأول لأن ذلك سيؤدي لإخفاء الأخطاء التي تمت، والثانية لأن ذلك سيؤدي لإخفاء الضعف والتهافت وعدم القدرة على حماية أعضائها. جراي واسرمان أستاذ نظم الحكم في مدرسة الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©