الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعة صدرك..؟

3 مايو 2017 23:16
من الأولى أن تقودنا تكنولوجيا العصر الرقمي إلى نتائج أكثر دقة، إذ يبدو في بعض المجتمعات أنها لم تأخذ من عصر السرعة إلا السرعة في القفز على مراحل الفحص والتمحيص والاستبصار واستجلاء الحقائق إلى نهاياتٍ مبتورة لا تعتمد على أدلّة أو قرائن تريح الضمير. وعلى إثر ذلك تتردد شكوى المظلوم، وتُضرب عرض الحائط، وتعود إليه خالية الوفاض؛ فلا الطبيب تأنى في تشخيص مواطن ألمه، ولا المحامي منحه الوقت الكافي لعرض قضيّته، ولا المهندس ألقى إليه السمع لرسم توقعاته، ولا المدير استمسك بخيوط التحرّي عن أسباب الخلل وصولاً إلى العدل المنشود، ولا المحاسب بذل الجهد للتوصّل إلى نتائج دقيقة، ولا القاضي تجمّل بالصبر والتأني وصولاً للحق المبين. وبين هذا وذاك يعلو صوت المظالم، وتتساقط الحقوق في هوة سحيقة وتتسع الفجوة بين الواقع والمأمول. هذه غُمّتنا التي لن تنجلي إلا بـ «سعة الصدر»، حيث نشرت مجلّة «علم الأوبئة» وصحة المجتمع البريطانية بحثاً أجري على نحو 8000 من العاملين في القطاع الحكومي على مدار 11عاماً، أثبت أن من يشعرون بعدم العدالة والمساواة في المعاملة أكثر عرضة للأمراض الصحية والعقلية والنفسية بنسبة 55%. وما يُحدث الفرق لدى كل ذي حرفة أو مهنة أو صاحب مسؤولية هو «سعة الصدر» والإتقان، وما ينقل الخدمة بأمانة إلى مرفأ إسعاد العاملين والمتعاملين هي «سعة الصدر»، وما يطهر النفوس من الأحقاد الدفينة والضغائن المتراكمة هي «سعة الصدر»، وما بين أدنى مستويات الأداء والتميز، والإهمال والإحسان، والسخط والرضا مسافة نقطعها بحسن الإصغاء ومخافة الله؛ لهذا ترادفت كلمتي «السمع والبصر» في القرآن الكريم 38 مرة، مُقدّما سبحانه وتعالى حاسة السمع على البصر في المواضع كلها إلا في آية واحدة: (... رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً...)، «سورة السجدة: الآية 12»، وفي ذلك بلاغة لا يدركها إلا ذو حظٍّ عظيم. والسرّ في الارتقاء لمدارج الامتياز نجده في حبلٍ متين من التأني وسعة الصدر، أَوَله (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وأَعرض عنِ الجَاهِلين)، «الأعراف: الآية 199»، وآخره (... ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...)، «سورة فصلت: الآية 34». Emad.Hussein@alittihad.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©