السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل.. ركود أجج الفضائح

14 يونيو 2016 23:22
يبدأ صوت ضجيج الحركة التجارية في محطة «بوستو دا توريه» مع بزوغ الفجر عند تدفق سائقي الدراجات النارية وسيارات الأجرة الذين يأتون لملء خزاناتهم بالوقود، وبطونهم بلقمات الخبز الدافئ المخبوز بالجبن. وفي وقت لاحق يأتي الموظفون المدنيون لتزويد سياراتهم بالوقود، بينما يشتري خريجو الجامعات السجائر، ويجمع الشحاذون المنهكون العملات المعدنية. و«بوستو دا توريه»، وهي عبارة عن استراحة ومحطة بترول في العاصمة البرازيلية، لا تختلف كثيراً عن عدد لا حصر له من المحطات الأخرى التي تعمل على مدار 24 ساعة، وتنتشر في مدن الدولة وعلى طرقها السريعة. لكن خلف صف المتاجر في واجهة محطة الوقود، اكتشف مسؤولون أثناء التحقيق في قضية مخدرات عام 2013، وجود أنشطة تحويل أموال غير شرعية يديرها المالك «كارلوس حبيب شاطر» وشريكه «ألبيرتو يوسف». وخلال الأشهر التالية، أخبر «يوسف» المدعون، بشأن دوره كحامل للأموال الذي ساعد في نقل مليارات الدولارات المختلسة من شركة النفط المملوكة للحكومة البرازيلية، والرشا من شركات الإنشاءات إلى بعض من أكثر السياسيين النافذين في الدولة. وأدت الفضيحة التي عرفت باسم «عملية غسل السيارة»، إلى توقيف أكثر من 150 من كبار رجال الأعمال ومسؤولين منتخبين، وزجت بالنخبة البرازيلية في أزمة لا تزال جوانبها تتكشف يوماً بعد يوم. وخلال الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن يستجوب مجلس الشيوخ البرازيلي الرئيسة «ديلما روسيف» بشأن اتهامات بأنها تلاعبت بالميزانية الفيدرالية من أجل تعزيز حملتها الانتخابية في عام 2014. ورغم أن جرائمها المزعومة غير مرتبطة مباشرة بـ«عملية غسل السيارة»، إلا أن الغضب الشعبي غذى تداعياتها بسبب ما كشفته الفضيحة من فساد مستشري وممنهج. وهنا في محطة «بوستو دا توريه»، المسماة نسبة إلى برج التلفزيون القريب الذي يمنح الزائرين مشاهد بانورامية للعاصمة، يبدو أن معظم العملاء غير مدركين لماضي محطة البترول سيء السمعة. ورغم ذلك، لم ينجو سوى قليليين من تبعات الركود الاقتصادي الذي ترك 11 مليون برازيلي من دون عمل، وملايين آخرين يكافحون من أجل البقاء. ودفع ارتفاع أسعار البنزين وزيادة الضرائب وصعود معدلات التضخم بكثير من أبناء الطبقة العاملة في البرازيل إلى شفا الفقر. وأحبطت أنشطة الفساد والبيروقراطية المنهكة طموح رواد الأعمال الشباب في البرازيل. ومهد الفضيحة الوطنية «بوستو دا توريه» هو أيضاً ساحة تظهر فيها مآسي الأزمة الاقتصادية والشلل السياسي في الدولة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك «تانيا آراخو ربيرو»، الثلاثينية، التي تقدم عصير القصب والمخبوزات السريعة في مطعم المحطة. فحتى العام الماضي كانت «ربيرو» وزوجها «جلينشيانو» وافدين جدد على الطبقة المتوسطة البرازيلية، واشتريا سيارتهما الأولى، وقضيا عطلات متكررة، ولم يترددا للحظة في تناول الطعام في الخارج والتنزه. بيد أن ذلك كله تغير بعد أن خسر الزوج وظيفته في قطاع الإنشاءات. ويتردد الزوجان الآن قبل شراء اللحوم، وأجلا خططاً لإنجاب طفل ثانٍ. وتقول «تانيا»: «إنني خائفة جداً، فلا يمكنني أن أنجب طفلاً ثاني لا أستطيع الإنفاق عليه». ومثل كثير من ضباط الشرطة، وعمال النظافة والبساتين، الذين يساعدون في الحفاظ على عصرية العاصمة، التي صممها المهندس المعماري «أوسكار نيمير»، تعيش أسرة «ربيرو» في مدينة قريبة، على بعد 40 دقيقة بالحافلة. ومثل هذه المدن غير المخططة، التي تعاني ضعف البنية التحتية وارتفاع معدلات الجريمة هي موطن لأكثر من مليوني مهاجر تدفقوا إلى المنطقة في حقبتي الستينيات والسبعينيات بحثاً عن عمل، لكنهم لم يتمكنوا من تحمل أسعار الإسكان الباهظة في العاصمة. وفي ظل إدارة «روسيف» وسلفها «لويز إناسيو لولا دا سيلفا»، ازدهر الاقتصاد البرازيلي، مدعوماً بالطلب العالمي على السلع مثل فول الصويا وخام الحديد، الذي دفع بملايين من أبناء الطبقة الفقيرة إلى صفوف الطبقة المتوسطة. لكن تباطؤ النمو في الصين ساعد على الوصول إلى نهاية مفاجئة للأوقات المواتية، غير أن المنتقدين يقولون إن السياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتبعتها روسيف فاقمت المأساة. وترك العامان الماضيان من الركود والفضائح البرازيليين، مثل «تانيا ربيرو»، في حالة من الغضب والارتباك. وقالت «ربيرو»: «إننا ندفع ضرائب كثيرة، وفي المقابل لا نحصل على شيء، وكل شيء يذهب إلى جيوبهم». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©