الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«الصدمة النفطية» خلال 2011 تقلص النمو العالمي وتزيد التضخم

«الصدمة النفطية» خلال 2011 تقلص النمو العالمي وتزيد التضخم
18 مارس 2011 19:25
يملك سعر النفط مقدرة كبيرة للعمل على انهيار الاقتصاد العالمي تلك المقدرة التي عادة ما تنطلق شرارتها من الشرق الأوسط. وبالاضطرابات التي تعم بعض دوله يبرز سؤال ما إذا كان العالم مقدم على صدمة نفطية أخرى. وهناك من الأسباب ما يكفي لدواعي هذا القلق، علماً بأن ثلث إنتاج نفط العالم يتم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن الغريب أن رد فعل الأسواق جاء خجولاً، حيث ارتفع سعر خام “برنت” بنحو 15% على خلفية ما يجري في ليبيا ليبلغ 120 دولاراً للبرميل في 24 من الشهر الماضي، لكن تراجع السعر مرة أخرى بسبب التزام المملكة العربية السعودية بسد الفجوة الناجمة عن ليبيا. وبالرغم من تفاؤل معظم الاقتصاديين، فإن النمو العالمي ربما يتراجع ببضعة أعشار من النقطة المئوية، لكن ليس بالقدر الكافي لإعاقة تعافي الدول الغنية. لكن ينجم عن ذلك اثنين من المخاطر الكبيرة: الأولى، ربما تقود إعاقة عمليات الإنتاج أو حتى التخوف من حدوثها إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط. والثانية، من المرجح أن يعمل شح النفط على إشعال جذوة التضخم التي ربما تقود بدورها إلى ضائقة نقدية تعوق التعافي. ويلجأ حينها الكثيرون إلى مديري البنوك المركزية للخروج من تلك الأزمة. وحتى الآن لا تزال الصدمة لتوفير النفط صغيرة جداً، حيث لم تعمل الأزمة الليبية على زيادة سعر النفط بأكثر من 1% فقط، مقارنة مع 7,5% إبان الحظر النفطي في 1973. كما أن بالسوق النفطية اليوم العديد من الدول المنتجة التي تملك احتياطات كبيرة، الشيء الذي لم يكن متوافراً في تلك الفترة. الاحتياطات النفطية وكذلك تفوق الاحتياطات النفطية التجارية تلك الكميات التي كانت متوافرة عند ارتفاع الأسعار إلى ذروتها في 2008. وتملك السعودية مثلاً بوصفها البنك المركزي لسوق النفط العالمية، احتياطات تكفي لسد فجوة ليبيا والجزائر وبعض الدول المنتجة الصغيرة الأخرى. ومع ذلك، ليس من المستبعد حدوث المزيد من العمليات التي تقف في طريق الإنتاج. يذكر أن قطاع النفط من القطاعات شديدة التعقيد، حيث من الضروري توفير النوع المناسب من النفط في المكان والزمان المناسبين. وحتى في غياب هذه العمليات، تعاني الأسعار الضغوطات الناجمة عن مصدر آخر، وهو التناقص التدريجي في احتياطات النفط. وبالنمو القوي الذي يشهده الاقتصاد العالمي، يفوق الطلب على النفط وبقدر كبير، الزيادة في الاحتياطات النفطية المتوافرة في الوقت الحالي؛ لذا فإن نشوب أي اضطرابات أخرى من شأنه أن يقود إلى تفاقم الأسعار بمعدلات كبيرة والتي بدأت بوادرها تلوح في الأفق بالفعل. إذن، ما التأثيرات الناجمة عن ذلك؟ وما يبعث على بعض الارتياح أن الاقتصاد العالمي أقل عرضة لضرر ارتفاع أسعار النفط الآن، مقارنة بما كان عليه في سبعينيات القرن الماضي. كما أن الناتج العالمي أقل كثافة، وكذلك التضخم أقل في معدلاته، وأن الأجور ربما لا تتبع مسار ارتفاع أسعار الطاقة مما لا يستدعي رد الفعل القوي من البنوك المركزية. ولكن لا تعني قلة التعرض بالضرورة الحصانة. ويعني شح النفط التحول من الدول المستهلكة له، إلى الدول المنتجة. ومنذ أن الأخيرة تميل إلى زيادة الادخار، فربما يقود ذلك إلى تراجع الطلب العالمي. كما تعني زيادة 10% في أسعار النفط، خفض 0,25% من النمو العالمي. وبالنمو العالمي حالياً بنحو 4,5%، يشير ذلك إلى أن على أسعار النفط تجاوز ذروة 2008 لما يقارب 150 دولارا للبرميل حتى يكفي ذلك لإعاقة التعافي العالمي. لكن مهما صغرت الزيادة، فإنها تعوق النمو وتعمل على رفع معدل التضخم. إدمان النفط وفي أميركا، يواجه “مجلس الاحتياطي الفيدرالي” خياراً أسهل نسبياً. وبسبب إدمانه على النفط وقلة الضرائب المفروضة عليه، يعتبر الاقتصاد الأميركي أكثر عرضة للضرر. ومع ذلك، فإن معدل التضخم منخفض جداً ويصيب الاقتصاد الكثير من الكساد. ويعطي ذلك “المجلس” الفرصة لتجاهل القفزة المفاجئة في سعر النفط. وفي أوروبا، حيث تزيد ضرائب النفط، يقل التأثير الناتج عن شحه. لكن ومع ذلك، لا يزال قلق ارتفاع أسعار النفط يساور مديري البنوك المركزية في أوروبا، وذلك منذ أن التخوف من اتخاذهم لإجراءات احترازية لا يزال مستبعداً، وأنه يجر الاقتصادات الأوروبية على ضعفها مرة أخرى لدائرة الركود. وفي المقابل، تكمن أكبر المخاطر في الدول الناشئة في عدم اتخاذها للإجراء اللازم. وسيعمل شح النفط على زيادة معدل التضخم لا سيما من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تشكل جزءاً كبيراً من إنفاق الناس في بلدان مثل الصين والبرازيل والهند. وعمدت البنوك المركزية إلى زيادة أسعار الفائدة بالرغم من بطئها في ذلك. كما أن أحوال القطاع النقدي ما زالت تسودها سياسة التسيير النقدي بالإضافة إلى ارتفاع التوقعات المتعلقة بالتضخم. ولسوء الحظ، حاولت العديد من الحكومات في الدول الناشئة الحد من التضخم وخفض وتيرة غضب الشارع العام من خلال دعم أسعار المواد الغذائية والوقود على حد سواء. ولم يعمل ذلك على قتل شعور المستهلك بارتفاع الأسعار فحسب، بل ربما يقود الحكومات المعنية إلى دفع ثمن باهظ. كما سيقود ذلك الهند إلى توسعة ميزانيتها الجديدة الطموحة. ويكمن الخطر الأكبر في الشرق الأوسط خاصة لتلك الدول التي تستورد النفط، حيث تعني زيادة الأسعار المزيد من تقديم عمليات الدعم للمواد الغذائية والوقود. وفي أسوأ حالاته يعتبر الخطر دائرياً بين شح النفط وعدم الثقة السياسية لتغذي كل منهما الأخرى. وحتى في حالة تفادي ذلك، فإن صورة مستقبل الاقتصاد العالمي على المدى القريب لا تزال مهزوزة وغير واضحة المعالم. لكن ربما يكون في مقدور بقية دول العالم في نهاية المطاف التعامل مع تعرضها للنفط ومع ما يدور من أحداث في منطقة الشرق الأوسط. وغيّرت الصدمات النفطية التي حدثت في سبعينيات القرن الماضي خريطة الاقتصاد العالمي، وربما تفعل صدمة 2011 الشيء ذاته، لكن بتكلفة أقل. نقلاً عن: “ذي إيكونوميست” ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©