الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيارة «كيم»... وكسر جليد العلاقة مع الصين

5 مايو 2010 22:29
عندما يقرر زعيم كوريا الشمالية كيم يونج إيل السفر خارج دولته فلابد أنه يحتاج إلى شيء ما، وفيما يتعلق بزيارته الحالية إلى الصين فإن قائمة الأشياء التي يحتاجها طويلة ولا تحصى. فهذا الديكتاتور الذي يبلغ 68 سنة من العمر يحتاج الآن إلى حليفه الوحيد المتبقي أكثر من أي وقت مضى، فهو يبحث عمن يحمي نظامه من العقوبات الدولية التي تترصده، ويسعى إلى موافقة بكين على تنصيب نجله الذي لم يتعدّ الثلاثين من العمر كخلف له، فضلا عن الأموال التي يحتاجها لدعم اقتصاده المتعثر. ولذا توجه "كيم إيل" إلى الصين، مفضلا سلوك الطريق البري بسبب خوفه المزمن من ركوب الطائرات حيث وصل إلى الصين يوم الإثنين الماضي بطريقة تليق بقائد شمولي، فقد استقل قطاراً مصفحاً ليعبر به في سرية تامة صحبة حاشيته نهر "يالو" الذي يفصل كوريا الشمالية عن الصين التي دخلها مساء من خلال مدينة "داندونج" الحدودية، ومنها توجه إلى مدينة "داليان" الساحلية حيث أقام في فندق "فاروما" الفخم. وخلافاً لزيارات باقي رؤساء الدول إلى الصين مثل ساركوزي، الذي حظيت زيارته مع زوجته بتغطية إعلامية واسعة فرضت بكين هذه المرة تعتيماً كاملاً على زيارة الزعيم الكوري الشمالي. ولكن من المستحيل حجب موكب مكون من 17 قاطرة ومعه مجموعة من السيارات الفارهة التي لحقت بالقطار، ناهيك عن لفت الأنظار الذي يحدثه إغلاق الطرق المحاذية لقطار الزعيم الكوري والإجراءات الأمنية الأخرى المشددة. وأكثر من ذلك أن الصحف في كوريا الجنوبية واليابان لم تضع فرصة زيارة "كيم" لتتسقط الأخبار وتتعقب مساره حتى دخوله الصين، إذ ما أن وصل إلى بكين حتى ترصدته الأعين والأقلام، بحيث يعتقد أنه التقى بالرئيس الصيني، "هو جينتاو"، ورئيس الوزراء، "وين جيابو"، فضلا عن مجموعة أخرى من المسؤولين الصينيين. يُذكر أن "كيم" زار الصين أربع مرات منذ عام 2000 لكنه توقف عن ذلك منذ عام 2006 قبل أشهر من إجراء كوريا الشمالية لتجربتها النووية الأولى. واليوم يجد نفسه مضطراً لاستئناف سلسلة زياراته لحاجته الماسة للدعم المالي من الصين، وأهم من ذلك نفوذها على الساحة الدولية، وخاصة في مجلس الأمن الدولي لتفادي فرض المزيد من العقوبات على اقتصاده الذي يعاني من الضعف والركود. وهذا ما يؤكده "كيم كون- سيك"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "كوينجنام" بكوريا الجنوبية الذي يقول: "للحفاظ على القوة ومقاومة الضغوط الدولية تكتسي العلاقات مع الصين أهمية قصوى بالنسبة لكيم يونج إيل". ومن المرجح أيضاً أن يسعى الزعيم الكوري الشمالي إلى تأمين موافقة بكين على تنصيب نجله خلفاً له وإن كان من الصعب حصوله على الضوء الأخضر، هذا ولم يشر أي من التقارير إلى مرافقة الابن المرشح "كيم يونج أون" لوالده خلال هذه الرحلة. ويسعى الزعيم الكوري الشمالي إلى نقل السلطة إلى ابنه بعد اعتلال صحته وسريان الأخبار حول إصابته بالسكر وربما السرطان. وعن هذا الموضوع يقول "سكوت سيندر"، الخبير في شؤون كوريا الشمالية: "إن الانطباع الذي يخرج به المراقب لشؤون كوريا الشمالية هو بحث القيادة عمن يخلف الزعيم، لكن الأمر ينطوي على حساسية كبيرة بالنسبة للصين فهي تفضل الانتظار والتريث حتى يظهر قائد محتمل ثم تقرر طريقة التعامل معه". ويرجع تاريخ العلاقات المميزة بين الصين وكوريا الشمالية إلى الزعيم "ماوتسي تونج" الذي وصف تلك العلاقة بأنها "أقرب من الشفتين إلى الأسنان"، ويطلق على الجسر الذي عبره "كيم يونج إيل" إلى الصين اسم "جسر الصداقة" في إحالة إلى عبور القوات الصينية في عام 1950 لنهر "يالو" لدعم القوات الشيوعية في حربها ضد الجيش الكوري الجنوبي الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة إبان الحرب الكورية. ولكن على رغم هذه العلاقة الخاصة بين البلدين بدأت بكين في الآونة الأخيرة تنزعج من تصرفات بيونج يانج بسبب تهديدها للاستقرار في المنطقة الذي تقوم عليه المصالح الصينية، فبالإضافة إلى برنامجها النووي يشتبه في ضلوع كوريا الشمالية في إغراق سفينة تابعة لكوريا الجنوبية في 26 مارس الماضي وهي العملية التي أسفرت عن مقتل 46 بحاراً. ويعتقد العديد من المراقبين أن زيارة "كيم" الحالية كانت في الأصل مبرمجة مطلع شهر أبريل الماضي، لكنها تأجلت بسبب حادثة إغراق السفينة التابعة لكوريا الجنوبية وعدم رغبة الصين في الظهور وكأنها تدعم تصرفات حليفتها. وفي مسعى لحشد التأييد الصيني لإنزال عقوبات بكوريا الشمالية لتورطها في إغراق السفينة زار الرئيس الكوري الجنوبي "لي ميونج-باك" الصين خلال الأسبوع الماضي والتقى بنظيره الصيني محاولا إقناعه بضرورة الضغط على بيونج يانج والانضمام إلى الجهود الدولية الرامية إلى فرض عقوبات على النظام. ومن المتوقع أن تضغط الصين، التي توسطت في مرات عديدة لتسوية القضايا العالقة بين كوريا الشمالية والمجتمع الدولي، على "كيم" للعودة إلى المفاوضات السداسية المتوقفة وتفكيك برنامجه النووي. بابارا ديميك وجون جليونا - بكين وسيئول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©