السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحصرم الشامي» يروي تاريخ دمشق الحقيقي

«الحصرم الشامي» يروي تاريخ دمشق الحقيقي
12 أغسطس 2009 00:59
مع ازدياد الانتقادات الموجهة للمسلسلات التي تتناول البيئة الشامية العتيقة، من أنها تشوه تاريخ الشام، وتقدمه بأسلوب فولكلوري يجانب الحقيقة، وتروي حكايات متخيلة، معظمها لا يمت للواقع بصلة. يعزز مسلسل (الحصرم الشامي) من تأليف فؤاد حميرة وإخراج سيف الدين سبيعي حضوره كمشروع بديل، يعتمد على المراجع والوثائق، في تقديم تاريخ دمشق الحقيقي. حيث تجري حالياً عمليات تصوير الجزء الثالث من المسلسل في (بيت نظام) وعدد من البيوت الدمشقية العريقة، ليكون جاهزاً للعرض على شاشة رمضان. يتناول المسلسل في جزئه الجديد الأحداث التي جرت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، في مرحلة تاريخية مهمة وفاصلة من تاريخ دمشق، عندما دخل الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا إلى المدينة، مناهضاً للسلطنة العثمانية، ويقول الكاتب فؤاد حميرة: إن العمل يرصد محاولات إبراهيم باشا تنفيذ بعض الإصلاحات الفكرية والسياسية والاقتصادية في المدينة، التي لم تعرف القانون والسلطة خلال أكثر من ستمئة عام، وكادت هذه الإصلاحات أن تجد طريقها للتطبيق العملي، لولا أن إبراهيم باشا تسرع إلى حد ما، ولولا تدخل الدول الاستعمارية في ذلك الوقت للحيلولة دون ظهور دولة قوية في المنطقة. وقد اعتمد حميرة في توثيقه لأحداث الجزء الجديد من العمل على اثنين وأربعين مرجعاً عن تاريخ بلاد الشام، بالإضافة إلى مراجع عن فترة حكم محمد علي باشا وابنه إبراهيم. ولكن هل يجعل هذا التدقيق في الأحداث التاريخية من العمل واقعياً مئة بالمئة؟. يقول المخرج سبيعي: لا يمكن سرد الوقائع الاجتماعية كما جرت بالفعل، لأن الحقيقة موزعة بين الناس الذين لم يعودوا موجودين الآن. وبالتالي فإن أي عمل تاريخي ينشد الحقيقة، يلجأ إلى كتب التاريخ والوثائق التي تسرد الأحداث التاريخية، أما القصص الاجتماعية التي تجري بين الناس، فيمكن استنباطها، كأرضية للتفاصيل الممتلئة بالصراعات. فالمؤرخ عندما يكتب تاريخ مدينة ما، لا يذكر أدق التفاصيل، وإنما يكتفي بالملامح العامة، ونحن عندما نعتمد على هذه الملامح والحقائق التاريخية الثابتة، فإننا باعتقادي نقترب كثيراً من الحقيقة. بعكس الكثير من الأعمال التي تناولت البيئة الشامية في قوالب فولكلورية سياحية. يشارك في (الحصرم الشامي) عدد كبير من نجوم الدراما السورية، منهم: عباس النوري، فارس الحلو، فادي صبيح، حسن عويتي، ضحى الدبس، عدنان أبو الشامات، نضال سيجري، أيمن رضا، خالد تاجا، قيس الشيخ نجيب، نادين، نسرين الحكيم، لمى إبراهيم، ناهد حلبي، وتنتجه شبكة أوربت. الفنان عباس النوري يلعب في المسلسل شخصية السلطان الجوربجي الداراني، وهو أحد المرتزقة الذين جاءوا إلى دمشق، وعاثوا فيها فساداً، بدعوى حمايتها، وهو يتصف بالتسلط والاستبداد والظلم، لكنه يسقط عند تقدم إبراهيم باشا ودخل إلى المدينة. ويقول النوري عن مشاركته في هذا العمل: إن الحصرم الشامي يقدم قراءة حقيقية لتاريخ دمشق، وأعده من المشاريع المهمة جداً في عملي الفني، لأنه محاولة جادة ومسؤولة، ومختلفة عن الأعمال التي قدمت الشام بطابع فولكلوري بحت. أما الفنانة نادين خوري فتلعب دور (أم برهان) إحدى زوجات السلطان الجوربجي، وتقول: تتسم أم برهان بقوة الشخصية والذكاء والجرأة وفي الوقت نفسه بالعطف والمحبة، فهي مثال للأم المتفانية، الحريصة على حماية أبنائها وتماسك أسرتها، رغم حالة الانكسار والانتكاسة التي تتعرض لها العائلة، وسيكون لها في هذا الجزء من العمل سلطة وحضور أكبر. وتلعب الفنانة لمى إبراهيم شخصية (كرجية) الزوجة الثانية للسلطان الجوربجي، والتي يخصها بمحبة كبيرة، فتكون بيت سره والمدللة عنده. لكنه يقرر فجأة قتلها، بعد أن تكتشف سره، فيخنقها، وفي القبر يكتشف الناس أنها ماتزال حية، فينقذونها، وتعود إلى منزلها من جديد!. لتقوم بتربية أبناء ضرتها، ولاسيما بعد وفاة معظم أهل البيت. ويتابع الفنان فارس الحلو تجسيده لشخصية (الماوردي) قبضاي الحارة الشامية العتيقة، الذي يحصل على حقوقه بقبضة يده، وخصوصاً أنه يتمتع بقوة بدنية كبيرة، ويمثل الشخصية الشعبية المسحوقة والمتمردة على الواقع، حيث يحاول أن يبحث عن موطئ قدم له في هذا المجتمع الممزق. ويلعب الفنان أيمن رضا دور (الزمك) الكركوزاتي، الذي يؤلف الأغاني والحكايات، وهي شخصية تنطق بلسان حال الفقراء والمسحوقين، لكنه ونتيجة لظروف معينة، وحظ جيد، يتحول إلى آغا، فينتقل من صفوف الناس البسطاء إلى موقع الحكم، فيغيره الكرسي وتنقلب أفكاره، ويبدأ بإذلال الآخرين. أما الفنان نضال سيجري فيؤدي في هذا العمل شخصيتين مختلفتين، فهو يجسد شخصية (برهان) ابن السلطان، المصاب بالعته المنغولي، والذي يهرب إلى البادية، وهناك يتعرض للقتل على يد شخص شبيه له من البدو، اسمه منيع، حيث يدعي الأخير أنه ابن السلطان، طمعاً في الثروة، ويتمكن بدهائه من إقناع الجميع بأنه برهان، ولاسيما أنه يقلد حركاته وطريقته في الكلام بدقة. لكن المفارقة أنه يقع في غرام ابنة السلطان (فوزية)، ويكشف لها أنه ليس شقيقها، فتهرب معه، وهنا تحدث فضيحة كبيرة. وتلعب شخصية (فوزية) الفنانة نسرين الحكيم، وتقول: فوزية عانت كثيراً من تجاوزها لسن الزواج، دون أن يلتفت أحد من العائلة إلى مشكلتها، وهذا الإهمال يولد رغبة بالانعتاق والتمرد، عبرت عن نفسها بالهروب مع منيع. في حين يلعب الفنان فادي صبيح شخصية موسى الآغا، الساعد الأيمن للسلطان الداراني، وهو سياسي محنك، يتصف بالخبث والدهاء، ويسعى لخدمة مصالحه الخاصة على حساب الآخرين، ولاسيما الطبقة الفقيرة والمسحوقة. رغم أنه يسعى لتقديم تاريخ دمشق الحقيقي، فإن الكثيرين وجهوا لمسلسل (الحصرم الشامي) اتهامات، بأنه يقدم صورة مأساوية عن تاريخ دمشق في فترة صعبة جداً، فالحقيقة التي ينشدها هذا العمل ـ حسب صناعه ـ قاسية وموجعة وصادمة، ويرى البعض أنه يغفل بعض الوجوه الإيجابية من الحياة الدمشقية، ومع ذلك فإن المسلسل حصد متابعة متميزة، في جزءيه الأول والثاني. ويستمر الحصرم الشامي في أجزاء قادمة ليرصد في الجزء الرابع مرحلة ما بعد حكم إبراهيم باشا بخمسين عاماً ويصل في توثيقه لتاريخ المدينة إلى بدايات تشكيل حكومة الاستقلال.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©