الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حماس ··· حصاد عام في المدينة المعزولة

حماس ··· حصاد عام في المدينة المعزولة
16 يونيو 2008 02:09
أصبح'' سب الذات الإلهية'' -وهو من الأشياء المعتادة في قطاع غزة- تهمة يمكن أن تزُج بمرتكبها إلى السجن، ينطبق هذا أيضا على التقبيل علنا، وعلى الكثير من الأمور الأخرى، منها مثلا فوائد البنوك، كما يتبين من الحكم الذي أصدره قاض الأسبوع الماضي يحرم فيه على بنك تحصيل فوائد على قرض مدته عشر سنوات، لأن الإسلام يحرم ذلك· منذ عام قام مسلحون من ''حماس'' وهي جماعة إسلامية مناهضة لإسرائيل بالسيطرة على غزة بعد معارك دموية من منظمة فتح العلمانية، وعقب سيطرة حماس على القطاع، فرضت إسرائيل، ومعها الغرب حصارا على القطاع، آملين في الضغط على قادة حماس، وإجبارهم على التخلي عن السلطة، بيد أن ما حدث كان هو العكس من ذلك حيث استطاعت ''حماس'' على مدى هذا العام، من بسط سيطرتها على كافة مناحي الحياة في القطاع، بما في ذلك السلطة القضائية· لقد كانت غزة دائما فقيرة، وورعة، ومنفصلة عن الضفة الغربية الأكثر ثراء وعلمانية، ولكنها وبعد مرور عام على حكم حماس أصبحت أكثر فقرا وورعا· وإذا ما قارنا مظاهر الحياة في غزة اليوم بما كانت عليه منذ عام، فسنجد أن عدد النساء اللائي يرتدين الحجاب قد ازداد، وكذلك عدد الرجال الملتحين، وأن مواقع الإنترنت أصبحت خاضعة للرقابة، والاجتماعات -خصوصا تلك التي تعقدها جماعات أو أفراد غير تابعين لحماس لم يعد مسموحا بها- إلى حد كبير، ونظرا لسياسة الإغلاقات الإسرائيلية، التي أدت إلى هبوط كبير في كميات المواد الداخلة للقطاع من الوقود، وقطع الغيار، وغيرهما من البضائع الحيوية، فإن السلطات أصبحت تواجه مصاعب لا حصر لها في كافة المجالات، وهو ما جعل السكان يشعرون باليأس والعجز ووطأة الحصار· مع ذلك فإن التقييم الدقيق لدرجة السوء التي وصل إليها الوضع في القطاع، ومدى الغضب الذي يشعر به السكان هناك، ودرجة ولائهم لحماس، ومدى فعالية سياسة الإغلاق، أصبح أمرا حساسا ومشحونا بدلالات سياسية، كما تبين لنا بوضوح بعد ثلاثة أيام من نقل الأخبار من القطاع، وعشرات المقابلات التي أجريناها هناك، لقد تبين لنا أن هؤلاء الذين يرفضون هذه السياسة الإسرائيلية ويرونها دليلا على سوء نية ''تل أبيب''، وأنها قد أدت إلى تحويل غزة إلى صومال آخر ليسوا على صواب·· وأن مجرد سماح إسرائيل بدخول 70 شاحنة محملة يوميا بالمواد المختلفة، هو الذي أنقذ غزة من المعاناة، ليسوا على صواب أيضا· فالكثير من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين يقولون إن سياسة الإغلاقات -وإن كانت قد شكلت ضغطا على حماس- إلا أنها لم تصل لحد تعريضها للخطر، أحد هؤلاء المسؤولين يقول: ''إن ما حدث في غزة منذ عام لم يكن انقلابا'' وقال آخر: ''إن سيطرة حماس على مقاليد الأمور كان عملية طبيعية فحماس كانت قوية للغاية ولها جذور راسخة في غزة من خلال الخدمات التي كانت تقدمها لأهلها في مجالات التعليم والاقتصاد والثقافة والعناية الصحية، على العكس من فتح التي كانت ضعيفة للغاية وفاسدة للغاية''· قبل استيــــلاء حماس على غزة، كـــان الصراع محتدمـــاً بينهـــا وبين فتح ما كـــان يؤدي إلى سيادة حالــــة من الانفلات الأمني، أمــــا الآن وبعد سيطرة حماس فإن الكثيرين ومنهم من يكره حماس يقولون إن الأحوال الأمنية أفضل الآن عما كانت عليه منذ عام مضى، وعلى الرغم من أن البعض يجادل في حقيقــــة أن حمـــاس قـــد غيرت غزة بالفعـــل، فـــإن الســـؤال الأصعــــب والأكثر تعقيــــدا هـــــو ما إذا كــــان حكـــم غزة لمدة عــــام قد غير حمــــاس؟ الكثيرون يقولون إن حماس قد أصبحت أقل عقائديــــة مما كانـــــت عليه عند تأسيسها، أو حتى عما كانـــــت عليه منذ عام واحد فقط، وأنه في حين يقول المتحدثون الرسميون باسم حماس إنها لن تعترف أبدا بإسرائيل، فإن زعماءهـــا يقولون إنه إذا ما عادت إسرائيل إلى حدود 1967 ومنحت الفلسطينيين دولــــة تشمــــل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وتعاملت مع حق اللاجئين في العودة فإنها ستكـــون على استعداد لإعلان هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وهو كلام لا يبعد كثيرا عما يقوله العالم العربي، أو حتى عمــــا تقوله منظمــــة فتح، أو عن الموقف الذي تتخذه تلك السلطة في مفاوضاتها مــع إسرائيل· يقول ''سيد أبو مسامح'' -أحد مؤسسي حماس، وعضو في البرلمان الفلسطيني-: ''نحن لا نريد كل فلسطين، فقط العودة لحدود ،67 وبعد ذلك سيكون بيننا هدنة طويلة تمهد الطريق للجيل الثاني من العرب واليهود لحل المشكلات التي عجزنا عن حلها'' وأضاف أبو مسامح إن إطلاق الصواريخ الفلسطينية على المدن الإسرائيلية خطأ، وإن ارتباطات جماعة حماس مع إيران كان دافعها الحاجة وليس الرغبة، ويقول الأميركيون الذين التقوا ''خالد مشعل'' رئيس المكتب السياسي لحماس ومن بينهم الرئيس الأسبق ''جيمي كارتر'': إن هناك تغيرا ملحوظا آخذاً في التبلور في موقف حماس في الوقت الراهن، وخصوصا فيما يتعلق باستعداد الجماعة، للعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل· أما المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون الذين يتعاملون مع سيطرة حماس على غزة بواقعية، فيقللون من أهميـــــة فكرة أن حماس قد تغيرت على نحو جوهري، وهؤلاء المسؤولون ينظرون إلى الهدنة المقترحة من جانــــب فتح على أنها حركــــة تكتيكيــــة وليســــت سياسة استراتيجيــــة، والدليل على ذلك هو تلــــك التصريحـــات النارية التي يطلقهــــا قادة حماس، واللهجة التي تتبناها وسائل إعلامها ضد إسرائيل، والصواريخ وقذائف الهاون التي يمطرون مدنهــــا الجنوبية، وذلك في نظرهم يعني أن غزة سوف تستمر كما هي حاليا لفترة من الوقــــت، أي مدينة معزولة، وملوثة، وتعيسة، ومليئة بطوابير المنتظرين للمـــواد الغذائية- ولكن ليس بالمتفجرات· إيتان برونار -غزة ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©