الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نورا ترفض تسلط الزوج

16 يونيو 2008 02:14
قدمت فرقة''القصبة'' المسرحية الفلسطينية مؤخراً في الجزائر عرضاً مسرحياً بعنوان''نورا'' بقاعة ''الموقار'' بالعاصمة الجزائرية، التي انتقل إليها عشراتُ الجزائريين لمتابعة العرض لاعتقادهم أنه سيتطرق إلى بعض قضايا الشعب الفلسطيني ويومياته المعيشية تحت نيران الاحتلال، إلا أنهم فوجئوا بعرضٍ مقتبس من نصٍّ مسرحي للكاتب النرويجي هينريك إيسن بعنوان''بيت الدمية''· وكان هذا النص قد جلب متاعب جمة لإيسن حينما جُسِّد على الخشبة في عام 1879 حيث اشتد الجدل حول المسرحية وثار النقاد على صاحبها الذي قدم لهم في شخص''نورا''زوجة تكافح في سبيل حريتها ومساواتها بالرجل، وتتورط في استدانة الأموال دون علم زوجها بهدف المشاركة في أعباء الحياة الزوجية وعدم ترك الإنفاق حكراً على الزوج، وحينما يكتشف المسألة ويثور عليها، ترد عليه بثورة مضادة وتقرر مغادرة بيت الزوجية الذي لاحظتْ أنه تحول إلى مجرد''بيت للدمية''حيث أصبحت أحد ''أملاك''زوجها، ومن ثمة''الاستقلال'' بنفسها وحياتها· وبرغم أن المخرجين العالميين الذين اقتبسوا نص إيسن قد قاموا بتعديله بحيث تعود'' نورا'' إلى بيتها لرعاية زوجها وأولادها، وهذا بغية إرضاء الجمهور الغاضب في القرن التاسع عشر والذي لم يكن مهيئاً لتقبل هكذا أفكار تحررية، إلا أن المخرج الفلسطيني جورج إبراهيم رفض هذه المُداراة وفضَّل الإبقاء على النهاية الأصلية كما كتبها هنريك إيسن، باعتبار أن ما حدث في عام 1789 من سيطرة مطلقة للرجل على المرأة في ذلك الوقت، لا يزال يحدث في معظم الدول العربية من حيث بقاء صراع الوجود والأفضلية وقمع النساء عوض قيام علاقة أساسها الحب والتكامل والتوازن· وعن أهداف اقتباس هذه المسرحية وتقديمها للجمهور العربي دون تعديل، يقول المخرج جورج إبراهيم لـ''الاتحاد'' إنه يريد ''تقديم درس واحد بسيط وهو أنه لا يمكن أن يستمر الرجل في السيطرة على المرأة إلى الأبد؛ فهي إنسان قائم بذاته له احتياجات ومميزات مثل الرجل، ولا يمكن استمرار سيطرة الرجل بحكم تكوينه الجسدي فقط وقدرته المالية وإبقاء المرأة مجرد ديكور في بيته''· وتميز العرضُ بالأداء الجيِّد للفنانة''بيتينا الزبيدي'' التي تألقت في دور نورا وأدته باحترافية عالية وأحسنت الذوبان في الشخصية المسندة إليها وتجسيدها، أما أداء باقي الفنانين فكان متبايناً، كما عبَّرت السينوغرافيا عن البيئة الأوروبية في القرن التاسع عشر، وبخاصة ما تعلق بالملابس الكلاسيكية· الجمهور خرج راضياً عن الأداء، إلا أنه أبدى تحفظه من هذه النهاية التي رآها غير متوافقة مع الواقع العربي المُحافظ، وتمنَّى لو قام المخرج بتعديلها لتتلاءم مع هذا الواقع عبر طرح فكرة وسطية بديلة لفكرة''استقلالية'' المرأة العربية على الطريقة الأوروبية بذريعة الثورة على القمع الذكوري، والتي لا يمكن أن تلقى القبول في مجتمعاتنا المُحافظة·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©