الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعدد الزوجات.. «فرقعة درامية» أم ظاهرة اجتماعية تبحث عن حلول؟

تعدد الزوجات.. «فرقعة درامية» أم ظاهرة اجتماعية تبحث عن حلول؟
24 مارس 2014 21:32
لم يكن أحد يتخيل أن تسيطر ظاهرة تعدد الزوجات على عدد كبير من المسلسلات، فبعد النجاح الذي حققه الفنان نور الشريف في مسلسل «الحاج متولي» والذي ناقش فيه قضية تعدد الزوجات وأحدث وقتها هذا العمل ضجة كبيرة، أخذت الظاهرة في التنامي درامياً، وظهر أيضا في العام الماضي مسلسل «الزوجة الرابعة» للفنان مصطفى شعبان، وتناول ذات الفكرة.. والسؤال هل أثرت بشكل سلبي على الواقع؟ سعاد محفوظ (القاهرة) - بعض المنظمات النسائية في مصر طالبت بمقاطعة الدراما التي يتبنى مؤلفوها مبدأ تعدد الزوجات في المعالجة الدرامية، وإظهار التعدد في صورة محببة لترغيب الرجال في الزواج بأكثر من امرأة.. إن صناع الدراما التلفزيونية يصرون على تقديم تعدد الزوجات دون مبرر، وهو ما يؤثر بالسلب على فكر الأزواج، ويؤدي إلى خلل في الأسرة، ويبشر بكارثة سيكون ضحيتها الأطفال. وكانت المنظمات النسائية قد نظمت حملة ضد قانون الأحوال الشخصية، وطالبت الحكومة بتقييد حق الرجل في التعدد، وأن يكون مرهونا بإذن القاضي، بحيث يكون على من يرغب في التعدد التوجه للمحكمة ليطلب منها ذلك للتأكد من قدرته المالية والصحية، ولا تأذن المحكمة له إلا بعد أن تقتنع بأسباب رغبتـه في الزواج بالثانية. إنكار حقوق المرأة وترى د. ليلى عبد المجيد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن انتشار تعدد الزوجات في الدراما التلفزيونية تكمن خطورته في أن من يقدمه نجوم كبار لهم معجبون من كافة طبقات المجتمع ويتأثرون بهم، وبالأفكار التي يطرحونها، كما أن الدراما تلعب دوراً كبيراً في ثقافة المجتمع. وأضافت: «أن تعدد الزوجات ظاهرة غير موجودة في المجتمع، ويندر وجودها إلا في الأحياء الشعبية، ويكون الغرض منها إنجاب عدد كبير من الأبناء بغرض الاستفادة من عملهم، ولذلك فهو نموذج مرفوض تقديمه في الدراما التلفزيونية. أما د. هبة جمال الدين أستاذ الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، فقالت: قمت بعمل دراسة عن المسلسلات الرمضانية العام قبل الماضي وفوجئت بكم كبير من المسلسلات يدعم فكر إنكار حقوق المرأة، ويؤكد العنف ضدها ويركز على ضرورة أن يأخذ الرجل كل حقوقه دون الاعتراف بوجود امرأة كافحت معه. من جانبها، قالت د. إيمان شريف أستاذ علم النفس الجنائي، إن الدراما أصبحت تمثل آلة حقيقية لتوجيه الرأي العام، نظراً لقدرة هذه المسلسلات على جذب المشاهد من خلال شخصية البطل أو الإنتاج الباهر للمسلسل، وانتشار ظاهرة تعدد الزوجات والزواج العرفي ومشاهد الجنس والإثارة وشرب الكحول والدخان والقتل دون اكتراث في المسلسلات مؤشر خطير، وكأنها مؤامرة لدعم هذه الأفكار من خلال الفكر التجاري دون الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية. فكرة خاطئة وترى د. هبة العيسوي أستاذة الطب النفسي جامعة عين شمس، أن هذه المسلسلات تطرح الفكرة الخاطئة بأسلوب مشوق، وبالتالي تؤثر على المجتمع وتجعل فكرة التعدد مقبولة اجتماعياً ومعها يتغير تفكير الرجل الذي يتعدد زواجه في الخفاء دون معرفة أحد، لأنه رآه شيئاً عادياً رغم عدم قبوله شرعاً. فتأثير هذه المسلسلات لم ينحصر فقط على انتشار ظاهرة التعدد بل تطرقت لتؤثر على الشباب، لأنها تعطي صورة بعدم الاكتفاء بمعنى أن الرجل الذي يكتفي بزوجة واحدة أو المخلص لزوجته يشعر بنقص في رجولته لأنه يرى أن التعدد له متعة ولذة خاصة، كما أن الرجل الذي يشعر بسعادة مع زوجته دائماً ما يوجد بمخزونه الفكري أنه تنقصه لذة، ولكن في الحقيقة أن هذه اللذة لا توجد إلا في الخيال أو في المسلسلات، وهذا ما تفعله المسلسلات بالضبط مع الشباب فيشعر بأن هناك جزءاً من سعادته مفقود لا يتحقق إلا بالتعددية. وأضافت: نسبة التعدد زادت عن السنوات السابقة فكانت من قبل تقتصر على الأوساط المتوسطة أو تحت المتوسطة، أما الآن فأصبحت هناك طبقات كثيرة جداً تتجه إلى ذلك دون سبب واضح. تؤثر على المجتمع ويختلف معها د. سعيد عبد العظيم، أستاذ الطب النفسي جامعة القاهرة، ويرى أن هذه المسلسلات لم تؤثر على المجتمع إطلاقاً فهي وسيلة للترفيه وإبعاد الناس عن المشاكل التي تواجههم في حياتهم، والفئة التي تتأثر بها قليلة جداً وهم الذين يمتلكون المال ولكنهم لا يمتلكون الثقافة والوعي، فالتعدد مشكلة لا يعاني منها أغلبية المجتمع ولكن المشكلة الحقيقية التي يعاني منها هي العنوسة، فنجد أن نسبة البنات العانسات وصلت إلى 70% والشباب إلى 90% نتيجة انتشار البطالة وانخفاض الرواتب، وأضاف: نسبة التعدد في السنوات الأخيرة لم تزد، لأن المستوى الاقتصادي ضعيف جداً والتعدد في الأساس قائم على المال والذين يمتلكون الأموال في مجتمعنا هم نسبة قليلة. بينما يرى الكاتب مجدي صابر، أن تعدد الزوجات أمر واقعي لا يمكن أن ننكره، لكنه ليس بهذه الصورة التي تجسدها الأعمال الدرامية، ففي مجتمعاتنا لا يحدث هذا كثيراً، ولا يعقل أن يكون في مصر مثل عائلة الحاج متولي ولا مثل زوجاته، فجميعنا نعرف أن المرأة المصرية تغار ولا تقبل أن يشاركها أحد في زوجها مهما كان، وأنها تفضل الطلاق على الضرة، فمثل هذه المسلسلات لا تجسد الواقع. زوايا مختلفة وتقول الكاتبة سماح الحريري، مؤلفة مسلسل «القاصرات»، الذي تناول نفس الظاهرة، مع اختلاف في الرؤية: تناولت في «القاصرات» قضية تعدد الزوجات لكن من عدة زوايا مختلفة معظمها حقائق بالفعل موجودة في المجتمع، ولكن كان تركيزي أكثر في الدراما على الضغوط النفسية التي تتعرض لها القاصر حين تتزوج وهي في سن مبكرة، ومن نفس هذه النوعية من البنات الصغيرات تتعدد الزوجات لبطل العمل. وقد قدمت في المسلسل نماذج مختلفة من المشاكل التي تقابل تعدد الزوجات وخاصة في المجتمع القروي. وأضافت الحريري: في رأيي أن سبب هذه الظاهرة في مجتمعنا هو ارتفاع نسبة الأمية، وقلة الوعي والاضطهاد الذي مازالت تعاني منه المرأة سواء كانت طفلة أو فتاة أو امرأة ناضجة.. وقد اخترت الدراما وسيلة لتوصيل الفكرة والوعي بها لأن الدراما تدخل كل بيت. ليست ظاهرة جديدة يرى الناقد طارق الشناوي أن تعدد الزوجات ليس ظاهرة جديدة على الدراما المصرية، فقد بدأت مع مسلسل «عائلة الحاج متولي»، منذ أكثر من عشر سنوات وحققت نجاحاً كبيراً، رغم تحفظات الكثير على طريقة المعالجة دراميا ومبالغتها وبعدها عن الواقع المعاش. وكان من الطبيعي أن أي عمل درامي ينجح يكون له توابع اجتماعية لدى جمهور المشاهدين، وليس معنى نجاحها دراميا أن تكرارها واستنساخها سينجح في أعمال درامية أخرى. ولا يعني أيضاً أن تجربة تعدد الزوجات تجربة مثالية وناجحة. ويضيف الشناوي: في اعتقادي أن بعض كتاب الدراما يريدون إحداث ضجة وفرقعة إعلامية حول عمل يقدمونه يعتمد على فكرة تعدد الزوجات.. لكن هذا لم يحدث مع أي مسلسل بعد «عائلة الحاج متولي». ولا يعني أيضاً أن إغراء الفـكرة بالنســبة للمؤلـف ووجـود بطل تـدور في فلكه عدد من الممثلات تتنوع أدوراهن وتتشعب الأحداث، نجاح هذه التركيبة. فأصبح الكثير من الجمهور ينظرون إليها باستخفاف وسخرية. قضية القاصرات يقول صلاح السعدني إن مسلسل «القاصرات» ليس بعيداً عن الواقع، كما يعتقد البعض، بسبب قسوته، لأن هناك انتشاراً لظاهرة الزواج من قاصرات بالفعل في المجتمع المصري، وهناك آباء يوافقون على هذا الزواج حتى يتخلصوا من عبء بناتهم، مؤكداً أنه تابع عن قرب أكثر من حالة، وأنه سعيد بطرح المشكلة التي أصبحت مؤرقة للكثيرين، مشيراً إلى أن المسلسل يدق ناقوس خطر لمحاولة التنبيه لأنها ظاهرة سيئة وتوابعها خطيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©