الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نحو سياسة أميركية جديدة تجاه السودان

نحو سياسة أميركية جديدة تجاه السودان
12 أغسطس 2009 01:29
بعد سنوات من الغضب العالمي العارم حول المعاناة التي يتعرض لها سكان إقليم دارفور السوداني، تنوي إدارة أوباما عما قريب تدشين سياسة جديدة، تقوم بموجبها بتخفيف بعض العقوبات التي فرضتها منذ وقت طويل على الحكومة السودانية بسبب تورطها في أعمال قتل واسعة النطاق، وتشريد، لأبناء القبائل الأفريقية. وعلى الرغم من أن مسؤولي البيت الأبيض يقولون إن هناك شروطاً يجب استيفاؤها قبل رفع العقوبات، وإن السودان يمكن أن يتعرض لعقوبات أكثر صرامة إذا ما تصرف زعماؤه بسوء نية، فإن «جيه. سكوت جريشن» المبعوث الأميركي الذي انتقاه أوباما خصيصاً للعمل في ذلك البلد، قال في مقابلة أُجريت معه قبل بضعة أيام: إن الحكومة السودانية التي طردت منظمات الإغاثة الإنسانية هذا العام بعد الاتهامات التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية للرئيس البشير بارتكاب جرائم في دارفور، قد أبدت استعداداً للعمل في اتجاه تحقيق الاستقرار في ذلك الإقليم لتمكين تلك المنظمات من توصيل المساعدات لسكانه. وقال «جريشن»: «نحن نرى أن هناك استعداداً للتعاون، وموقفاً ينم عن الرغبة في تقديم يد المساعدة». وعلى الرغم من اعتراف المبعوث الأميركي بأن رفع العقوبات يمكن أن يعزز موقف الحكومة السودانية، فإنه أكد مع ذلك أن السياسة الجديدة سوف تطبق بحرص وتبصر. وهذا التوجه الجديد أثار سجالًا حاداً بين مستشاري أوباما، كما كان سبباً في امتعاض بعض من أقوى مؤيديه، الذين توقعوا من الرئيس سياسة أكثر صرامة نحو حكومة سبق له هو نفسه انتقادها ووصفها بأنها حكومة غير جديرة بقيادة شعبها أثناء حملته الانتخابية العام الماضي. وكانت إدارة كلينتون قد فرضت، منذ 12 عاماً، عقوبات واسعة النطاق على الخرطوم كرد فعل على قيام هذا النظام باستضافة إرهابيين مثل أسامة بن لادن في تسعينيات القرن الماضي وقمعه للمسيحيين وغيرهم من الإقليات، أثناء الحرب الأهلية التي دارت في جنوب هذا البلد. وشملت العقوبات التي فرضت في ذلك الوقت قطع المعونات الخارجية وكافة العلاقات التجارية مع الخرطوم تقريباً. لذلك، فإن طرح فكرة رفع العقوبات في الوقت الراهن - وهو شيء فكرت فيه إدارة بوش - يُعد أمراً مثيراً للجدل من الناحية السياسية. وكانت دارفور على مدار سنوات سبباً في إيجاد ائتلاف غير مألوف، ولكنه مرتفع الصوت مع ذلك، يتكون من نجوم هوليوود، وناشطي حقوق الإنسان، والأميركيين من أصل أفريقي، ورجال دين إنجيليين. وكمرشحان للرئاسة العام الماضي، تعهد باراك أوباما وهيلاري رودهام كلينتون باتخاذ موقف صارم ضد السودان. وكانت «سوزان رايس» السفيرة الأميركية الحالية لدى الأمم المتحدة، والتي عملت أيضاً كمستشارة لإدارة كلينتون وساعدت في حينها في صياغة العقوبات إلى فرض عقوبات أكثر صرامة ضد السودان، قد دعت لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الخرطوم؛ لأن المذابح في الإقليم لم تتوقف. ويرى أنصار فكرة اتباع نهج أكثر تعاونية في التعامل مع الخرطوم مثل «جريشن» أن الوفيات في دارفور قد تقلصت، وأن العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة تضر بالجهود الرامية لبناء الطرق وغيرها من المشاريع في جنوب السودان، التي يفترض الانتهاء منها بحلول عام 2011، سيشهد استفتاء لتقرير مصير تلك المنطقة. ومن الأدلة التي استشهد بها «جريشن» في معرض التدليل على موقف الخرطوم المتعاون الجديد ما أبدته الحكومة السودانية من استعداد لتخفيف موقفها تجاه عدد من منظمات الإغاثة الدولية التي أُجبرت على مغادرة البلاد، بعد اتهامها بالتجسس عقب إصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرة قبض على الرئيس السوداني في شهر مارس من العام الماضي. ومن غير المرجح إعلان سياسة البيت الأبيض الجديدة تجاه الخرطوم قبل عدة أسابيع، بيد أن المقابلات التي أُجريت مع بعض مسؤولي الإدارة، والشهادات التي قدموها في الكونجرس حول هذا الموضوع، يمكن أن تساهم في تقديم صورة تقريبية عن تلك السياسة. فهذه السياسة، بحسب هؤلاء المسؤولين، لن تتعارض مع الوعود التي قدمها الرئيس أوباما إبان حملته الانتخابية، بل ويمكن أن تؤدي إلى عقوبات أكثر صرامة إذا ما فشلت الخرطوم في الالتزام بالوعود التي ستقطعها على نفسها. وقال مسؤول أميركي إن الحوافز الأميركية سيتم تقديمها في إطار حزمة لإغراء نظام الخرطوم بإحلال السلام في دارفور، والالتزام بشروط اتفاقية السلام المبرمة عام 2005 بوساطة أميركية. وأضاف هذا المسؤول: «إن التوجه الجديد سيتوقف على الإجراءات الملموسة التي ستتخذها حكومة الخرطوم من أجل تحقيق الاستقرار في مختلف أرجاء السودان وإنهاء الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور». وقال مسؤولون في الإدارة: إن التعاطي مع حكومة الخرطوم يأتي في إطار السياسة الأوسع نطاقاً، التي أعلن عنها أوباما بالحديث مع الخصوم والأعداء، كما أنه يتفق أيضاً مع سياسته الأخرى الرامية إلى التواصل مع العالم الإسلامي. من جانبهم، أثنى المسؤولون السودانيون على التوجه الأميركي الجديد والجهود التي يقوم بها «جريشن» في هذا الشأن. فقد أدلى وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية السماني الوسيلة بتصريح قال فيه «إن المبعوث الأميركي يساعد على خلق مناخ صحي بدلاً من تسميمه، وهو ما سيقودنا إلى الجلوس والتباحث معاً». وأضاف الوزير السوداني قائلاً إن الحكومة السودانية في الماضي قد تضررت من المبعوثين الأميركيين الذين حاولوا اما فرض الإصلاحات فرضاً أو إدانة الحكومة ذاتها، ولكنه امتنع مع ذلك عن التطرق إلى الإجراءات التي تنوى الحكومة اتخاذها في غضون الأسابيع المقبلة في مقابل تحسين واشنطن علاقاتها معها. بيتر والستين - واشنطن إدموند سندرز - نيروبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©