الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحماية من الأسلحة.. إنقاذاً للأرواح

8 ابريل 2018 01:59
حادث مأساوي، متوقع بشكل مثير للغضب، هذه هي العبارات التي نستخدمها كي نعبر، المرة تلو الأخرى، عن حزننا بسبب خسائر ناتجة عن حادث جديد لإطلاق النار، وقع هذه المرة للأسف في مقر يوتيوب، وفي الوقت ذاته تقريباً الذي توقفت فيه الحملة من أجل سن قوانين لسلامة استخدام الأسلحة في واشنطن. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن تسعة من أصل 10 أميركيين، يحبذون الخطوات الأساسية للحماية من الأسلحة، مثل اتباع إجراءات للتدقيق عن الخلفية العامة للأشخاص، قبل شراء الأسلحة، على أن يستثنى من هذه الإجراءات الرئيس وأغلبية أعضاء الكونجرس. ما يحدث عادةً هو أن الخبراء يقدمون، بشأن موضوع الأسلحة، أفضل حججهم، في حين يتجاهلون حجج الأطراف الأخرى، لكنني سأحاول اليوم تجربة شيء جديد، والتفاعل مباشرة مع الحجج التي يقدمها المدافعون عن شراء وحيازة الأسلحة. قد يقول قائل: أنتم أيها الليبراليون تبالغون في الذعر بسبب البنادق، في حين أنكم لو نظرتم إلى الأرقام لوجدتم أن احتمال تعرض شخص للقتل بوساطة بندقية، أقل من احتمال تعرضه للقتل بسبب سيارة، ومع ذلك فإنكم لا تدعون إلى حظر السيارات! الرد على من يقول ذلك هو أن السيارات، هي في الواقع نموذج مثالي لمقاربتنا في حماية الصحة العامة، والتي يجب أن نطبقها أيضاً في مجال الأسلحة. فنحن لا نحظر السيارات، لكننا نعمل جاهدين من أجل التعامل مع منتج خطير وتنظيمه من أجل الحد من الضرر. والتنظيم يتم من خلال فرض أحزمة الأمان، والحقائب الهوائية، ووضع حدود عليا للسرعة، ووضع حواجز على الطرق السريعة، ومن خلال الحملات ضد القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية، وضد استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة. ونتيجة لهذه الإجراءات وغيرها، فإن معدل الوفيات بسبب السيارات لكل 100 مليون ميل، قد انخفض بنسبة 95 في المئة منذ عام 1921، كما تشير الإحصائيات. وفي هذه الحالة، اعتمدنا على الأدلة والإحصائيات للحد من عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات. فلماذا لا نتخذ من هذا نموذجاً نحتذيه في موضوع الأسلحة الشخصية؟ السبب الذي يحول دون ذلك، هو التعديل الثاني. فالدستور لا يحمي السيارات، لكنه يحمي حق المواطن الأميركي في حيازة الأسلحة. حسناً، لكن المحاكم وجدت أن التعديل الثاني لا يمنع التنظيم المعقول لحيازة الأسلحة. كما لا يوجد اعتراض دستوري على فرض إجراءات للتدقيق على الخلفية العامة للأشخاص الذين يتقدمون لشراء الأسلحة (تشير التقديرات إلى أن 22 في المئة من البنادق المباعة يتم شراؤها من قبل أشخاص لا يخضعون لأي نوع من التدقيق). لنتفق جميعاً على أنه يجب أن تكون هناك حدود، وأن نضع خطوطاً حمراء حيثما يكون هناك تهديد. فعندما يموت من الأميركيين بسبب السلاح منذ عام 1970 عدد (1.4 مليون شخص) يفوق ما خسرته أميركا في جميع الحروب (1.3 مليون شخص)، فلربما يستحق الأمر إعادة التفكير في المكان الذي يجب أن نضع فيه مثل هذا الخط. وقد يرد أحدهم بالقول: إنك تضخم أرقام ضحايا حوادث العنف باستخدام الأسلحة من خلال تضمين حالات الانتحار، ما يقرب من ثلثي الوفيات الناجمة استخدام الأسلحة هي في الحقيقة حوادث انتحار، والحقيقة هي أنه إذا ما أراد أحد أن يقتل نفسه، فسوف يجد طريقة ما لذلك، وإن الأمر لا يتعلق بالأسلحة فقط! لكن هذا ليس صحيحاً، في حقيقة الأمر، لأن الأمر يتعلق أولا وأخيراً بثقافة العنف لدينا. فالإسرائيليون والسويسريون مثلا، يمتلكون أعداداً كبيرة من الأسلحة النارية، لكن ليس لديهم مستويات العنف الناتج عن استخدام الأسلحة مثل ذلك الذي لدينا. نعم، هناك شيء ما. هذا الشيء هو أن أميركا لديها مشاكل اجتماعية أساسية، وأننا نحن بحاجة إلى معالجتها من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية أكثر ذكاءً، وإننا نضاعف من أعداد الضحايا عندما نجعل من السهل على الأشخاص المضطربين نفسياً، أن ينفجروا، باستخدام بنادق «آيه آر- 115»، بدلاً من مطاوي الجيب. وقد يقول آخر: أيها الليبراليون إنكم تبدون انزعاجاً مبالغاً فيه بشأن الأسلحة، وإذا ما كان لديكم حمام سباحة أو بانيو استحمام، فإنهما يكونان عادة أكثر خطورة على أطفالكم من الأسلحة، بدليل أن الإحصائيات أثبتت أن احتمال وفاة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 سنة، بسبب الغرق في حمام سباحة أو بانيو، هو أكثر من احتمال وفاتهم بسبب الأسلحة النارية. وطالما أن الأمر كذلك، فلماذا إذن كل هذه الحملة الشعواء ضد الأسلحة، وليس ضد المسابح والبانيوهات؟! أرقامكم صحيحة في جوهرها، لكن ذلك يرجع فقط لأن الأطفال الصغار يسبحون ويأخذون حمّامات بشكل روتيني، لكنهم لا يصادفون الأسلحة النارية بنفس الدرجة من الروتينية. لكن عليكم أن تنظروا إلى الصورة العامة، أي إلى السكان ككل: فبشكل عام، وكما تدل الإحصائيات، يتعرض 3600 أميركي كل عام للغرق، بينما يبلغ عدد من يموتون بسبب الأسلحة 36000 أميركي (نعم، بما في ذلك من ينتحرون بهذه الأسلحة). هذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا نتحدث أكثر عن ضرورة اتخاذ إجراءات سلامة فيما يتعلق بشراء وحيازة واستخدام السلاح، مقارنةً بحديثنا عن السلامة والأمان حول حمام السباحة. وعلاوة على ذلك، فإننا نعمل دائماً على جعل حمامات السباحة أكثر أماناً. فالسلطات القضائية في معظم الولايات تشترط ضرورة الحصول على تصريح لبناء حمام سباحة، وإحاطته بسياج لمنع دخول الأطفال إليه، وتركيب بوابات ذاتية الغلق له. فإذا كانت لدينا تصاريح ومتطلبات أمان لحمامات السباحة، فلماذا لا يكون لدينا نفس الشيء للحماية من الأسلحة؟ وما الخطأ في محاولتنا إنقاذ الأرواح؟ *كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©