الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هذه البرازيل ملعونة؟

15 يونيو 2016 18:55
أهي يد الشيطان التي رمت بمنتخب البرازيل في مشهد صادم خارج كوبا أميركا المحتفية بمئويتها، مقصياً من الدور الأول؟ أم هي اللعنة التي سكنت منتخب «السليساو» منذ مذبحة مونديال 2014 التي اقترنت بالسقوط المذل بسباعية في المربع الذهبي للمونديال أمام الماكينات الألمانية؟ أم هي الحقيقة المرة التي يصعب تصديقها، والتي تقول إن البرازيل لم تعد مركز الثقل في كوكب السحر الكروي؟ لم تغرني هذه النسخة من كوبا أميركا، لأتسمر وراء شاشة التلفزة لساعة متأخرة من الليل، إلا أنني قاومت النفس الأمارة بمقاطعة كوبا تشوقاً لبطولة أمم أوروبا بتقاليدها الكروية العتيقة والجميلة، وقررت أن أشاهد مباراة البرازيل والبيرو بطبيعتها اللاتينية الصرفة، مباراة كان الرهان فيها كبيراً، فالبرازيل المطمئنة على مصيرها كان يكفيها التعادل لتنتقل إلى الدور ربع النهائي متصدرة للمجموعة، أما منتخب البيرو فكان لزاماً عليه الفوز لطالما أن التعادل سيرمي به إلى الإقصاء متأثراً بضعف نسبته العامة من الأهداف قياساً مع منتخبي البرازيل والإكوادور. صدقاً لا أكثرت للذين اختزلوا مسببات هذا الخروج الكارثي من الدور الأول، والذي يحدث لأول مرة مع السيليساو منذ سنة 1987 في يد المهاجم البيروفي التي أوصلت الكرة لمرمى حارس منتخب البرازيل لتوثق هزيمة تاريخية موجبة للإقصاء، وأيضاً لن أنساق مع نيمار الذي ترك لأولمبياد ريو دي جانيرو، والذي قال إن من سيخرجون اليوم من مغاراتهم وجحورهم لقصف السيليساو، هم حمقى وملعونون، فما رأيته من منتخب البرازيل أحالني على ذات الصورة المخدوشة لمنتخب البرازيل في مونديال 2014، الذي مثل للبرازيليين ولعشاق الزمن الجميل وصمة عار، لا شيء تغير على الإطلاق، هناك شبه إبادة للإبداع. لم يكن منتخب البرازيل مع فيليبي سكولاري بهوية تكتيكية برازيلية خالصة، كانت هناك متغيرات تقول بأن البرازيل الباحثة عن استعادة سيادتها على الكرة العالمية من الماتادور الإسباني ومن المانشافت، استوردت بعض الأصباغ الأوروبية لتجميل الوجه وجعله متطابقاً مع البيئة الكروية الجديدة، وبدا الأمر أشبه ما يكون بمجازفة خطيرة، لأن ما سيحدث أن البرازيل طبعت تكوينها للاعبين بطابع أوروبي، فبات المبدعون والسحرة في بطولتها عملة نادرة. وبمجيء دونجا المثير للجدل برسومه التكتيكية الغارقة في الدفاعية، لم يتغير أي شيء، برغم أن المنتخب البرازيلي أظهر ردة فعل هي من طبع الكبرياء المجروح، إلا أن ذلك لم يصل إلى درجة القطع مع زمن الإسفاف الكروي، لتكون كوبا أميركا إعلاناً عن موت جديد لكرة برازيلية، أرادت حيناً أن تتجمل ففقدت بهاءها وأرادت حينا آخر أن تقلد الواقعية الأوروبية، فلا كانت واقعية ولا تذكرت رومانسيتها. لا أحد على الإطلاق يعارض أن تتعايش الكرة البرازيلية وتتفاعل مع المنظومات الحديثة المصممة في المختبرات الأوروبية، ولكن لا أحد يقبل أن تمسخ الكرة البرازيلية نفسها وتعدم السحر الذي من أجله عشقنا جميعا منتخب الذهب والعجب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©