الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيرينا.. حلم غير منتهٍ أو قصيدة تكتب نفسها

إيرينا.. حلم غير منتهٍ أو قصيدة تكتب نفسها
13 أغسطس 2009 02:25
يعنيني «البعـــد الثقافــــــــــي» في تصريـــــح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، حين قال «إن هذا لإنجاز كبير لدولة الإمارات العربية المتحدة، والاهم من ذلك فهو شهادة من المجتمع الدولي، على العلاقات الوثيقة التي بنيناها خلال الحملة» بعدما تم اختيار ابوظبي العاصمة مقرا للوكالة الدولة للطاقة المتجددة «ايرينا». لأن «أي قرار» أو «أي عمل» في حال نجاحه أو فشله، من الناحية المبدئية، يشير إلى «الرؤية الثقافية» لصاحب القرار، أو القيادة السياسية، بالتعريف المباشر والمتداول في أدبياتنا السياسية. بمعنى من المعاني، نحن مدعوون كمشهد ثقافي، بالفهم الشامل للثقافة بكونها المعارف والخبرات والبنى والمنظومات الأخلاقية، لإيضاح الخبرات الروحية التي تنتج عن احتضان صرح علمي مثل ايرينا. وعلى هذا المنوال أيضا، يمكن الحديث عن «البعد الثقافي» لـ «مشروع زايد للإسكان» لأنه سيوفر اطمئنانا للحاضر، وأملا بمستقبل منظور للمواطنين، الذين سيردون على الجميل بالأجمل، ما يعني بناء علاقة بالوطن قوامها الأخلاقي معادلة الحقوق والواجبات وفي سياق هذه النظرة السريعة لحالة واقعية مركبة، سوف نرى أثر «الخبرات الثقافية» على الوضع الشخصي للمواطن، والحالة العامة للدولة. حالة فريدة أما إذا اختص الموضوع بانجاز دبلوماسي ذي أهمية علمية، مثل احتضان مدينة «مصدر» المقر الرئيسي لـ «ايرينا» فإننا في الدولة، والإقليم، والوطن العربي، وحيث ما يمكن أن يصل اسم دولة الإمارات العربية المتحدة، سنكون أمام حالة جديدة أنجزتها مؤسسة دبلوماسية نشطة، يقودها وزير شاب، حوله مجموعة من الكفاءات الوطنية العلمية والثقافية. إن الملاحظات الوقتية والعابرة التي تبرزها السرعة في الظهور، والسرعة في الانكفاء حيال منجزات دبلوماسية ذات شأن، تقودنا إلى الإدراك المتجدد لخطورة «ثقافة الاستهلاك» التي تطبع مجتمعاتنا العربية. فهذه الثقافة لا يكفي القول إنها خاسرة، بل ينبغي وضع نقيضها وبديلها الصحيح في مجالاته الحيوية وهذا يعني من الناحية الثقافية، أن نبقى في حال «حلم غير منته» تماما كما كان وزير الخارجية والذين معه، قبيل الإعلان عن اختيار عاصمة الدولة الاتحادية مقرا للوكالة الدولية. هذا «الحلم غير المنتهي» هو الصياغة الشعرية للواقع المعاش والمحسوس والملموس وانه لمن حسن الطالع معرفة أن الدبلوماسية تشكل فضاء غير منتهي الحافات لحالة «الحلم غير المنتهي» حتى يمكن القول إن الدبلوماسية الناجحة، هي مثل القصيدة التي لا نشاز فيها أبدا، ولا حشو فيها على الإطلاق، مثلما هي معادل للكون في نظامه الفريد. لم يكن الإمبراطور نابليون بونابرت، على حق عندما قال «إن الدبلوماسية هي الشرطة بلباس رسمي» لأن هذه المقولة الإمبراطورية خارج الحلم المشروع لإنسان يحلم بعالم نبيل. وحتى الأديب الفرنسي ذو النزعة الإنسانية، فيكتور هوجو كان يعبر عن الفكرة الدبلوماسية كما فهمتها الطبقة السائدة في حينه عندما قال: «إن الدبلوماسيين يفضحون كل شيء، باستثناء مشاعرهم». تلك تعريفات غير دبلوماسية للحالة المعرفية والسلوكية المركبة التي نعبر عنها ثقافيا، بـ «الدبلوماسية» ولعلني في هذه الملاحظات السريعة أشير إلى احد الشعراء الفرنسيين الذي شغل مناصب دبلوماسية رفيعة، هو سان جون بيرس (1887- 1975) الحائز على جائزة نوبل للشعر، و(شاعر فرنسا في القرن العشرين). منصات تأملية لقد أتيح لي من خلال رفقتي لبعض الأدباء الإماراتيين والعرب، وما سمعته منهم بصدد سان جون بيرس، أن أتابع ما تيسر لي من حياته وإنتاجه الشعري، فوجدت أن تقلده لمنصب السكرتير العام لوزارة الخارجية الفرنسية وتنقلاته الخارجية، لم تكسر عزلته، لكنها قدمت له منصات واسعة لتأمل وضع الفرد الإنساني في القرن العشرين، فكان عمله الدبلوماسي مثل تميزه الشديد وإحساسه «بالرفعة والعلو» ومعالجة معضلات دبلوماسية كما يعالج قصائده التي تركت آثارها على أجيال من قراء الفرنسية ولغات أخرى. ولا بأس من ذكر الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا شاتوبريان، الذي انشغل بسحر الشرق، وزار بلدان المناطق الحارة، وكتب روايته الشهيرة «آخر ملوك بني سراج» التي خلدت الحب العذري، بين فتاة كاثوليكية وأمير عربي أندلسي، مع تأكيدنا على جموحا ته غير المنطقية، عندما كان يتناول الحروب الصليبية. وعلى صعيدنا العربي والإسلامي، يحتفظ التاريخ بسجل لعدد من المبعوثين المسلمين إلى بلدان أخرى، خصوصا أيام الخلافة العباسية، وفي هذا المجال يبرز أمامنا اسم الرحالة الجغرافي ابن فضلان الذي عرف أوروبا على أوروبا ذاتها، في كتابه الشهير «رحلة ابن فضلان». وانه لمن الممتع أن نتابع السير الشخصية لعدد من الشعراء والأدباء العرب في القرن العشرين الذين تسلموا وظائف دبلوماسية مثل الشاعر عمر أبو ريشة، والشاعر نزار قباني والشاعر عبدالوهاب البياتي حيث ترك الترحل والارتحال بين المدن والبلدان أثرا مرموقا على أشعارهم. هل سيأتي يوم، بعد عشر سنوات مثلا، نستعيد فيه تفصيلات فرحنا الوطني باحتضان مدينة مصدر للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «ايرينا»؟ إن ذلك ليس بعزيز على الله سبحانه وتعالى، لكن المؤكد أننا سنتناول الشهور والأسابيع والأيام والساعات واللحظات التي سبقت فوزنا وكأنها حلم غير منتهٍ أو قصيدة تكتب نفسها. عندما نتحدث عن إنجاز دبلوماسي ذي أهمية علمية، مثل احتضان مدينة «مصدر» المقر الرئيسي لـ «ايرينا» فإننا في الدولة، والإقليم، والوطن العربي، وحيث ما يمكن أن يصل اسم دولة الإمارات العربية المتحدة، سنكون أمام حالة جديدة أنجزتها مؤسسة دبلوماسية نشطة، يقودها وزير شاب، حوله مجموعة من الكفاءات الوطنية العلمية والثقافية الدبلوماسية تشكل فضاء غير منتهي الحافات لحالة «الحلم غير المنتهي» حتى يمكن القول إن الدبلوماسية الناجحة، هي مثل القصيدة التي لا نشاز فيها أبدا، ولا حشو فيها على الإطلاق، مثلما هي معادل للكون في نظامه الفريد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©