الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صور شعرية تجعل ما هو متناقض متجانساً

18 مارس 2011 23:07
أبوظبي (الاتحاد) - أقيمت مساء أمس الأول في إطار فعاليات معرض أبوظبي للكتاب أمسية للشاعر أحمد راشد ثاني قرأ خلالها من ديوان لم يصدر بعد بعنوان: “السلام عليك أيها البحر” قدمه خلالها الشاعر والمترجم كاظم جهاد. والحال أنه، من جهة، لا غموض في شعر أحمد راشد ثاني في القصائد التي قرأها في البداية لكنها في الوقت نفسه حمّالة أوجه وقابلة للتأويل، حيث تتوالى الصور واحدة فأخرى في مشهد متكامل ضمن تمظهر سردي يمنح الشعر منطقه الخاص به. تحديداً وأن في القصائد التي جرت قراءتها حياة مخوضة قام الشاعر بتجريدها إلى خطوطها الأولى، على نحو ما فعل الرسامين الانطباعيين الفرنسيين، بحيث بدا لأي من المستمعين أن هناك تقاطعاً بين تجربته الخاصة وتجربة الشخص السارد في القصيدة، إنما يتقاطعان في أفق القصيدة. أما ذلك الغموض الذي أخذت هيئة الالتماعات المتناثرة هنا وهناك أو حتى المشاهد الشعرية التي طالها التجريد تماما فقد منحت الشعر حالة فردية صميمية منحت الشاعر فرصة القول دون رقيب داخلي بل بحرية داخلية كبيرة، فقد امتلأت بالجرأة والتطاول على تواضعات اجتماعية لم تخل أحيانا من بعض السوداوية إنما غير المتشائمة. كذلك فإن مفردات كالبحر والحانة والنوارس والذاكرة والميناء والموت والسماء والموج المتلاطم والريح، قد تكوّن معجما قليل الكلمات في شعر أحمد راشد في “السلام عليك أيها البحر”، لكنها أشبه بالمفاتيح التي تمنح الشعر أفقا سرديا من نوع ما فتدور حولها الصور كأنها بؤرة قد تكون بؤرة حلمية أو بؤرة غياب أو انخطاف من نوع ما إنما ليس انخطافا بالمعنى الصوفي للكلمة، لكنها بؤرة تعذّب أكثر مما تريح وتحفّز أكثر مما تدعو إلى الاسترخاء والابتعاد عن القلق. أيضا، ثمة مزاج آخر في القراءة الشعرية، فالشاعر أحمد راشد ثاني لا يعرف ما يودّ اختياره من قصائد للقراءة أمام الجمهور فحسب، بل إن خبرته في القراءة، هو الذي يقرأ غالبا قصيدة نثر غير منبرية، منحته المعرفة بالوقت الذي ينبغي عليه أن يتمهل فيه أو يتوقف أو يلتقط أنفاسه ويستمر وكذلك متى يبطئ ومتى يسرع، رغم أنه في قراءته أول أمس كما لو أنه أراد أن يقرأ كل ما يودّ لجمهوره سماعه فقرأ أحيانا مخالفا ذلك المزاج الخاص في قراءته في بعض الأحيان. يبقى القول، إن الصور الشعرية في قصائد “سلام عليك أيها البحر” هي ابنة مخيلة غريبة تجعل مما هو متناقض متجانسا وربما يكون هذا من أهم مزايا شعرية أحمد راشد فهو دائم البحث عن المفارقة في الجمع بين هذه المتناقضات. إلا أنه قد لا يليق وصف شعره بالتمرد أو تقصّد الخروج على ما اتفقت عليه الناس بل إن أحمد راشد ثاني هو كما هو.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©