الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أردوغان .. هوس الزعامة!

15 مارس 2015 22:56
عندما زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس العاصمة التركية أنقرة في يناير الماضي، كان بانتظاره مشهد استثنائي، وليس فقط القصر الجديد المهيب لمضيفه. فعلى سلالم القصر العملاق الذي يتكون من 1150 غرفة، ويتفوق على الكرملين وقصر فرساي العملاق، حيّاه الرئيس رجب طيب أردوغان محوطاً بـ16 محارباً يرتدون ملابس من حقب تاريخية مختلفة، ويفترض أنهم يمثلون «الخلافات» التركية الـ16، التي تعود إلى أزمنة قديمة. وأثارت صور اللقاء السخرية على الإنترنت، حيث تساءل بعض المعلقين حول ما إذا كان الزعيمان يلعبان دور البطولة في نسخة خاصة من فيلم «ليلة في المتحف». ورغم ذلك، لم تكن تلك الملابس مزحة، وإنما أصبحت الآن جزءاً من ملابس حرس الشرف لأردوغان. ومثل القصر المهيب، تُبرز الشخصية الغريبة الأطوار، التي يجسدها الرئيس التركي على الساحة العالمية، إضافة إلى طموحاته المبالغ فيها. وكثيراً ما يستحضر في تصريحاته التراث الإمبراطوري لتركيا، خصوصاً الإمبراطورية العثمانية التي كانت تحكم شمال أفريقيا والشرق الأوسط ومساحة كبيرة من جنوب شرق أوروبا. وأعرب «أصلي أيدينتاسباس»، الكاتب المتخصص في الشؤون الخارجية، عن اعتقاده أن ذلك الاستقبال والأزياء المصاحبة له كانا رسالة قوية المقصود بها الجمهور المحلي، كما أنها تقول للزائرين: «إنكم تلتقون زعيم الأتراك». وأوضح «أيدينتاسباس» أن الحكومة التركية باتت مهووسة بهذا النوع من التفكير، متناسية بذلك فهم الواقع. بيد أن الزهو التركي المتزايد على الساحة العالمية في الوقت الراهن يتجاوز مجرد مظاهر الاحتفال، لا سيما أن أنقرة تتخذ مواقف حازمة في خضم سلسلة من الأزمات الإقليمية، كتأييدها القوي للتدخل في سوريا بغية إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد، وانتقاد النظام في مصر، الذي تقبله القوى الكبرى الأخرى، ولوم أوروبا بسبب ظاهرة الإسلاموفوبيا المزعومة. وما يثير القلق بدرجة أكبر هو النبرة القوية المعادية للغرب، حيث يصور أردوغان دولته على أنها المدافع عن المسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، وهو ما يهدد بجعل تركيا دولة معزولة عن الغرب والشرق على السواء. وقال أردوغان أمام حشد منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول، في نوفمبر الماضي: «إن الأجانب يحبون النفط والذهب والألماس والعمالة الرخيصة التي يتمتع بها العالم الإسلامي»، مضيفاً: «إنهم يزعمون بأنهم أصدقاؤنا، لكنهم يرغبون في موتنا، ويحبون مشاهدة أبنائنا يموتون، فإلى متى ينكرون هذه الحقيقة؟». وقد غيّر أردوغان، وحزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه، تركيا خلال فترة توليه السلطة منذ 12 عاماً، إذ أصبح مدافعاً عن الجموع المحافظة التي كانت تتعرض للتمييز في ظل الحكومات العلمانية السابقة. وأنهى الحزب السياسات الانعزالية للإدارات السابقة، فتقارب بصورة خاصة مع دول الشرق الأوسط.. تلك المنطقة المجاورة التي لطالما تجاهلتها تركيا. لكن في غضون الأعوام الخمسة الماضية، تحولت أنقرة من السعي إلى لعب دور الوسيط في الأزمات التي تشهدها المنطقة إلى دور المنافح عن المقموعين فيها. ودقت تصريحات أردوغان الرنانة، والتي تذكرنا بشكل كبير برؤساء مثل محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني السابق، أو الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز، أجراس الإنذار في الغرب، وزادت المخاوف من أن الدولة التركية ربما لم تعد حليفاً موثوقاً به. واعتبر «ميشيل ويرز»، الباحث لدى «مركز التقدم الأميركي» أن أنقرة لم يعد لديها أصدقاء حقيقيون الآن في واشنطن، واستشهد برفض تركيا المتواصل لفتح قاعدتها الجوية «إنجرليك» أمام قوات التحالف لاستخدامها في المعركة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق. وأكد أن هناك إحباطاً متزايداً بين مؤيدي تركيا بسبب عدم وفاء الحكومة بمسؤولياتها كحليف مقرب. ألكساندر كريستي ميلر - إسطنبول يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©