الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء الدين: أبناء الأرحام المؤجرة «أولاد حرام» .. واختلاط الأنساب غير مستبعد!

علماء الدين: أبناء الأرحام المؤجرة «أولاد حرام» .. واختلاط الأنساب غير مستبعد!
6 مايو 2010 20:12
مع تزايد أعداد المراكز الخاصة بالتخصيب وعمليات التلقيح الصناعي في كثير من البلاد العربية والإسلامية، تثار على الساحة العديد من القضايا الفقهية في هذا المجال خاصة تلك التي تتعلق بالحفاظ علي الأنساب وفي مقدمتها ما يسمى بـ”تأجير الأرحام”. وقد وافقت لجنة الصحة بالبرلمان المصري مؤخراً على اقتراح بمشروع قانون تنظيم عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب وحظر المتاجرة بالأرحام عن طريق الاستعانة بنطفة متبرع أو بويضة امرأة غير الزوجة واعتبار الطفل الذي يولد من خلال هذه العملية طفلاً غير شرعي. تحريم تأجير الأرحام ويهدف هذا القانون إلى منع الاتجار في النساء وحتى لا يتم استغلال الفقيرات في الحمل نيابة عن نساء أخريات، وحدد مشروع القانون عدداً من الشروط التي تجيز اللجوء إلى عمليات التلقيح الصناعي أو الإخصاب الخارجي في الأنابيب منها أن يثبت 3 أطباء متخصصين في أمراض النساء أن الزوجة لا يمكنها الحمل إلا بهذه الطريقة، وأن تكون العملية المزمع إجراؤها بين زوجين وأثناء قيام الحياة الزوجية، وأن يحصل الطبيب على موافقة كتابية من الزوجين، وأن الطفل الذي يولد من هذه العملية هو طفل شرعي. ومنذ عدة سنوات أثار إعلان على “الإنترنت” لسيدة مصرية تعلن فيه رغبتها في تأجير رحمها لمن تريد الإنجاب مقابل 2500 دولار ونفقة شهرية أثناء الحمل جدلاً فقهياً بين علماء الأزهر ودار الإفتاء المصرية، حيث أفتى بعض العلماء بجواز ذلك، في حين رفضه بشدة الدكتور علي جمعة مفتى مصر، وقال إن تأجير الأرحام محرم شرعاً وغير جائز في جميع الحالات؛ لأن مخاطره أكثر من منافعه، وهناك قاعدة شرعية تقول إن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وأن هذا الأمر يدخل الناس في دوامة الشك خاصة أن بعض الأطباء قالوا إن الطفل قد يكتسب صفات وراثية من الرحم التي نشأ فيها. كما أفتى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بتحريم تأجير الأرحام بشكل قاطع. شرط الإباحة وكان الدكتور عبدالمعطي بيومي - عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر- قد أكد أن تأجير الأرحام جائز شرعاً، معتبراً أن هذا من شأنه أن يحل كثيراً من مشاكل الأمهات اللاتي يعانين العقم ويحافظ على ترابط آلاف الأسر التي ترغب في الإنجاب، لكنه وضع شرطاً لهذه الإباحة بأن يكون للزوجين فقط وليس بهدف التجارة واعتبره رخصة للزوجين قياساً على الرضاعة واعتبر المرأة صاحبة الرحم المستأجرة أماً حاضنة، في حين تكون صاحبة البويضة أماً أصلية، ويترتب على ذلك أن يحرم من تأجير الرحم ما يحرم من الرضاع؛ لأن العمليتين متساويتان. درء المفاسد وترى الدكتورة ماجدة هزاع - رئيس قسم الفقه المقارن بكلية البنات جامعة الأزهر- أن عمليات تأجير الأرحام محرمة شرعاً بإجماع الفقهاء بالرغم من وجود خلاف بين بعض العلماء على هذا الحكم على مذهبين الأول يرى بحرمة هذا الاستئجار مطلقاً، وهو الرأي الغالب، وهو رأي جميع المجامع الفقهية ومنها المجمع الفقهي الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والرأي الآخر يرى جواز استئجار الأرحام لحمل لقيحة الآخر وذهب إليه بعض العلماء المعاصرين. وأوضحت الدكتورة ماجدة أن من أدلة الرأي القائل بالحرمة قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح لما تشتمل عليه هذه الأرحام من مفاسد تفوق كثيراً المصالح، وأن إجارة المرأة المتزوجة لرحمها لحمل لقيحة الآخر لا يؤمن معه اختلاط الأنساب؛ لأنه من الممكن أن تكون صاحبة الرحم في حالة تبويض، فإذا حدث التقاء مع زوجها في هذه الفترة فهناك احتمال كبير بأن تحمل منه فتختلط الأنساب مما يترتب عليه نسبة الولد إلى غير والديه الحقيقيين، وذلك محرم شرعاً لما روى عن سعد ابن أبي وقاص رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من دعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام”. وأضافت: من الأدلة أيضاً أن في إجارة المرأة للرحم امتهان لكرامتها، وهذا يتنافى مع تكريم الله للإنسان في قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم”، هذا فضلاً عن المفاسد الناشئة عن إجارة المرأة رحمها لأكثر من أسرة في مجتمع واحد إذا رغب الأولاد الناشئون في التزاوج من بعضهم بعضاً أو من أقارب أصحاب اللقائح أو من صاحبة الرحم. وأشارت إلى أنه قد ينشأ عن هذه الإجارة خلاف ونزاع بين صاحب اللقيحة وصاحبة الرحم يتعلق ببقية أجرتها وحقها في إرضاعه، مما قد يدفعها إلى التمسك بالمولود حتى تأخذ بقية حقها، وقد يمتنع صاحب اللقيحة عن تسلمه لوجود تشوهات خلقية به أو تمتنع صاحبة الرحم عن استمرار بقائه في رحمها إذا كان بقاؤه يشكل خطراً على صحتها فتقدم على إجهاضه والقاعدة الفقهية تقول لا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال بقدر الإمكان ومقتضى أعمال هذه القواعد يقتضي عدم جواز إجارة المرأة رحمها لأنه يلحق بها ضرراً كبيراً، فإذا حملت عن طريق التلقيح الصناعي للآخرين عانت آلام الحمل والمخاض ثم لا تتمتع بثمرة عنائها وآلامها، حيث تقوم بتسليم ما عانت فيه إلى أسرة أخرى؛ ولذلك يلحق بها الضرر المنهي عنه. لا تملك رحمها وقالت هزاع إن المرأة لا تملك رحمها حتى تملك تأجيرها سواء أكانت زوجة أو لم تكن فلا يجوز لها أن تؤجرها؛ لأن الرحم متعلق بالفروج والأصل فيها الحرمة إلى أن يقوم الدليل على الحل بالزواج، كما قال تعالى “والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين”. وأما بخصوص أدلة الفريق الآخر من العلماء القائلين بجواز تأجير الأرحام، فتقول الدكتورة ماجدة هزاع: إنهم استدلوا بأن الأصل في الأشياء الإباحة ولا تحريم إلا بنص واستدلوا بقول الرسول –صلى الله عليه وسلم– “الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرمه الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه”، واستدلوا أيضاً بقوله تعالى في سورة الطلاق: “فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى”، وقالوا إنه كما أن للمرأة الحق في أن تؤجر ثديها للإرضاع، فإنه بمقتضى هذا يجوز استئجار الرحم لحمل لقيحة الآخرين. واعترضت الدكتورة ماجدة على هذا القياس، وقالت إن هذا قياس غير صحيح؛ لأن من شروط القياس ألا يكون الحكم في المقيس عليه قد ثبت على خلاف الأصل، فلا يصح القياس عليه؛ لأنه ثبت الرضاع في هذه الآية للضرورة، وذلك للمحافظة على حياة الرضيع من الهلاك وحفظ النفس من الضروريات الشرعية الخمس، ومن ثم فتأجير المرأة للرضاع جائز للضرورة، فلا يصح القياس عليه، وبذلك يكون تأجير الأرحام محرم شرعاً بإجماع الفقهاء. من الزنا وأوضح الدكتور أحمد طه ريان - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- أن التلقيح الصناعي عبارة عن قيام الطبيب المسلم الملتزم الأمين بأخذ الحيوان المنوي من الزوج ومزجه ببويضة زوجته، ثم بعد ذلك القيام بعملية الإخصاب في رحم الزوجة وهذا لا شيء فيه وأمر طيب. أما عمليات تأجير الأرحام فتلجأ إليها بعض السيدات اللاتي لديهن مشكلة ومصاعب في الإنجاب كأن يكون رحمها طفيلياً لا يتحمل الحمل فيؤتى بالحيوان المنوي للزوج وبويضة الزوجة ويستأجر لهما امرأة أخرى أجنبية يوضع في رحمها هذا التركيب الذي تم سابقاً وهذا لم يجزه أهل العلم؛ لأنه في هذه الحالة يصعب علينا تحديد أم هذا الجنين هل هي التي ولدته أم صاحبة البويضة الملقحة بالحيوان المنوي؟ كما أن إدخال مني زوج أجنبي إلى فرج امرأة أجنبية من الزنا. وناشد الدكتور ريان الزوجات اللاتي قمن بعمل فحوص طبية وثبت عدم مقدرتهن على الإنجاب بأن يؤمن بقضاء الله وقدره ولا يلجأن إلى مثل هذه العمليات المحرمة، ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد تزوج من 11 زوجة ولم ينجب إلا من السيدة خديجة والسيدة ماريا القبطية فقط. هل يتأثر الجنين بالصفات الوراثية لصاحبة الرحم؟ يقول الدكتور عبدالهادي مصباح -أستاذ المناعة والتحاليل الطبية- إن رحم المرأة غير مسؤول عن الصفات الوراثية نظرياً، ولكن هناك أشياء لا نستطيع أن نفهمها في فترة وجود الجنين في الرحم أثناء فترة الحمل، وأن الجينات المأخوذة من الحيوان المنوي من الأب والبويضة من الأم يحدث بينهما امتزاج لاختيار الصفات التي سوف يكون عليها المولود. وعلى الرغم من أن ذلك يحدث في الأيام الأولى من الإخصاب، فإن هناك بعض الجينات التي تحمل صفات معينة تكون كامنة وتحتاج إلى ظروف بيئية معينة لكى تظهرها، وهذا ما نخشاه من وجود الجنين في رحم أم غير أمه وقد يحدث تغيير وتنشيط لهذه الصفات في بعض الجينات الوراثية الموجودة بالفعل في هذا الجنين، والتي لا نرغب في ظهورها في الأحوال العادية وهذا يدل على إمكانية تأثر الجنين بالصفات الوراثية لصاحبة الرحم المؤجرة.
المصدر: أحمد شعبان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©