الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

هل ينتهي الغزل؟

15 مارس 2012
في إسبانيا حيث يكبر الصدع الاقتصادي بتهاوي الأسهم واختناق الشريان وحيث يقوى الأنين من فرط السقطات المتتالية لسوق المال وترقد جمار الغضب تحت رماد كثيف بفعل تعاظم نسب البطالة، حيث تختصر الحياة الاقتصادية في عنوان صغير «الخروج من الجنة». في إسبانيا، الناس منشغلون أكثر بما يحدث في الليجا، مهتمون بالمواجهة المجنونة التي تضع في طرف برشلونة وفي طرف آخر ريال مدريد ومنزعجون لعشرات نقط الاستفهام الموضوعة حول جوارديولا صانع ملحمة البارسا ومورينيو قائد الثورة البيضاء داخل قلعة الملكي. وللأمانة فإن ما تعرفه الليجا الإسبانية خلال آخر ثلاث سنوات من صراع طاحن بين قوتين عُظميين، من تجاذب بين قطبي الإبداع ومن فصول كر وفر بين مجرتين كرويتين غير مسبوق لا في شكله ولا في مضمونه، فإن كان برشلونة قد احتكر الألقاب الإسبانية والقارية وحتى العالمية عنوان تفوق ودليل عظمة كروية فإن الريال إزاء كل ذلك لم يكن في الأداء والمحتوى الإبداعي أقل فلكية، بدليل أنه يبدي اليوم شجاعة نادرة في ملاحقة قطار برشلونة السريع، إن لم يكن قد تقدم عليه قليلاً باعتبار صدارة الريال لليجا هذا الموسم بفارق لا يقل عن عشر نقاط. وما كان لبرشلونة ولا الريال أن يبلغا هذا المستوى الهلامي ويضعا في تاريخ الإعجاز الكروي فاصلاً أسطورياً غير مسبوق لولا وجود مدربين، وإن اختلفا في الفكر الكروي فإنهما لا يختلفان في درجة الحنكة والجدارة في التأسيس لملمح فني خارق. فجوارديولا يعيش تجربة فريدة، فقد كان كلاعب برفقة الجيل الأول للعبقرية الكروية البرشلونية وهو اليوم ملهم هذا الفيض الإبداعي، أما مورينيو فإنه برع في تكييف سحره مع كل فضاءات العرض التي كان يختارها لنفسه بدقة متناهية، ويحسب له أنه إنما جاء إلى إسبانيا ليحدث ثورة تصحيحية داخل الريال وليضع قوة تحاكي وتضاهي قوة برشلونة. وإذا كان ما يأسر عقول الإسبان اليوم هو المدى الذي ستبلغه هذه المحاكاة الرائعة بين الريال وبرشلونة على المسرح الكروي في تعقب مثير للقب الليجا وعلى المسرح الأوروبي في مطاردة أمجد الكؤوس وأغلى الألقاب، فإن ما يحزنهم أكثر من الأزمة الاقتصادية التي فرملت رحلة الرفاه هو أن جوارديولا ومورينيو أحاطا مستقبليهما مع برشلونة والريال بكثير من علامات الاستفهام، فكلاهما يتحفظ في توضيح ملامح المستقبل، ولا أحد على الإطلاق يطمئن على مصير هذا الغزل الكروي والإبداعي والفرجوي الذي قدمه لنا جميعاً جوارديولا ومورينيو إن قررا معاً الرحيل عن البارسا والريال. إن كل التعاسة التي يجلبها الصدع الاقتصادي بمختلف مظاهره للإسبان لا يصبح له وقع على الأنفس وعلى القلوب أمام سعادة غامرة تجلبها كرة قدم من العيار الثقيل كالذي يقدمه الغريمان. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©