الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجارة قبل السياسة

13 أغسطس 2009 03:23
أنهى مجلس الفيدرالية، وهو المؤسسة الدستورية التي تضم رؤساء حكومات المديريات الكندية، المناط بها تنسيق وتطوير العلاقات بين المديريات والأقاليم التي تشكل الدولة الاتحادية الفيدرالية الكندية، وكذلك تنسيق العلاقة بين أعضاء الاتحاد والمركز - الحكومة الكندية، اجتماعه الدوري الذي عُقد في «راجانيا» عاصمة مديرية مانبتوبا قبل أيام قليلة. وصدر عن الاجتماع بيان ختامي بالإجماع، اعتبر أنه «حدث» لا سابق له في تاريخ اجتماعات المجلس منذ تأسيسه. فقد تبارى رؤساء الحكومات الحزبيين (يضم المجلس الحالي الآن ثلاثة رؤساء من حزب «الأحرار» -الليبرالي- المعارض واثنين من الحزب «الديمقراطي الجديد» المعارض أيضاً لحكومة «المحافظين» برئاسة هاربر) خلال خطبهم وبيانهم الختامي في الإشادة والثناء على موقف «حكومتهم الوطنية» المعارض لخطة وسياسة الرئيس الأميركي الاقتصادية المدعومة من غالبية أعضاء الكونجرس، والتي صدر بها قانون يمنع الولايات والمدن الأميركية من استخدام أي جزء من مبلغ السبعمائة وسبعة وثمانين مليار دولار الذي منحتها إياها الإدارة، من استيراد أي منتجات أو مدخلات إنتاج أجنبية، والذي أصبح عنوانه شعار «اشتر الإنتاج الأميركي». وهذا الموقف الأميركي يمثل في نظر الكنديين خطراً داهماً على علاقات كندا التجارية مع الولايات المتحدة التي تمثل بالنسبة لهم الشريك التجاري الأول، كما أن السوق الأميركي أهم الأسواق التجارية بالنسبة للشركات والمصانع والمنتجين الكبار والصغار. وحجم التجارة العابرة بين البلدين المتجاورين يصل إلى مليار ونصف المليار دولار يومياً. ومنذ أن تسربت أخبار خطة أوباما هذه، أصبحت هذه القضية الشغل الشاغل للجميع، سواء الحكومات أوأصحاب المصالح التجارية والمالية، وبات الهجوم على سياسة أوباما في هذه القضية قاسماً مشتركاً بين كل الفرق السياسية الكندية من أقصى «اليمين» إلى أقصى «اليسار» و»الوسط»، إضافة إلى اتهامه أولاً بخذلان كندا والكنديين والعالم. وثانياً، وصفه بأنه أصبح من أعضاء نادي المعادين لحرية التجارة، والذين يريدون العودة إلى سياسات حماية المصالح التجارية الرأسمالية لبلادهم، والتي تخالف سياسة واتفاقات منظمة التجارة العالمية. وفي اجتماع «مجلس الفيدرالية» بالأمس، قال السياسي العتيق رئيس «حكومة كوبيك» وزعيم «الأحرار»: «إن الرئيس أوباما قد فشل في سياسات التمييز ضد كندا... وإنهم -أي الأميركيين- إذا لم يصلوا إلى اتفاق عادل معنا نحن أبناء عمومتهم وجيرانهم الأقرب وأصدقائهم وحلفائهم، فكيف يمكن لهم أن يقنعوا دول العالم الأخرى بصدقهم وجديتهم تجاه حرية التجارة الدولية. وهذه الخطة السيئة سترغمنا على إعادة النظر في اتفاق عام 1988 بيننا وبينهم، والطبيعي أيضاً من إعادة تقييم اتفاق النافتا (اتفاقية التجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية المعقودة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والتي ستعقد قمتها في العاصمة المكسيكية هذا الأسبوع، وسيكون ذلك اجتماع يشارك فيه الرئيس أوباما)». وقال: «إننا جميعاً متفقون على دعم وتأييد موقف رئيس حكومتنا ونطلب من كل الكنديين أن يتحدثوا بلسان واحد معهم وأن ينصحوا أصدقاءنا الأميركيين بأن هذا الطريق والسير فيه لن يؤثرا فقط على مصالح العاملين الكنديين وحدهم، بل ستكون آثارهما على مصالح العمال الأميركيين. وعلى قادة النقابات والمنظمات الأهلية أن يتحادثوا مع نظرائهم الأميركيين وأن يبينوا لهم الآثار السلبية والضارة التي ستعود علي الجميع». وعندما يلبي «هاربر» الشهر المقبل دعوة الرئيس الأميركي في أول لقاء رسمي لهما في واشنطن في البيت الأبيض، فإن الأول سيذهب وهو مطمئن أن حكومته، التي تدهورت مكانتها في الأشهر السابقة ستجد فسحة من الوقت، تحاول خلالها استرداد بعض من مواقع ومعالجة المشاكل الصعبة التي تواجهها، خاصة على صعيد ارتفاع حدة مستوى البطالة والتوتر الاجتماعي، الذي تزيد حدته نتيجة هذه الحالة الاقتصادية. والعبرة والدرس المستخلص من اجتماع مجلس الاتحاد (اجتماع رؤساء حكومات المديريات الكندية) أن العقلاء عندما يجدون بلدهم في أزمة خطيرة تهدد استقرار حياتهم ومعاشهم، فإن العقل يدعو لخلع رداء الحزبية والمصالح الضيقة، ويتوحدوا في مواجهة الأزمة. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©