الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبلة الكحلاوي: حواء لها حق اختيار الزوج.. والرجل بين «المرأة الحديدية» و«اللعبة»

عبلة الكحلاوي: حواء لها حق اختيار الزوج.. والرجل بين «المرأة الحديدية» و«اللعبة»
13 أغسطس 2009 23:21
الزواج والطلاق في الشريعة الإسلامية كان محل اهتمام د. عبلة الكحلاوي عميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر التي أعدت بحثاً عنوانه «قبس من هدي الشريعة في الزواج والطلاق والخلع». في بداية بحثها عرفت د. عبلة الكحلاوي الزواج كما جاء في كتاب الله: قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم».. وقالت د. عبلة إن الله سبحانه وتعالى أودع سر الخلق في مشيئته الممثلة في الذكر والأنثى لينبثق ما يعمر به الكون حتى تقوم الساعة، وجعل سبحانه الزواج وثاقاً يوحد بين قلبي الرجل والمرأة، ويمزج بين روحيهما وبدنيهما في معزوفة مطهرة نقية تكفل الأمن والأمان، وتشيع الطمأنينة والوئام. لفظ النكاح عن تعريف الزواج قالت د. عبلة إنه عند أهل اللغة هو أن الزواج يعنى المخالطة، يقول تعالى «وإذا النفوس زوجت» أي قرنت بأعمالها، وأيضا قوله جل وعلا «وزوجناهم بحور عين» أي قرناهم بهن، كذلك يتضمن نفس المعنى قوله تعالى «احشروا الذين ظلموا وأزواجهم» أي قرناءهم، ومن أقوال العرب الشهيرة في هذا الصدد قولهم «تزوجه النوم» أي خالطه. أما لفظ النكاح فهو المسمى الثاني للزواج، والذي ورد ذكره كثيرا في القرآن والسنة وكتب التراث. وعرفه فقهاء اللغة بأنه حقيقة الوطء، ومنهم من أطلقه على العقد دون الوطء، وقيل: النكاح، ورد بمعنى الضم والتداخل ومنه نكحت السبر في الأرض إذا حرثتها وبذرتها فيها، ونكح المطر إذا خالط ثراها ومنه تناكحت الأشجار إذا تمايلت. معنى وتعريف الزواج وقد اصطلح الفقهاء على إطلاق لفظ النكاح أو التزاوج على العقد على أرجح الأقوال، ومن ذلك قولهم في تعريفهم الاصطلاحي للزواج : إنه عقد يفيد حل استمتاع كل من الزوجين بصاحبه على الوجه المأذون فيه شرعاً. وعرف البيولوجيون الزواج من وجهة أصلية في نشأة الكون، فالذكورة والأنوثة جوهران بيولوجيان متلازمان كتلازم جوهرين كيمائيين في مادة واحدة أودعتهما المشيئة سر استمرارية السلالة البشرية. أما علماء الاجتماع فلهم عدة تعريفات للزواج، إذ لا يخرج من كونه علاقة جنسية واقتصادية منظمة تكفل لكل من الزوجين حقوقاً وواجبات مالية واجتماعية، كذلك تضمن لنتاج هذه العلاقة الرعاية الاجتماعية والمادية، وقيل: الزواج نظام اجتماعي جوهري مقيد بشرائع دينية وتقاليد وأعراف تتغير بحسب تغير الشعوب. ويرى علماء النفس أن الزواج استقرار نفسي للفرد وللجماعة، وقد أيدت الإحصاءات العديدة أفضلية الزواج عن حياة العزوبة لضمان صحة نفسية سوية، غذ ثبت أن معدل عمر المتزوج يفوق عمر الأعزب بتسع عشرة سنة، كذلك أثبتت الإحصاءات أن اتصالاً وثيقاً بين العزوبية والجنون ففي كل مائة مجنون ثلاثة وثمانون من العزاب، بينما 17% فقط من المتزوجين. وعرف علماء الطب الزواج بأنه ضمانة أكيدة للصحة عامة نظرا لتنظيم رغباته وتوفير احتياجاته في جو مستقر، وبالطبع تجنب الفرد لمهلكات البدن سواء تناول أطعمة المطاعم أو التنقل بين دور اللهو والمقاهي. لعبة في الفراش وأضافت د. عبلة أن الزواج في القرآن الكريم كان واضحاً في كتاب الله «والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة» سورة النحل 72، «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة». سورة الروم 21. أما في السنة: ما رواه حميد بن أبي حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، فكني أصوم ,أفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. قول الرسول صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع منكم فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري.. وعن مراحل بناء الأسرة كما تراه د. عبلة الكحلاوي بأنها تقوم على أكثر من مرحلة الأولى مرحلة الاختيار كلمة الحياة من مباديها إلى مساريها. فما أودعنا الله عقلا هاديا كاشفا، وما حبانا هذه الجذوة الإيمانية التي تضئ القلوب والأرواح إلا لكي نبلغ بها البداية الى الطريق فهناك من يختار شريكه بعينه، فالشاب يقبل على ذات الدلال والجمال باحثا عن دقة التقاسيم وملاحة القد. بينما تختار الفتاة شابا وسيما فتيا قويا. وعندما تقدمت الإنسانية وارتقت خيارات الإنسان بدأ العقل دوره في الاختيار، وفي حصر المثالب والمحاسن. ثم بدأ الاختيار يخضع لأعراف وتقاليد وطقوس دينية أيضا. حتى وجد من يفضل المرأة القوية «الحديدية»، التي تعينه على مهام الحياة عن الأخرى التي لا دور لها إلا أن تكون لعبة في الفراش. ثم تبارى الرجال في البحث عن الحسناء مع شهادة ضمان أنها ولود فلا يهم إن كانت ثيبا قدر أهمية كونها ولادة. الاختيار في الإسلام الحق أنه لم يحظ اختيار الزوجين في شريعة من الشرائع السماوية أو الوضعية قدر ما حظي في الإسلام. فسنجد النظرية الإسلامية في الاختيار تبدأ من منطلق إيماني، وهنا تنصهر معاني شتى في بوتقة هذا المبدأ فأساس المفاضلة التقوى لتنتهي بضمان ا اتباع التكليفات، وبلوغ المقصود من الزواج فالإسلام يحث على اختيار نوعية الطرفين، والنظر المتريث في اختيار الشريك المصاحب لرحلة العمر باعتبار منطق الحب لا منطق الصفقة. وهناك العديد من التوجيهات الراشدة الحاسمة معا، التي تفرض على المسلم أن يصحح منظوره في اختيار شريك الحياة وتضعه دوما في منطقة التعقل والوعي إبان الاختيار. ويوقن أن المال عرض زائل. متغير «الذهب ذهاب والفضة انفضاض»، ويدرك أن الحسب والنسب مقياس ترابي لا يقيم معوجا ولا يصلح من فسد خلقه وطبعه، وكلها مجتمعة لا ترقى لأن تكون نصفا في شركة رأسمالها الحب ودعائمها المودة والرحمة وحسن العشرة، من هذه التوجيهات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك، ومنها «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني» ومنها «من تزوج امرأة لعزها لم يزده إلا ذلا ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا ذلا، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره، ويحصن فرجه، أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه»، ومنها «لا تتزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تتزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل» ومنها «من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء» ومنها «إياكم وخضراء الدمن، وعندما سئل عن خضراء الدمن قال: «المرأة الحسناء في المنبت السوء». من تختار المرأة؟ على أن الشريعة لم تغفل دور المرأة في اختيار الشريك كشأن الشرائع الأخرى، بل أوجبت على الولي مشورتها وسماع رأيها، وأن يرضى باختيارها إن كان كفئا لها. كما ألزمت الشهود بتحري الدقة في سماع موافقة الطرفين دون إكراه أو إجبار. ومن التوجيهات الراشدة في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن» ومنها «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». اغتربوا ولا تضووا ثم يوجهنا الإسلام الى الوجهة الصحيحة وذلك حينما يأمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالاغتراب عند الاختيار للزواج، وما ذلك إلا حرصا على سلامة الأبناء من الأمراض والعاهات الوراثية، ومن التوجيهات النبوية في هذا الخصوص قوله صلى الله عليه وسلم «اغتربوا ولا تضووا» وقوله أيضا «لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاوياً». عن الخطبة قالت د. عبلة الكحلاوي بأنها جاءت بها تعريفات في كتب اللغة بكسر الخاء أي الشأن أو الحال أو الأمر المهم. أما التعريف الاصطلاحي فهي تعني في مجمل أقوال الفقهاء التماس النكاح ممن يعتبر منه. فالخطبة تعني طلب الرجل الزواج بامرأة سبق له اختيارها عازما الزواج بها لتكون رفيقة عمره يرجو معها الحياة الطيبة والذرية الصالحة وغالبا ما يقرأ العاقدان فاتحة الكتاب، ويقدم الخاطب الهدايا ويتدخل العرف بحسب يسار وإعسار الخاطبين وكذلك بحسب اختلاف الظروف البيئية.. وقد تعورف الآن ارتداء الخاطبين لخاتم الزواج وهو أمر مباح إن التزم شرع الله فلا يتجاوز الحلال الطيب بإقامة الحفلات الصاخبة وتقديم ما فوق الطاقة. عقد الزواج وشروطه عقد الزواج ينعقد بكل ما يدل على إرادة العاقدين، فلا يلتزم العاقدان بألفاظ معينة إذ أن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، غير أنه يتعين أن تكون تلك الألفاظ دالة على انصراف إرادة العاقدين الى الزواج وعلى ذلك فينعقد الزواج إذا كان الإيجاب والقبول بلفظ النكاح أو التزويج. وشروط العقد أربعة: 1- شرط انعقاد وشرطه اتحاد مجلس الإيجاب والقبول وتوافق القبول للإيجاب، وأن يكون طرفا العقد معلومين مميزين. 2- شروط صحة بأن تكون المرأة غير محرمة عليه تحريماً مؤبداً أو مؤقتاً، وأن يحضر العقد شاهدان رجلان أو رجل وامرأتان. ويجوز في الزواج من الكتابية أن يكون شاهدا عقدها من أهل ملتها. 3- شروط نفاذ العقد يشترط لنفاذ عقد الزواج أن يكون الزوجان بالغين عاقلين، وعلى ذلك فزواج الصغير أو المعتوه المميزين ينعقد موقوفاً غير نافذ، فإذا أجازه الولي نفذ وإلا لا ينفذ. 4- شروط لزوم العقد يشترط في عقد الزواج إذا باشرته الزوجة الكبيرة العاقلة أن يكون الزوج كفؤاً وبمهر المثل، فإذا كان الزوج غير كفء وتزوجها بأقل من مهر مثلها جاز للولي أن يطلب من القاضي الفسخ. عن ثمرات الزواج قالت الدكتورة عبلة: الولد البار.. فلن تجد الأبوة قابلا مستجيبا من البنوة المدربة على البر والإحسان والطاعة إلا إن كانت موئلا للنقاء والطهارة والعفة، تهيمن عليها ظلال السكن والمودة. أما ثمرات الزوجية الروحية فهي الوقوف بجوار الشريك في الملمات والحفاظ على مشاعره إذا أعسر ولو بإعطائه من مالها. وفي ذلك يقول أكثر الفقهاء (إن الرجل إذا أعسر وكانت زوجته غنية وجب عليها أن تنفق عليه، وذلك عملا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله رداً على زينب الثقفية عندما سألته عن مدى جواز إعطاء الزوج المعسر من مال الصدقة فقال: «لك أجران أجرا لقرابة وأجرا لصدقة». (رياض الصالحين). الإعفاف أما عن حق كل من الزوجين في التمتع بصاحبه قالت: المعلوم أن الإعفاف من أهم مقاصد الزواج. بل ومن مبتدأ حسن العشرة، ولهذا قد يترتب على هذا الالتقاء الحسي ما من شأنه أن يحفظ ويقوي بيت الزوجية أو يهدمه ويقوضه من أساسه، لهذا توالت الوصايا برعاية هذه العلاقة بدءاً من مقدماتها وضوابطها وأوقاتها. فنهى المرأة عن الامتناع عن فراش زوجها لغير سبب، ورتب على عصيانها عقاباً شديداً. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر. قول الرسول الكريم: «ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا. رجل أم قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها، وأخوان متصارعان».
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©